بعضُ ما خبأتهُ الرياض
1
أتسكع بسيارتي الجديده في الشوارع الفسيحة وأفكر :
لماذا أنتي موحشةٌ أيتها الرياض ، لماذا يكون الضجر سيد أوقاتك دائماً !؟ كأن سمائكِ تمطرُ الملل كل لحظة!
اعتدتُ في أوقات فراغي الكثيرة أن أقطعها من شرقها لغربها على غير هدى، جميلةٌ هذه العزلة ، ثمة فرق بين العزلة و الوحده ..
الوحده أن تكون منبوذاً من الآخرين ،
العزلة أن تجعل مِنك أنتَ رفيقاً لأوقاتك غير عابيءٍ بدعوات من حولك !
أتسكعُ على أنغام الموسيقى المنبعثة في هدوء ، غالباً ماتكون الأغاني التي أختار سماعها ميّالةً للشجن ، ذائقتي لا تختارُ إلا أصحاب الحناجر الحزينه والموسيقى الباكيه، فريد عبادي سلامة موسيقى بيتهوفن بيانو سازبيلمان هؤلاء الخمسة لا يمكن أن يجتمعون إطلاقاً إلا في سيارتي ، الحزن يجمعهم ويوحد فنهم !
أتسكع، فإذا أعياني الإرهاق والضيق توقفتُ إما عند مقهىً على قارعة طريقٍ أنيق ، أو زرتُ شقة صديقٍ لأجاذبهُ الأحاديث المكرورة المملة ..غالباً لا يكون هذا الإختيار صائباً لأني أجد في حضرتهِ غرباءاً يحيلونني لأخرسٍ يستمع فقط ، لا أجيد الحديث مع الغرباء !
من حينٍ لآخر أتوقف عند ماجد ، صديق الدراسة القديم ، لديه محلٌ للكمبيوتر يستقر فيه من العصر حتى الليل ، مع أن احاديثه لا تعجبني كثيراً لأن غالبيتها عن البرامج والنظم التي لا أفهم فيها شيئاً! مع ان صمتهُ طويل لإنشغاله في صيانة الأجهزة التي تتكدس في مستودعه ، إلا إنهُ مكانٌ للإسترخاء حيناً والقراءة أحياناً أخرى ، حجةٌ أدفع بها ضجر اليوم العاصميّ الطويل !
وأتوقفُ عند المحل ، هاهو ماجد مطرقُ الرأس منهمكاً مع جهازٍ في يده ، لم ينتبه لسيارتي التي توقفت أمام الباب ، وعلى صوت البوق المنبعث من سيارتي جراء قفلها بجهاز التحكم عن بعد / يرفع رأسه ! رآني ، يشير لي بيده ضاحكاً .. أدفعُ الباب في رتابه ..تنقر زجاج الباب أصوات الدناديش المعلقة فوقه ، صوتٌ ممل أحفظه جيداً .. يقوم ماجد باشاً فأصافحه في رتابه مدعياً الحماسة ..ممسكاً في يدي برواية أحلام التي لم أكملها .. حملتها معي لأني أعلم أن حفاوة صديقي ستقل شيئاً شيئاً حتى ينسى وجودي نهائياً جراء استغراقه في أجهزته اللعينه ..
كعادتي كل مرة ، اتخذت مقعداً وجلست، أقلب عيني في المكان وأرقب السيارات المسرعة على الطريق ،أو مستمعاً لزبائن ماجد الذين يجيدون الثرثرة في كل شيء إلا الأحاديث الممتعة !
مرت ربع ساعة ولم يخذلني ماجد، لم يخيب ظني هذا العالِم الأصلع ، تحدثنا قليلاً ،ثم رويداً راح يفك ويربط و ينقر على الكيبورد ويحمل ويبدل ... وكأن الكرسي المجاور فارغ، نساني كعادته !
ها قد طابت القراءة ، لمثل هذه الأوقات خُلقت القراءة ، أضع قدماً على الأخرى ، وأروح أقرأ .." ذاكرة الجسد " ..
هذه الرواية تسرق اللب ، كما تأخذ ماجد هواية الأجهزة اللعينه أخذتني هذه الأوراق لعوالم أخرى : المحارب الرسام ذو الذراع الوحيده والثورة الجزائرية والسي طارق وقسطينه ..
رحت أسبح مع أحلام حين راح يسبح ماجد مع صيانته التي يحب ..
ترتفع أصوات الدناديش مرةً أخرى والباب يُفتح ، يقبل أحد الزبائن ويقوم ماجد .. وأنا المستغرقُ مع أحلام كجمادٍ لا يدري ما حوله .
ما أجمل هذه الرائحة .. رفعت رأسي :
ملاكٌ يحملُ جهازاً يكاد أن يقطع نفَسَه ، هذه الرقة لا ينبغي لها أن تحمِل إلا أنوثتها فقط .. يا للفتاة الحسناء ..
