،الاصلاح نيوز-،أقرت لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة الوطنية الاردنية بعد نقاش مستفيض على مدى اكثر من اجتماع وثيقة سياسية تحت عنوان ” عام على انطلاق الحراك الشعبي الاردني” ضمنتها رؤيتها وتقويمها لمجريات عام من الحراك الشعبي وحددت فيها مواقفها المشتركة إزاء السياسات والاجراءات والمواقف الرسمية من القضايا التي طرحها ولا زال يطرحها الحراك الشعبي الاردني، فضلاً عن التوافق على الاستنتاجات الرئيسة التي خلصت اليها أحزاب لجنة التنسيق.
وفيما يلي النص الكامل للوثيقة:-
استلهاما لأفضل التقاليد الكفاحية للشعب الأردني على مدى عمر الدولة الأردنية كله، ودون انفصام عن عشرات الفعاليات الاحتجاجية العمالية والشعبية المختلفة التي تفجرت خلال عام 2010، واحتجاجا على السياسات الرسمية المجحفة بحق الشعب والوطن، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ازداد زخما الحراك الشعبي الأردني الراهن الذي انطلق قبل عام ونيّف بصورة عفوية تحت تأثير التبدلات الجذرية التي أحدثتها الثورتان التونسية والمصرية واندفاع رياح التغيير بقوة في فضاء اكثر من بلد عربي. غير أن انخراط الأحزاب السياسية المنضوية في إطار لجنة تنسيق أحزاب المعارضة وعدد من القوى السياسية خارجها أكسب الحراك طابعا منظما، ولعب دورا حاسما في بلورة مطالبه الاصلاحية المحقة في إطار أهداف سياسية واقتصادية ودستورية محددة، وضمن له مسارا سلميا، و مكنه من الافلات من المصائد التي نصبتها أكثر من مرة عناصر البلطجة المرتبطة والمدفوعة من قبل الأجهزة الرسمية لجره الى أتون الصدام والعنف.
إن إجماع الآراء على أن الحراك الشعبي لا زال أمامه العديد من الأهداف يتعين عليه إنجازها لا يعني أنه لم ينجح بتاتا في تحقيق جزء مهم من هذه الأهداف. حيث تمكنت أحزاب وقوى الحراك من وضع البلد والمجتمع على سكة الاصلاح الصحيحة، وانتزعت مبكرا أحد أبرز حقوقها الدستورية، ومنها حقها في التجمع والتظاهر والاعتصام خارج مقارها، بخلاف ما كان عليه الحال قبل انفجار الغضب الشعبي منذ عام ونيف. حيث كان حق التظاهر مكبلا باحكام قانون الاجتماعات العرفي، وصلاحيات الحاكم الاداري الذي غالبا ما تعسف في استخدامها. وقد نجح الحراك الشعبي بعد أسابيع من انطلاقته في فرض تعديل قانون الاجتماعات العامة، وهو الأمر الذي عارضته الحكومات المتعاقبة على مدى سنوات عديدة، وعادت الأمور الى سابق عهدها، أي الاكتفاء باشعار الحاكم الاداري بالفعالية المنوي تنظيمها دونما حاجة الى انتظار موافقته عليها.
إن الأهداف التي تبناها الحراك هي ذات الأهداف التي ناضلت من أجل تحقيقها أحزاب وقوى وشخصيات المعارضة الوطنية الأردنية على امتداد حقبة زمنية طويلة. وقد تجلت هذه الأهداف في اشاعة الديمقراطية في الحياة السياسية للبلاد من خلال إنهاء تدخل الأجهزة الأمنية فيها، وتغيير التشريعات الناظمة لها، وفي مقدمتها قوانين الانتخاب والاحزاب، والجمعيات، باتجاه اكسابها طابعا ديمقراطيا عميقا ووضع حد لتغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والتدخل في شؤونها، واحترام النص الدستوري بالفصل بين السلطات.
ففيما يتعلق بقانون الأحزاب سعى الحراك الى تعديله، بما ينزع منه القيود العديدة المفروضة على النشاط الحزبي، ويسهل اجراءات تشكيل الاحزاب السياسية، ويعدل في مرجعية الأحزاب، بحيث يناط هذا الأمر بهيئة مستقلة أو جهة ادارية غير وزارة الداخلية.
وقد استهدف الحراك قانون الانتخاب بالتغيير الجوهري، بما يستبدل نظام الصوت الواحد المجزوء والدائرة الوهمية بنظام القائمة النسبية، مناصفة بين الدائرة الانتخابية والقائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن، بحيث يصبح المجلس النيابي أصدق تمثيلا للشعب الأردني بفئاته وشرائحه الاجتماعية وقواه السياسية كافة، وأكبر قدرة على الاضطلاع بدور رئيس في تطوير الحياة السياسية والحزبية.
وعلى صعيد الاصلاحات الدستورية نادى الحراك بالغاء كافة التعديلات التي طرأت على الدستور منذ إقراره وتفعيل النص الدستوري الذي يشير الى أن الشعب مصدر السلطات بإدخال تعديلات تستهدف إعادة النظر في آلية تشكيل الحكومات،وفي آلية تشكيل مجلس الأعيان وصلاحياته. هذا الى جانب انشاء محكمة دستورية، وإلغاء المجلس العالي لتفسير الدستور ومحاكمة الوزراء أمام المحاكم النظامية والفصل في الطعون في الانتخابات النيابية من قبل القضاء ووضع حد لاصدار القوانين المؤقتة والحد من سلطة الحكومة في حل مجلس النواب.
