أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

بعضُ ما خبأتهُ الرياض8 لا أظن كاتباً في الدنيا مهما برعت لغتهُ وحروفهيستطيعُ إيصا

8 لا أظن كاتباً في الدنيا مهما برعت لغتهُ وحروفهيستطيعُ إيصال السعادة المتراقصة في روحي الآن. ولا حتى طبيباً نفسياً بارعاً.. بإمكانهِ تفسيرُهذا



look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  11-05-2011 09:13 صباحاً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
8


لا أظن كاتباً في الدنيا مهما برعت لغتهُ وحروفه .. يستطيعُ إيصال السعادة المتراقصة في روحي الآن.
ولا حتى طبيباً نفسياً بارعاً.. بإمكانهِ تفسيرُهذا الفرح المتقد فجأة !
لم أنم إلا 4 ساعات ..
لكني أفقتُ نشيطاً ضاحكاً ممتلأً بالطاقة مشرباً بالحياة !
لبستُ وتأنقتُ وأنا أغني .. وقفتُ أمام المرآة أسوّي غُترتي بإتقان وأنا أصدحُ بخليطٍ من أغاني أم كلثوم ..
أغني مقطعاً من أغنية وأنتقلُ لأخرى كطائرٍ سعيد يتنقل من غصنٍ لغصن ..
خرجتُ من غرفتي بشوشاً .. خرجتُ أنيقاً لأن تشارلز ديكنز كان محقاً " السعادة أهم أداة تجميلٍ على الإطلاق " .
حتى الخادمة السيلانيّة السوداء التي لا شيء فيها يدعوكَ للإبتسام ..لم أنساها من سعادتي !
طالها من فرَحي نصيبْ ، ضحكتُ لها وأنا الذي اعتدتُ الرزانة حد التجهم !



في الصباحات السابقة :
كنت أتناولُ إفطاري وأحتسي الشايَ عابساً ..مطرقٌ كغاضب !
أتناولهُ في مطبخنا القديم جداً بفرشته الخضراء وأدراجهِ المتآكلةِ أطرافها صدئاً !
وبصوتِ حنفيّتهِ التي تجيدُ الإزعاج بقطراتِ نَداها المتكررة سقوطاً على مدار اليوم !
يغرقُ الدور الأرضيّ الهاديء في بحر التلاوةِ المنبعثِ من مذياع أمي القديم ، تلك أمي ترقدُ بين سجادتها وإذاعة القرآن !
أظننا البيتُ الوحيد الذي لا تكف جدرانهُ عن التعطر بالآيات ..
فإذا أنهيتُ إفطاري ، أطللتُ على أمي في الفناء لأجدها كالعادة باكيةً مع تتبع القراءة ..
أصافحها وأخرج تشيعني دعواتها المحفوظة!



أما هذا الصباح :
كل شيءٍ كان كعادتهِ إلا أنا !
كان مطبخُنا حقلا ً أخضر ، أدراجهُ ترتفعُ كغيماتٍ في سماء..
أصواتُ القطراتِ الرتيبةِ كانت إيقاعاً هادئاً لم يضايقني..
شربتُ الشاي وخرجتُ إلى الفناء الراقدةِ فيه أمي .. أغلقتُ الراديو لأثرثر معها قليلا ً ..
سألتها عن آلام قدميها ،احتسبتْ الأجر وشكرَت ، دلّكتُ ركبتها المريضة بالخشونة كما أوصانا الطبيب،
قبلتُ رأسها وخرجتُ لتعاود التهليل والبكاء مع السوَر !