أقبلت ناحية الصديقين ، الغارقيَن في الصمت على الطاولة الرصاصية .. قالت بصوتٍ خفيض جميل : مساء الخير !
وأنا أسترق النظر من فوق الأوراق قلتُ بصوتٍ لا يكاد يبين : مـ ساء الـ نو ر !
:
:
2
كانت تقفُ طاعنةً هذا الفضاء بقوامها الممشوق، جسمها متموسقٌ لدرجة القتل ، ترتدي عباءةً طُرّزت لتزيدها فتنة ، كأنما كانت هذه العباءة إكسسواراً آخر للأناقة لا للستر ..
هذا الكحل الذي يلامسُ عينيها هو الشيء الأكثر حظاً في الدنيا .. ومن خلف نقابها تنحسر رؤوس وجنتيها كشمسين آذنتا بمغيب ..
وقفت كأنما تستفز الصبر .. رائحة عطرها كانت تحيل المكان جنة .. كلما تحركت انحسرت عبائتها عن بنطالٍ أزرق يطل كسوط عذاب !
وضعتْ اللابتوب فوق الطاولة ، كانت يدها السمراء قريبة مني لدرجة الرعب ،سمّرتُ أنظاري على أناملها الرقيقة وأظافرها التي يتراقص فيها لون التوت ..
في بلدٍ آخر ، من السخف أن يلفتك الجمال الجزئيّ ، هناك في البقاع البعيده .. يُكشف الستار عن الجمال كله ، تشاهده في كل طريق .. تتماشى معهُ لدرجة الروتين !
في الرياض ، الأمر مختلف .. هذا المنظرُ يعتبرُ ترفاً لأمثالي .. هذه اللمحات من الجمال تشعرك بالنشوة بالإرتواء ثم .. البكاء !
كانت تخاطب صديقي عن جهازها المملوء بالفايروسات .. وكنتُ أقول في نفسي: بربكِ أتلومينها ؟
لو كنت فايروساً مااخترتُ إلا جهازك .. لسكنتهُ و تأملتكِ ساهمةً أمام الشاشه وشممت عطرك كل ماانثنيتي و صافحت يديك كلما نقرتي على لوحة المفاتيح !
لا قوة في الدنيا ستخرجني .. ولا حتى هذا الماجدُ عدوّ الفايروسات الأول !
في بلدٍ مثل الرياض .. يُترك الحديث للعيون .. هذه الأعينُ لها أبجديةٌ خاصه .. كانت عيني تتكلم كثيراً .. تخاطبها تدللها تسائلها ..
كلما التقت عيناها بعينيّ صرفتُ نظري لأي جهة .. ثم أعود ناحيتها تاركاً الحديث لعيني !
كان نظري كذبابةٍ لعينة .. كلما صرَفتها بيدها ونستها قليلاً .. عاود الطيران والوقوع في ذات المكان !
أيتها السمراء ألا تسمعين دويَ انفجارات قلبي ؟ انظري لأشلاء الشاب المتحطم أمامك !
ليستْ مشكلتكِ هذا الحاسوب اللعين ..تباً له ، هناك بني آدم .. روحٌ تُزهق !
لطالما قلتُ لأصدقائي أن السَمار أجملُ ما تتحلاهُ أنثى .. لطالما نافحتُ عن هذا اللون كأفخم صنفٍ في قائمة ألوان الوجوه ..
كانوا يقولون : البيضاءُ أجمل .. فأفلسف الجمال كأغريقيّ :
نعم للبياض قدسيّته ، لكن أمامهُ ، وفي أسوأ أحوالك ، تستطيع أن تملك زمام أمورك ..
السمراء وحدها من تمرّ بك فتجعلك تطلق تنهيدةً مسموعة كما لو كانت روحك تنسلّ من جسدك !
أينهم هؤلاء الأصدقاء المتفيهقون ، آه لو كانوا هنا .. لقدموا لي الإعتذار واحداً تلو الآخر !
من زحمة أفكاري أفقتْ ، لا أدري أين ذهبَ ماجد .. دخل إلى المستودع الخاص به وتركنا لوحدنا .. راح وأتى إبليسُ ثالثنا !
كان شيطان الغواية يصرخ بي : كلمها يا مغفل !.. والشاب المغفل يجيب : ماذا أقول ،كيف أبدأ !
يعاود الإلحاح : ستندم .. إن ذهبتْ هكذا ستندم .. خاطبها ادعُها للجلوس يا مغفل .. انظر لقد تبرمت من الوقوف !
قفزتُ ملقياً كتابي الذي نسيته مفروداً على ركبتي، قربتُ لها مقعداً وقلت:
- تفضلي بالجلوس ..
ابتسمتْ وقالت شكراً ... قلت في نفسي : ينبغي أن يأتيَ الشكر من الكرسيّ !
عاد ماجد .. تباً للحضور الرديء .. كنتُ سأسألها عن جهازها وقيمته إستدراجاً للحديث ليس إلا ..
