كان يمكن لقانون الانتخاب الذي دفعت به الحكومة في مرمى النواب ليدّشن بإمضائهم ان يلقى قبولا قبل ما يزيد على عشرين عاما مع بدء مرحلة الديمقراطية اثر هبة نيسان التي اسس لها الميثاق الوطني آنذاك , بتوافق جامع من مكونات الشعب الاردني اطيافا وفعاليات وشخصيات مستقلة اعترافا من الدولة بالمعارضة بعد فشل سياسات عقيمة طاردت خلالها الحكومات الاحزاب وادخلتها السجون والمعتقلات ولاحقتها في ارزاقها في تصفية للقوى الحداثية التي تمسكت ببرامجها الاصلاحية بتجلد وصبر …!
كان ضروريا مع بدء تلك المرحلة تقديم ضمانات لاستمرارية الديمقراطية قبل ان يطل خريف الصوت الواحد وتتحول تهاليله الى ردة ونزعات قبلية وجهوية وجغرافية هددت النسيج الاجتماعي ما زالت تداعياته تضرب ذات اليمين وذات الشمال …
لم تكن هذه المسيرة التي بدأنا نرسم على شراعها آمال الغد البهيج بحاجة الى أقل من ( كوتا حزبية ) تدلف بالمجتمع نحو التعددية وتعطي رسائل ايجابية وتؤسس خارطة طريق آمن للمستقبل يرسّخ مبدأ الشورية الاجتماعية ويوظف المشاركة الشعبية في متطلبات التنمية لكن ذلك لم يحصل فالدولة لم تفعل والاحزاب لم تطلب ما جعل قطار الديمقراطية يخرج عن السكّة فتغيرت موازين القوى وبدأت مرحلة الاياب والتراجع عن الاهداف الجامعة هي التي تسود …
أن نبدأ عهدنا من حيث ما كان علينا ان ننتهي منه قبل ما يزيد على عقدين من الزمان بعد ان تلبد فضاء الديرة بغيوم الفساد والمفسدين والمنتفخين بالمال الحرام مما لا يمكن معه السماح بالتراجع في زمن لم تعد تقوى فيه دكاكين الحارات السياسية على مواجهة تحديات العولمة وفضاءاتها الالكترونية التي لا تقاوم .. فكيف اذا كان الربيع العرب قد هزم حكاما وسلاطين واطاح اباطرة مال واستبداد وغيّر بنىً اجتماعية وهدم اركان حكم لم تكن تسمح للهواء بالمرور حتى للقاعات المغلقة ..
فهل يجوز ان نتبنى هذا القانون ام ان نبحث عن قانون نطوي به المسافات ونجدد من خلاله أدواتنا وإجراءاتنا بما يفضي على مسيرتنا الديمقراطية أجواء توافقية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية .
يتسرب من أروقة مجلس النواب الذي يجري مراجعة شاملة للقانون ان الاتجاه يسير نحو اعتماد صوتين , الاول لقائمة وطنية مفتوحة ب¯ ( 30 ) مقعدا وصوت واحد للدائرة الانتخابية وهنا نقول الم يكن الصوت الواحد الذي نستعيده الآن سببا في الخراب الم يكن مفتتا ومقسما الم يكن ربيعا لاصحاب المال والمتنفذين الم يكن حصانا سبوقا في استجلاب التزوير والمزورين الم يكن نقيضا للمؤسسات ولرجالات الوطن الشرفاء …
ان المطلوب اليوم اعداد قانون يستولد العدالة والحرية ويؤسس لاستقرار وسلامة الديرة .
العرب اليوم