فكرتُ في سمرائي وأنا أُمهلُ سيارتي لتنزع عنها برودتها :
يا تُرى الآن أين تذهب ؟ لماذا لم أسألها أين تدرس وهل هي طالبة أم ماذا ؟
حسناً ، ألديهم فناءٌ كفنائنا الذي عبرتُهُ للتوّ !
فناءٌ ذو سقفٍ حديديّ .. يعتمدُ التكييف الرخيص ذو الماءِ والقش!
وسخِرت باسماً :
هه ماذا لو رأتْ المطبخ الذي تناولتُ إفطاري فيه .. أكانت تجزع ؟
وهل أمها كبيرة السن كأمي ، تضطجعُ في الفناء في الصالة في أي مكانٍ يزورها الألمِ والإعياء فيه ؟
أم ياترى يغالون في الإتيكيت وكل شبرٍ في البيت لِما خُلِق له ؟!
وأبوها .. يا تُرى ما منصبه وأين يعمل ومركزه المرموق ماذا ؟
وسرَت بي الأفكار صوبَ أبي المنطلقِ قبل مغادرةِ الطيور أعشاشها ناحية المدرسة البعيدة ..
أتذكرُهُ باسماً وهو الذي يتحدثُ عن التعليم كأنه أحدُ رموزه .. مسكينٌ أبي:
يفتحُ أبواب المدرسة ثم يقفُ متمللاً حتى الظهيرة ليكسرَ الجمود .. يروحُ خلفَ مكبر الصوتِ ينادي الطالبات والمدرسات لذويهنّ الآتين لأخذهنّ ..
ويعودُ لنا كأنهُ المدير ذو الشأن.. ينتقد التعليم و يُلقي بالنظريّات المهمة الكفيلةِ بتطويره !
آه يا أبي المسكين وأمي المسكينة وآهٍ أيها البيتُ الأشبهَ بعجوزٍ يُنازع !


مر كل هذا في مخيّلتي ..
شعرتُ أني ساديٌ يريد التنغيص على نفسه !
لا لن أسمح لكل هذا أن يعكر صفو سعادتي ..لن أسمح حتى لنفسي أن تجرني نحوَ الحزن مجدداً حين بدأتُ تلمّس خيوط السعادة ..
كامو يقول " لن تذوقَ السعادة طالما تفكرُ في تفاصيلها "
طردتُ كل هذا عن رأسي وشققتُ عن ذاكرتي صورة فاتنتي وضحكاتها البارحة ولذة الحديث والرقمَ المخزّن بإسم " سمراء "
انتشيتْ ، رجعتْ روحي ترفرفُ من جديد ..



أليس غريباً .. أن تتغيّر عاداتك فجأة ؟
أن تريدَ مصافحة من عرفت ومن لم تعرف .. وأنتَ الرجل المتحفظ دوماً ؟!
أن يغمرك الفرح فتريد محادثة كل مار بجوارك وأنت المقلّ في الحديثِ حتى مع الأصدقاء ..؟
هل السلوك جبلّةً وطبيعه ؟ قيمةٌ ثابته !؟ أم أن سلوكنا نتيجةٌ تتأثرُ بعوامل كثُر .. قيمةٌ تتغيّر تباعاً ؟
ما هي السعاده ؟ أحقاً هي العلاقة الإنسانية الخاصة كما يقول دو سانت ؟
أم هي ما نتصنعه ونزيفهُ لأنفسنا كما يُفلسفها أرسطو ؟
لا أدري ..ولا أريد حتى أن أدري
كل ماأدريهِ أني وقفتُ مفعماً بالحياةِ أصافح رجلا ً يمانياً في محلٍ تتكدس فيه الأشرطه .. وبصوتٍ مغتبط:

- أبي شريط "ويلي" لراشد الماجد .


كان مسجل السيارة معموراً بـ شريط " من أجل عينيك عشقت الهوى " ..
أخرجتهُ وأنا خجِلٌ من ثومه ومن فريد وعبدالوهاب وكل أصدقائي الكلاسيكيين ..
شعرتُ أنهم يتعرضون لطعنة الخيانه ويدركون سر هذا التحوّل !
كنتُ أركنهم جانباً وكأني أقول :
ابتعدوا قليلاً ياأصدقائي القدماء.. هناك من قدِم مشفوعاً بشفاعةٍ حسنة !

راحت السيارة تدوّي بـ :

" مالي في هالدنيا سواك انت يا أجمل ملاك انت الوحيد بدنيتي مابي أعيش الا معاك "

ورحتُ مع الكلماتِ محلقاً في السماء وأفكر :
هذه الأنغام طرقت مسمعَ سمراي يوماً ..تلك الحسناء التي رأيتُها وسمعتها وأجهل اسمها !
بالتأكيد لن تتصلْ ، لكني سأفعلْ سأحادثها ليلا ً .. الليلُ بحرُ العشاق ويتسامقُ فيه الحديث ليصبح شعراً ..
أعود للأنغام الصادحة من المسجل :
ربما غنتها .. بل ربما رقصت على أنغامها في خلوتها !
انفصلتُ عن الدنيا ..
كنتُ أتجه إلى الجامعةِ كطائرٍ يرفرف بجناحيه لا لم أكن أسيرُ على الإسفلت الأسود الموحش..
وصلتُها وشعرت أن المسافة كانت قصيرةً على غير العاده ، مجرد دقائق !
في القاعة في الممرات في المواقف كنتُ الرجل الثرثار !
الرجل الذي لا يُمل حديثه ..
حتى عامل الكافتيريا تبادلتُ معه أطراف الحديث عن بلدتهِ التي لا أعرفها أصلاً على الخريطة ولا أعبأ بها مطلقاً .