أنا آخر من يهتم بهذه الكمبيوترات .. فقط هذا اليوم شعرتُ أنني بحاجةٍ لأدرك بعض جوانبها وأعرفها أكثر ..كنتُ سأفتح محاضراتٍ عن هذه الحواسيب الغبية !
لسوء حظي ،حين كنتُ أنوي سؤالها عاد ماجد ..
عاد يحملُ جهازاً آخر ، أعطاهُ لها .. شكرتهُ وانصرفت !
خرجتْ كمصارعٍ قويّ .. أردى خصمه طريحاً على الحلبة وخرج ..لم أكلفها إلا دقائق ، هزمتني و دق الجرس وانتصَرت !
لن تعود .. سحقتني وتركتني للشقاء .. ستذهب لأمها لغرفتها لتخاطب صديقاتها و تلهو وتنام كأنما لم تفعل شيئاً..
هكذا هنّ الفاتنات، هذا كل ما يتقنّ إجادته.. يفطرن القلوب .. يسلبن النظر .. يجندلن الخصوم دون حتى أن يعرفنَ عن المعركة الدائرة شيئاً !
هه ياللبراءه
دقيقتين من الوجوم ، شعرتُ بأن المحل بات صحراء مجدبه بعد أن كان واحةً غنّاء..
قررتُ الخروج ، شعرتُ أنها أخذت معها الأكسجين من هذا الحيّز وانصرفت ،
أخذتُ كتابي مبتسماً ..
عندما جاءت كنتُ أقرأ الصفحة الثمانين في رواية أحلام، انصرفَت وأنا في ذات الصفحة !
وأنا أترنحُ في طريقي للخروج ، لمحتُ جهازها الذي غادرتْ بدونه ..
سألت ماجد في لهفة : هل ستعود ؟!
أخبرني أنه أعطاها بديلاً ريثما يصلح هذا .. ستعود لتأخذه بعد العشاء !
هتف إبليس في رأسي على الفور : لم تنتهِ المعركة ياصديقي .. احشد قوّاتك.. أمامك فرصةٌ أخرى!
رددتُ على الفور وأنا ابتسمْ :
موعدنا العشاء ، أوَليس العشاء بقريب !
:
:
3
أقفُ مجدداً أمام باب محلّ ماجد .. عاد من صلاة المغرب حينَ عدتُ من بيتنا للتوّ .. ذهبتُ وارتديتُ أجمل مالديّ ، نعم أظنني قررتُ التهوّر !
أن أندم على ما أفعل خيرٌ من الندم على ما لم أفعل !
ليس من عادتي حين أخرج من عندِ ماجد أن أعود له في ذات اليوم ، أحتاجُ أسبوعاً على الأقل لأكرر الزيارة ..
أن أزورهُ بعد ساعه من مغادرتي هذا غيرُ مألوف ..قبل أن يسألني قلتُ مبتسماً :
-اشتقتُ لك !!
دخلنا ، كان صوت الدناديش الناقرة على الباب هذه المرة صوتاً أشبه بتغريد العنادل في الشروق ..
لم يكن مملاً ، هذا الصوتْ سيكونُ بعد ساعة أشبهَ بمعزوفةٍ تزفّ مقدم الحسناء التي سلبتني عقلي ..
صوتُ أذان العشقِ رافعاً نداء الجمال أن حيّ على الحب أيها الأبله !
جلستُ وفي بالي يعتملُ ألف سؤال ، كيف أشرحُ لماجد المتعقل ما أنا بصدده !
ماجد صارم ، رجلٌ يعشق العمل ويحترمُ زبائنه كأنهم أبناءه .. أن أقول لهُ أني عشقت زبونتك كأني أنتهكُ حرماته !
هو من النوعِ الجاد ، شابٌ كان ينبغي أن يكون في ألمانيا مثلاً .. في اليابان ، في العالم المتقدم .. وجوده في الرياض غريب ، هو لا يواكب الموجة الشبابية أبداً ..
تنحنحتُ وسألته :
- ماجد ، منذ كم ونحن نعرف بعضنا ؟!
وبلهجةٍ جادة أجاب - منذ المتوسط !
قالها بلا مبالاه ، قالها وهو يقلّب رُكام هذ الحديد يبحثُ عن قطعه كما لو كان يبحثُ عن ذهب !
أمسكتُ بذراعه وأدرتهُ صوبي :
- أعرفكَ وتعرفني منذ عشر سنين .. هل تعلم ماهي عشر سنين ؟ مئات الأسابيع .. آلاف الساعات !
- وإذا ؟!
اللعنه على صرامتِك ليس وقتها الآن أيها الرجل البفاريّ !
- بعد كل هذه الصداقة يا ماجد ، لو احتجتُ منك مبلغاً من المال أتساعد ؟!
