لم يكن مستغربا ان تتشدد جماعة الاخوان المسلمين في رفضها مشروع قانون الانتخاب لانها تعتقد ان المشروع صمم من اجل الحد من تمثيلها في مجلس النواب المقبل, ما دامت الحركة الاسلامية هي التنظيم الحزبي الاكبر على الساحة فان موقفها يدخل في باب المناورة او حتى في باب تحسين الشروط.
لكن لماذا يعادي ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية المشروع ويدعو الى لقاء وطني لجميع القوى والفعاليات ومؤسسات المجتمع المدني لبلورة رأي شعبي ضاغط على الحكومة للتراجع عن مشروع القانون فهذا موقف غير مفهوم على الاطلاق.
طبعا عادت الاحزاب القومية واليسارية الى لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة من اجل اعلان موقف من المشروع, واوله تنظيم مسيرة الجمعة المقبل للتنديد بمشروع القانون, باعتباره “صياغة امنية تتمثل في إعادة الصوت الواحد وانه لا يمثل الطموحات”.
من الناحية الدستورية اصبح مشروع القانون تحت ولاية مجلس النواب ولا علاقة للحكومة به, والاصل ان يتم تشكيل ائتلاف شعبي للضغط على مجلس النواب والاعيان من اجل اقنعاهما او حتى الضغط عليهما لتبني وجهات نظرهم, اما الضغط على الحكومة للتراجع عن القانون فقد فات الأوان عليه.
لا اعتقد ان موقف الاحزاب القومية واليسارية موفق خاصة انها تعرف حجمها في صناديق الاقتراع, لا بل ان المطروح اعطى الاحزاب عامة (ما عدا حزب جبهة العمل الاسلامي) اكبر من حجمها.
ومثل هذا الاحتجاج يجب ان يصدر عن “الاسلاميين” الذين قصدهم المشروع وتحديد مقاعدهم على القائمة النسبية بخمسة مقاعد فقط وليس عن بقية الاحزاب التي اعطيت عشرة مقاعد حسب نسبها في صناديق الاقتراع.
وقانون الانتخاب ليس هو الديمقراطية, بل هو جزء منها, ويمكن ان يتدرج الامر في الدورات المقبلة, لكن لا يجوز ان يطلب بعضهم نصف مجلس النواب “عربونا”من اجل المشاركة في الانتخابات.
لا ادري لماذا الاحتجاج والحملة العنيفة من الاحزاب بالذات على “الكوتا الحزبية” هل كان الامر افضل لو تركت القائمة العامة مفتوحة امام العشائر والافراد والتجمعات, اليس في تخصيص حصة للاحزاب معنى واحد ان هناك احزابا كثيرة ستدخل مجلس النواب.
لا اريد ان اظهر مدافعا عن الحكومة. فالتهم عند بعضهم جاهزة, لكنني اعتقد ان مشروع القانون ليس بهذا السوء الذي تذكره الاحزاب عامة, ويمكن تطويره واعتباره انتقاليا ويمكن للبرلمان المقبل ان يعدله بمشاركة جميع الاطراف حسب موازين قواها تحت القبة.
فقانون الانتخاب مهما كان جيدا, فان طريقة تطبيقه وضمان نزاهته هي الاهم, ولا اعتقد ان هناك جهة اردنية ستجرؤ على ممارسة التزوير مجددا.
.