أليس غريباً ..
أن نكتشِفَ بعد سنين ، جوانبَ في أنفسنا ما كنا نعرفها قط !
أنا الذي أجنحُ للعزلة ما استطعت ، ويصيبني الخرسُ بين الجموع ، وأظنني المحتاجُ لدورةٍ في مهارات التواصل ..
.. أجدني المفوّه الباسم هذا الصباح !
أحدثُ نفسي في زحمة الحضور /
من قال أن العزلة جيده ؟ يا للسخف .. وهل الحياة إلا الصخب !
العزله ! يا للقرار الذي بنيتُه سنيناً كبيت ، ياللرأي الذي اعتنقتهُ طويلاً كعقيده .. كنتُ أرتد و أكفر به هذا الصباح!
أوَليس أغرب الغرائب: أن تتهاوى القناعات فجأه ؟!


*****


في شقتنا مساءاً .. كنتُ أشارك فهد سلطنة الحديث !
كفرتُ بالإستماع فقط !
لم يكن هو المتفرد بالقصص الشيقه والقفشات المضحكه .. فهد هذا المساء واجهَ منافساً له على عرش الكوميديا !
كلهم كانوا يتضاحكون على تعليقاتي الساخرة ..
إستلمتُ زمام السيطرة في هذا المجلس الذي تحفهُ سحبُ السجائر ولا يتخلله إلا صوت الضحك وصوت القداحات تشعل لفافةً بعد أخرى ..
حتى فهد صار مستمعاً كرجلٍ آمن بالهزيمة وتنازل للطرف الأفضل عن دفة الحديث ..
كلما أنهى قهقهاتهِ نظر لي وفي عينيه نظرةٌ تتسائل في ابتسام!
هذا الرجل يعرفني أكثر من أي شخصٍ آخر ..و أعلمُ أني بالنسبةِ له كتابٌ مفتوح ، عبثاً أمتلأ بالأسرار أمامه !
كان يصفقُ لي كلما تألقتُ ويرمي بلسانهِ اللاذع كلماتٍ يطلقها بنبرته الساخرة القديمه :
" والله صاير بطران / بشرني وش انت شايف / الظاهر مات نظّالك "
وأتلقّى دعاباتهِ بسرور ..

أصرّيتُ أنْ أجلب العشاء أنا ..
خرجتُ لأجد فهد قد قرر مرافقتي للمطعم .. كان يريدُ أن يحادثني على انفراد .. عرفتُ أنه مملوء بالأسئلة فابتسمتْ .
في السيارة لم أتركْ حيرتهُ تطول :

- شبّكت لي ملكة جمال هههههه
- أحلف ..
- قسم بالله !
- أين ؟ متى ؟ كيف .. غرّد غرّد
على حماسهِ البادي رحتُ أتلاعب به :
- دع عنك هذا وقل لي متى مباراة الهلال القادمه !
- أوووه .. تباً لك وللهلال .. تكلم
- برأيك أأحضر مشويّات أو كبسة ؟
- كبسك عزرائيل الله ياخذ عمرك
-هههه حسناً حسناً..
أتذكر صديقنا ماجد ؟
- ماجد مااجد مااااجـ .. "الموسوسْ" !؟
- هههههههههه نعم..لكن انتبه لن أسمح لكَ بتكرار هذا الوصف بعد الآن ..
قبل الأمس .. كنتُ عنده في المحـل

نغمة " بعيد عنّك " المنبعثة من هاتفي تخترقُ حديثنا ..جاءت في وقتها المناسب متواطئةً مع إغاظتي لصديقي المستفَز !
ابتسمتُ وقررت الإجابة إمعاناً في تشويقه ..
أخرجت الهاتف من جيبي على وقعِ لعناتهِ المتبرمِة ..
وجهي يمتقعْ .. وقفتُ صامتاً أنقّل نظراتي بين الهاتف وبين فهد ..

- ماذا ؟
- التي أحدثكَ عنها، ها هيَ تتصل !

يتبع ...



الساعة الآن 03:04 AM