- بالتأكيد ، محتاج كم ؟
- لا شكراً ، دعني أواصل ، لو رأيتني أُضرب في هذا الشارع الذي أمامك ، أكنت تتخلى عني ؟!
- ههه أجننت ؟ طبعاً لا
- ماجد ، لا أريد منكَ مالاً ولا أن تقاتل من أجلي أحداً .. أريد ربع ساعة فقط !
- ؟
- بحق السنين الماضيات ، بحق الساعات الطوال ، بحق هذه الصداقه .. حين تأتي زبونتك صاحبة هذا الجهاز توارى في مستودعك ربع ساعة !
- ............
- لنفرض أن أمك استدعتك لضرورةٍ ملحة ، أكنت تبقى في المحلّ ولا تخرج ؟ يا سيدي اِعتبر أمك استدعتك ربع ساعة ، واتركني معها قليلاً !
- ههههههههه جاد ؟
- نعم ، أرجوك دعني أغامر ، كنتَ على وشك أن تقرضني مالك الآن ، شكراً ، لا أريد .. أقرضني فقط ربع ساعه من وقتك حين تأتي،
دعني أدير المحل بدلاً عنك لدقائق ، هل سألتك من قبل خدمة ؟ أرجوك لا تصفعني بالرفض يومَ فعلتْ ، بحق صداقتنا يارجل !
أقسمتُ لهُ أني لن أتهوّر بأكثر من الكلام ، سأعرض عليها صداقتي ليس أكثر !
أقسمتُ له كتعهدٍ رسميّ ان أتحمل كافة الضرر ومايترتبُ على حماقتي من نتائج وأنهُ ليس داخلاً في خيوط اللعبة أبداً !
وعلى وقعِ صوته وهو يقول : طيب، لك ربع ساعة مو أكثر !
.. رحتُ أتنفسُ الصعداء غير مصدق .
ما هو الإنتظار ؟ هو طريقٌ محفوفٌ بالغيب ، أن تنتظر ، هذا يعني أن تتأرجح طويلاً بين شعور اليأس وشعور الأمل !
بعد إقناعي لماجد دار حديثٌ عاصف أشد ضرواةً مع نفسي .. نشبت حربٌ ضروس بين الخير والشر في اعماقي
كان جانبي الطيّب ، ملاك الخير الذي تلقّى تربيته في بيتنا وكبُر على نصائح والديّ يهتف بي :
- ماذا تفعل أيها المجنون .. أقلع عن نواياك في الحال ، هذا عملٌ لا يليق بك أبداً !
ويهتفُ جانبي السيء ، ملاك الشر الذي تربّى في ردهات الشوارع متسكعاً كل هزيع ليل :
- بطل ، الهروب جبن ، سحَقتكَ في الأولى دون مقاومة ، اثبُتْ لها في الثانية ، وما الحياة إلا التجاربْ !
نعم صفعتني ، لم يكن مجيئها الأول إلا صفعه !
وأعلم أني أقل من إتقان الرد بذات الفعل والتأثير ، لكن يكفيني على الأقل أن تشعُر أن المصفوع لم يسكتْ !
أحياناً تخذلنا القوة ، لكنَ التعبير عن الإضطهاد وصوتُ الإعتراض ليس حكراً على الأقوياء فقط !
لن أكونَ نملةً في بيتٍ حقير يطأها من يطأها ولا يشعرُ بها ..
أريدُ أن أكون على الأقل تلك النملة التي لم يمنعها ضعفها أن تقف لجيش سليمان !
حوار الذات هو أشرسُ حوارٍ على الإطلاق،
أأنتظر ؟ أم أنسى الأمر برمته ..
إنقسمتُ بين هاتين الفكرتين ، كل واحدةٍ تملكُ ألف حجةٍ مقنعة !
وباولو كويلو ذاك اللعين ، كأنه ينظر لحيرتي من بلاد السامبا، كأنهُ رآني يوم قال :
الإنتظار مؤلم ، والنسيان كذلك .. لكن أسوأ أنواع المعاناة هو اتخاذ قرار انحيازك لأيٍ منهما !
نعم أسوأ مافي هذه الحيرة النفسيّة إتخاذ قرارٍ نهائي ، إما المغامرة وإما الإنسحاب ..
لكن مهلاً ..
كل القراراتِ الناجحة في هذه الدنيا ، كل هذه الأفكار العظيمة في العالم ،
كل المشاريع التي أثبتت جدواها عبر التاريخ والجغرافيا..
ماكانت لتظهر لولا كسرُ الخوف !
ماكانت لتكون أساساً ، لو وقع أصحابها فريسةً لأنياب الخوف ،
لا نجاح إلا بعد تخطي الخوف ، بعد الإنطلاق يكمنُ التقييم ليس قبله !
يا سيد كويلو ، يا سيد ماجد ، يا أيتها الحواسيب، يا هذه الدنيا:
لقد قررتُ الإنتظار ! أقبلي أيتها الفاتنة
أتسكع بسيارتي الجديده في الشوارع الفسيحة وأفكر :
لماذا أنتي موحشةٌ أيتها الرياض ، لماذا يكون الضجر سيد أوقاتك دائماً !؟ كأن سمائكِ تمطرُ الملل كل لحظة!
اعتدتُ في أوقات فراغي الكثيرة أن أقطعها من شرقها لغربها على غير هدى، جميلةٌ هذه العزلة ، ثمة فرق بين العزلة و الوحده ..
الوحده أن تكون منبوذاً من الآخرين ،
العزلة أن تجعل مِنك أنتَ رفيقاً لأوقاتك غير عابيءٍ بدعوات من حولك !
أتسكعُ على أنغام الموسيقى المنبعثة في هدوء ، غالباً ماتكون الأغاني التي أختار سماعها ميّالةً للشجن ، ذائقتي لا تختارُ إلا أصحاب الحناجر الحزينه والموسيقى الباكيه، فريد عبادي سلامة موسيقى بيتهوفن بيانو سازبيلمان هؤلاء الخمسة لا يمكن أن يجتمعون إطلاقاً إلا في سيارتي ، الحزن يجمعهم ويوحد فنهم !
أتسكع، فإذا أعياني الإرهاق والضيق توقفتُ إما عند مقهىً على قارعة طريقٍ أنيق ، أو زرتُ شقة صديقٍ لأجاذبهُ الأحاديث المكرورة المملة ..غالباً لا يكون هذا الإختيار صائباً لأني أجد في حضرتهِ غرباءاً يحيلونني لأخرسٍ يستمع فقط ، لا أجيد الحديث مع الغرباء !
من حينٍ لآخر أتوقف عند ماجد ، صديق الدراسة القديم ، لديه محلٌ للكمبيوتر يستقر فيه من العصر حتى الليل ، مع أن احاديثه لا تعجبني كثيراً لأن غالبيتها عن البرامج والنظم التي لا أفهم فيها شيئاً! مع ان صمتهُ طويل لإنشغاله في صيانة الأجهزة التي تتكدس في مستودعه ، إلا إنهُ مكانٌ للإسترخاء حيناً والقراءة أحياناً أخرى ، حجةٌ أدفع بها ضجر اليوم العاصميّ الطويل !
وأتوقفُ عند المحل ، هاهو ماجد مطرقُ الرأس منهمكاً مع جهازٍ في يده ، لم ينتبه لسيارتي التي توقفت أمام الباب ، وعلى صوت البوق المنبعث من سيارتي جراء قفلها بجهاز التحكم عن بعد / يرفع رأسه ! رآني ، يشير لي بيده ضاحكاً .. أدفعُ الباب في رتابه ..تنقر زجاج الباب أصوات الدناديش المعلقة فوقه ، صوتٌ ممل أحفظه جيداً .. يقوم ماجد باشاً فأصافحه في رتابه مدعياً الحماسة ..ممسكاً في يدي برواية أحلام التي لم أكملها .. حملتها معي لأني أعلم أن حفاوة صديقي ستقل شيئاً شيئاً حتى ينسى وجودي نهائياً جراء استغراقه في أجهزته اللعينه ..
كعادتي كل مرة ، اتخذت مقعداً وجلست، أقلب عيني في المكان وأرقب السيارات المسرعة على الطريق ،أو مستمعاً لزبائن ماجد الذين يجيدون الثرثرة في كل شيء إلا الأحاديث الممتعة !
مرت ربع ساعة ولم يخذلني ماجد، لم يخيب ظني هذا العالِم الأصلع ، تحدثنا قليلاً ،ثم رويداً راح يفك ويربط و ينقر على الكيبورد ويحمل ويبدل ... وكأن الكرسي المجاور فارغ، نساني كعادته !
ها قد طابت القراءة ، لمثل هذه الأوقات خُلقت القراءة ، أضع قدماً على الأخرى ، وأروح أقرأ .." ذاكرة الجسد " ..
هذه الرواية تسرق اللب ، كما تأخذ ماجد هواية الأجهزة اللعينه أخذتني هذه الأوراق لعوالم أخرى : المحارب الرسام ذو الذراع الوحيده والثورة الجزائرية والسي طارق وقسطينه ..
رحت أسبح مع أحلام حين راح يسبح ماجد مع صيانته التي يحب ..
ترتفع أصوات الدناديش مرةً أخرى والباب يُفتح ، يقبل أحد الزبائن ويقوم ماجد .. وأنا المستغرقُ مع أحلام كجمادٍ لا يدري ما حوله .
ما أجمل هذه الرائحة .. رفعت رأسي :
ملاكٌ يحملُ جهازاً يكاد أن يقطع نفَسَه ، هذه الرقة لا ينبغي لها أن تحمِل إلا أنوثتها فقط .. يا للفتاة الحسناء ..
أقبلت ناحية الصديقين ، الغارقيَن في الصمت على الطاولة الرصاصية .. قالت بصوتٍ خفيض جميل : مساء الخير !
وأنا أسترق النظر من فوق الأوراق قلتُ بصوتٍ لا يكاد يبين : مـ ساء الـ نو ر !
:
:
2
كانت تقفُ طاعنةً هذا الفضاء بقوامها الممشوق، جسمها متموسقٌ لدرجة القتل ، ترتدي عباءةً طُرّزت لتزيدها فتنة ، كأنما كانت هذه العباءة إكسسواراً آخر للأناقة لا للستر ..
هذا الكحل الذي يلامسُ عينيها هو الشيء الأكثر حظاً في الدنيا .. ومن خلف نقابها تنحسر رؤوس وجنتيها كشمسين آذنتا بمغيب ..
وقفت كأنما تستفز الصبر .. رائحة عطرها كانت تحيل المكان جنة .. كلما تحركت انحسرت عبائتها عن بنطالٍ أزرق يطل كسوط عذاب !
وضعتْ اللابتوب فوق الطاولة ، كانت يدها السمراء قريبة مني لدرجة الرعب ،سمّرتُ أنظاري على أناملها الرقيقة وأظافرها التي يتراقص فيها لون التوت ..
في بلدٍ آخر ، من السخف أن يلفتك الجمال الجزئيّ ، هناك في البقاع البعيده .. يُكشف الستار عن الجمال كله ، تشاهده في كل طريق .. تتماشى معهُ لدرجة الروتين !
في الرياض ، الأمر مختلف .. هذا المنظرُ يعتبرُ ترفاً لأمثالي .. هذه اللمحات من الجمال تشعرك بالنشوة بالإرتواء ثم .. البكاء !
كانت تخاطب صديقي عن جهازها المملوء بالفايروسات .. وكنتُ أقول في نفسي: بربكِ أتلومينها ؟
لو كنت فايروساً مااخترتُ إلا جهازك .. لسكنتهُ و تأملتكِ ساهمةً أمام الشاشه وشممت عطرك كل ماانثنيتي و صافحت يديك كلما نقرتي على لوحة المفاتيح !
لا قوة في الدنيا ستخرجني .. ولا حتى هذا الماجدُ عدوّ الفايروسات الأول !
في بلدٍ مثل الرياض .. يُترك الحديث للعيون .. هذه الأعينُ لها أبجديةٌ خاصه .. كانت عيني تتكلم كثيراً .. تخاطبها تدللها تسائلها ..
كلما التقت عيناها بعينيّ صرفتُ نظري لأي جهة .. ثم أعود ناحيتها تاركاً الحديث لعيني !
كان نظري كذبابةٍ لعينة .. كلما صرَفتها بيدها ونستها قليلاً .. عاود الطيران والوقوع في ذات المكان !
أيتها السمراء ألا تسمعين دويَ انفجارات قلبي ؟ انظري لأشلاء الشاب المتحطم أمامك !
ليستْ مشكلتكِ هذا الحاسوب اللعين ..تباً له ، هناك بني آدم .. روحٌ تُزهق !
لطالما قلتُ لأصدقائي أن السَمار أجملُ ما تتحلاهُ أنثى .. لطالما نافحتُ عن هذا اللون كأفخم صنفٍ في قائمة ألوان الوجوه ..
كانوا يقولون : البيضاءُ أجمل .. فأفلسف الجمال كأغريقيّ :
نعم للبياض قدسيّته ، لكن أمامهُ ، وفي أسوأ أحوالك ، تستطيع أن تملك زمام أمورك ..
السمراء وحدها من تمرّ بك فتجعلك تطلق تنهيدةً مسموعة كما لو كانت روحك تنسلّ من جسدك !
أينهم هؤلاء الأصدقاء المتفيهقون ، آه لو كانوا هنا .. لقدموا لي الإعتذار واحداً تلو الآخر !
من زحمة أفكاري أفقتْ ، لا أدري أين ذهبَ ماجد .. دخل إلى المستودع الخاص به وتركنا لوحدنا .. راح وأتى إبليسُ ثالثنا !
كان شيطان الغواية يصرخ بي : كلمها يا مغفل !.. والشاب المغفل يجيب : ماذا أقول ،كيف أبدأ !
يعاود الإلحاح : ستندم .. إن ذهبتْ هكذا ستندم .. خاطبها ادعُها للجلوس يا مغفل .. انظر لقد تبرمت من الوقوف !
قفزتُ ملقياً كتابي الذي نسيته مفروداً على ركبتي، قربتُ لها مقعداً وقلت:
- تفضلي بالجلوس ..
ابتسمتْ وقالت شكراً ... قلت في نفسي : ينبغي أن يأتيَ الشكر من الكرسيّ !
عاد ماجد .. تباً للحضور الرديء .. كنتُ سأسألها عن جهازها وقيمته إستدراجاً للحديث ليس إلا ..
أنا آخر من يهتم بهذه الكمبيوترات .. فقط هذا اليوم شعرتُ أنني بحاجةٍ لأدرك بعض جوانبها وأعرفها أكثر ..كنتُ سأفتح محاضراتٍ عن هذه الحواسيب الغبية !
لسوء حظي ،حين كنتُ أنوي سؤالها عاد ماجد ..
عاد يحملُ جهازاً آخر ، أعطاهُ لها .. شكرتهُ وانصرفت !
خرجتْ كمصارعٍ قويّ .. أردى خصمه طريحاً على الحلبة وخرج ..لم أكلفها إلا دقائق ، هزمتني و دق الجرس وانتصَرت !
لن تعود .. سحقتني وتركتني للشقاء .. ستذهب لأمها لغرفتها لتخاطب صديقاتها و تلهو وتنام كأنما لم تفعل شيئاً..
هكذا هنّ الفاتنات، هذا كل ما يتقنّ إجادته.. يفطرن القلوب .. يسلبن النظر .. يجندلن الخصوم دون حتى أن يعرفنَ عن المعركة الدائرة شيئاً !
هه ياللبراءه
دقيقتين من الوجوم ، شعرتُ بأن المحل بات صحراء مجدبه بعد أن كان واحةً غنّاء..
قررتُ الخروج ، شعرتُ أنها أخذت معها الأكسجين من هذا الحيّز وانصرفت ،
أخذتُ كتابي مبتسماً ..
عندما جاءت كنتُ أقرأ الصفحة الثمانين في رواية أحلام، انصرفَت وأنا في ذات الصفحة !
وأنا أترنحُ في طريقي للخروج ، لمحتُ جهازها الذي غادرتْ بدونه ..
سألت ماجد في لهفة : هل ستعود ؟!
أخبرني أنه أعطاها بديلاً ريثما يصلح هذا .. ستعود لتأخذه بعد العشاء !
هتف إبليس في رأسي على الفور : لم تنتهِ المعركة ياصديقي .. احشد قوّاتك.. أمامك فرصةٌ أخرى!
رددتُ على الفور وأنا ابتسمْ :
موعدنا العشاء ، أوَليس العشاء بقريب !
:
:
3
أقفُ مجدداً أمام باب محلّ ماجد .. عاد من صلاة المغرب حينَ عدتُ من بيتنا للتوّ .. ذهبتُ وارتديتُ أجمل مالديّ ، نعم أظنني قررتُ التهوّر !
أن أندم على ما أفعل خيرٌ من الندم على ما لم أفعل !
ليس من عادتي حين أخرج من عندِ ماجد أن أعود له في ذات اليوم ، أحتاجُ أسبوعاً على الأقل لأكرر الزيارة ..
أن أزورهُ بعد ساعه من مغادرتي هذا غيرُ مألوف ..قبل أن يسألني قلتُ مبتسماً :
-اشتقتُ لك !!
دخلنا ، كان صوت الدناديش الناقرة على الباب هذه المرة صوتاً أشبه بتغريد العنادل في الشروق ..
لم يكن مملاً ، هذا الصوتْ سيكونُ بعد ساعة أشبهَ بمعزوفةٍ تزفّ مقدم الحسناء التي سلبتني عقلي ..
صوتُ أذان العشقِ رافعاً نداء الجمال أن حيّ على الحب أيها الأبله !
جلستُ وفي بالي يعتملُ ألف سؤال ، كيف أشرحُ لماجد المتعقل ما أنا بصدده !
ماجد صارم ، رجلٌ يعشق العمل ويحترمُ زبائنه كأنهم أبناءه .. أن أقول لهُ أني عشقت زبونتك كأني أنتهكُ حرماته !
هو من النوعِ الجاد ، شابٌ كان ينبغي أن يكون في ألمانيا مثلاً .. في اليابان ، في العالم المتقدم .. وجوده في الرياض غريب ، هو لا يواكب الموجة الشبابية أبداً ..
تنحنحتُ وسألته :
- ماجد ، منذ كم ونحن نعرف بعضنا ؟!
وبلهجةٍ جادة أجاب - منذ المتوسط !
قالها بلا مبالاه ، قالها وهو يقلّب رُكام هذ الحديد يبحثُ عن قطعه كما لو كان يبحثُ عن ذهب !
أمسكتُ بذراعه وأدرتهُ صوبي :
- أعرفكَ وتعرفني منذ عشر سنين .. هل تعلم ماهي عشر سنين ؟ مئات الأسابيع .. آلاف الساعات !
- وإذا ؟!
اللعنه على صرامتِك ليس وقتها الآن أيها الرجل البفاريّ !
- بعد كل هذه الصداقة يا ماجد ، لو احتجتُ منك مبلغاً من المال أتساعد ؟!
- بالتأكيد ، محتاج كم ؟
- لا شكراً ، دعني أواصل ، لو رأيتني أُضرب في هذا الشارع الذي أمامك ، أكنت تتخلى عني ؟!
- ههه أجننت ؟ طبعاً لا
- ماجد ، لا أريد منكَ مالاً ولا أن تقاتل من أجلي أحداً .. أريد ربع ساعة فقط !
- ؟
- بحق السنين الماضيات ، بحق الساعات الطوال ، بحق هذه الصداقه .. حين تأتي زبونتك صاحبة هذا الجهاز توارى في مستودعك ربع ساعة !
- ............
- لنفرض أن أمك استدعتك لضرورةٍ ملحة ، أكنت تبقى في المحلّ ولا تخرج ؟ يا سيدي اِعتبر أمك استدعتك ربع ساعة ، واتركني معها قليلاً !
- ههههههههه جاد ؟
- نعم ، أرجوك دعني أغامر ، كنتَ على وشك أن تقرضني مالك الآن ، شكراً ، لا أريد .. أقرضني فقط ربع ساعه من وقتك حين تأتي،
دعني أدير المحل بدلاً عنك لدقائق ، هل سألتك من قبل خدمة ؟ أرجوك لا تصفعني بالرفض يومَ فعلتْ ، بحق صداقتنا يارجل !
أقسمتُ لهُ أني لن أتهوّر بأكثر من الكلام ، سأعرض عليها صداقتي ليس أكثر !
أقسمتُ له كتعهدٍ رسميّ ان أتحمل كافة الضرر ومايترتبُ على حماقتي من نتائج وأنهُ ليس داخلاً في خيوط اللعبة أبداً !
وعلى وقعِ صوته وهو يقول : طيب، لك ربع ساعة مو أكثر !
.. رحتُ أتنفسُ الصعداء غير مصدق .
ما هو الإنتظار ؟ هو طريقٌ محفوفٌ بالغيب ، أن تنتظر ، هذا يعني أن تتأرجح طويلاً بين شعور اليأس وشعور الأمل !
بعد إقناعي لماجد دار حديثٌ عاصف أشد ضرواةً مع نفسي .. نشبت حربٌ ضروس بين الخير والشر في اعماقي
كان جانبي الطيّب ، ملاك الخير الذي تلقّى تربيته في بيتنا وكبُر على نصائح والديّ يهتف بي :
- ماذا تفعل أيها المجنون .. أقلع عن نواياك في الحال ، هذا عملٌ لا يليق بك أبداً !
ويهتفُ جانبي السيء ، ملاك الشر الذي تربّى في ردهات الشوارع متسكعاً كل هزيع ليل :
- بطل ، الهروب جبن ، سحَقتكَ في الأولى دون مقاومة ، اثبُتْ لها في الثانية ، وما الحياة إلا التجاربْ !
نعم صفعتني ، لم يكن مجيئها الأول إلا صفعه !
وأعلم أني أقل من إتقان الرد بذات الفعل والتأثير ، لكن يكفيني على الأقل أن تشعُر أن المصفوع لم يسكتْ !
أحياناً تخذلنا القوة ، لكنَ التعبير عن الإضطهاد وصوتُ الإعتراض ليس حكراً على الأقوياء فقط !
لن أكونَ نملةً في بيتٍ حقير يطأها من يطأها ولا يشعرُ بها ..
أريدُ أن أكون على الأقل تلك النملة التي لم يمنعها ضعفها أن تقف لجيش سليمان !
حوار الذات هو أشرسُ حوارٍ على الإطلاق،
أأنتظر ؟ أم أنسى الأمر برمته ..
إنقسمتُ بين هاتين الفكرتين ، كل واحدةٍ تملكُ ألف حجةٍ مقنعة !
وباولو كويلو ذاك اللعين ، كأنه ينظر لحيرتي من بلاد السامبا، كأنهُ رآني يوم قال :
الإنتظار مؤلم ، والنسيان كذلك .. لكن أسوأ أنواع المعاناة هو اتخاذ قرار انحيازك لأيٍ منهما !
نعم أسوأ مافي هذه الحيرة النفسيّة إتخاذ قرارٍ نهائي ، إما المغامرة وإما الإنسحاب ..
لكن مهلاً ..
كل القراراتِ الناجحة في هذه الدنيا ، كل هذه الأفكار العظيمة في العالم ،
كل المشاريع التي أثبتت جدواها عبر التاريخ والجغرافيا..
ماكانت لتظهر لولا كسرُ الخوف !
ماكانت لتكون أساساً ، لو وقع أصحابها فريسةً لأنياب الخوف ،
لا نجاح إلا بعد تخطي الخوف ، بعد الإنطلاق يكمنُ التقييم ليس قبله !
يا سيد كويلو ، يا سيد ماجد ، يا أيتها الحواسيب، يا هذه الدنيا:
لقد قررتُ الإنتظار ! أقبلي أيتها الفاتنة
يبتبع.....