كما تمسك الحراك بهدف تعديل النهج الاقتصادي الذي انتهجته ولا زالت تنتهجه الحكومات الأردنية المتعاقبة. وطالب الحكومة في هذا السياق بالتراجع عن مسار الخصخصة، وباستعادة دورالدولة في الحياة الاقتصادية، وتوفير السلع الأساسية وتحديد أسعارها، ووضع حد للهدرغير المبرر في النفقات الجارية، ووقف الانفاق البذخي، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة والتوسع في الاستثمار واستعادة مقدرات الوطن المنهوبة. كما طرح الحراك بقوة وجوب فتح ملفات الفساد دون استثناء أي منها، ومحاسبة الفاسدين أيا كانت مراكزهم الوظيفية ومواقعهم الاجتماعية، وصلاتهم بمراكز النفوذ.
لقد تمكن الحراك من فرض ارادته على السلطات الحاكمة، حتى ولو بصورة جزئية، واجبرها على عدم تجاهلها، كما كان يحصل في حالات عديدة. وقد ترجم هذا التجاوب الجزئي في انتزاع المعلمين لحق طالما دافعوا عنه بصلابة على مدى عقود طويلة، الا وهو حق تشكيل إطار نقابي لهم، وصدور قانون نقابة المعلمين، وكذلك تشكيل لجنة الحوار الوطني بمهام محددة لاعادة النظر في قانوني الأحزاب والانتخاب، وتشكيل لجنة لتعديل الدستور وأخرى اقتصادية. ورغم أن أحزاب المعارضة الوطنية الأردنية قد سجلت تحفظات جدية على آلية وطريقة تشكيلها، كما على صلاحياتها واستثناء ممثلي تيارات سياسية ورجال قانون وشخصيات سياسية وفكرية من عضويتها، ورغم أن الحركة الاسلامية قد آثرت عدم المشاركة في أعمال اللجنة، الا أن بعض أحزاب المعارضة كانت ممثلة، حتى لوتم هذا التمثيل بشكل لا يتلاءم مع دورها في الحياة السياسية.
وبالقفز مباشرة الى مخرجات لجنة الحوار الوطني نجد أنها قد نجحت في تثبيت بعض أهداف الحراك الشعبي، في حين أخفقت في تثبيت أهداف أخرى، أو جرى تثبيتها بصورة لا تتجاوب كلية مع أهداف الحراك الشعبي.
فقد جرى تعديل قانون الأحزاب السياسية ، بما يتماشى الى حد معقول مع تصورات وتوجهات الأحزاب السياسية. أما فيما يتعلق بقانون الانتخاب والنظام الانتخابي فقد أمكن إدخال عدد من التعديلات الهامة، منها تشكيل هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات والغاء الصوت الواحد المجزوء والدائرة الوهمية، كما جرى اعتماد نظام القائمة النسبية من حيث المبدأ دون أن تتمكن الشخصيات التي كانت تمثل الحراك الشعبي من فرض تصورها بالكامل، وخاصة فيما يتعلق بتطبيقه مناصفة على مستوى القائمة النسبية المغلقة على مستوى. كما أمكن تثبيت بعض أهداف الحراك التي تتمثل في ضمان النزاهة النسبية للانتخابات.
أما في جانب الاصلاحات الدستورية التي شكلت لها لجنة استبعدت منها الأحزاب السياسية، وعدد من أبرز فقهاء الدستور والقانون الذين عرفوا بتوجهات اصلاحية معلنة وواضحة، فقد تم الغاء كافة التعديلات التي طرأت على دستور عام 1952، وتمت الاستجابة لبعض مطالب القوى السياسية التي تبناها الحراك، ومن أبرزها تشكيل محكمة دستورية، دون الاستجابة لعدد آخر من المطالب الهامة، وفي مقدمتها تغيير آلية تشكيل الحكومات، بحيث يتم تكليف كتلة الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة، الى جانب تعديل آلية وصلاحيات مجلس الأعيان، بحيث يغدو منتخبا
أما في الجانب الاقتصادي فلم تفصح اللجنة التي شكلت لهذا الغرض عن أي برنامج أو خطة لتغيير النهج الاقتصادي المتبع، وبقيت الأمور على هذا الصعيد دون أي تبدل يذكر.
وتوخيا للموضوعية في تقويم مخرجات لجنة الحوار الوطني وغيرها من اللجان نجد لزاما علينا أن نشير الى أن عددا من أهداف الحراك الشعبي قد فرضت نفسها على صاحب القرار، الذي تجاوب معها وقام بتضمينها وثائق يجب أن تشكل دليل عمل للمؤسسات الدستورية عند صياغتها واقرارها سواء للتعديلات الدستورية أو تغيير قانون الانتخاب والنظام الانتخابي، أو تعديل قانون الأحزاب. ومع ذلك لا يمكننا أن نقطع بأن النظام قد حسم أمره وبأن التزامه بالاصلاحات بات نهائيا. فثمة العديد من المؤشرات التي تؤكد أن أوساطا متنفذه داخل النظام تمارس سلوكا يتعارض مع روح وجوهر عملية الاصلاح، وهي تحاول أن تتملص من عدد من الاستحقاقات، وخاصة في سياق التنفيذ لما تم التوافق عليه في لجنة الحوار الوطني التي اعلن الملك في أكثر من مناسبة أنه الضامن لمخرجاتها. كما أن هناك إصلاحات هامة لا زال النظام يكابر ويمانع في تنفيذها (تعديل المواد 34 – 35 – 36 لتنص على تحصين مجلس النواب من الحل إلا بانتهاء مدته الدستورية وتكليف كتلة الأغلبية بتشكيل الحكومة وانتخاب مجلس الأعيان أو الغاء دوره التشريعي).
وهناك الاصلاح الاقتصادي الذي ما زال عصيا على التغيير رغم مئات الفعاليات الاحتجاجية العمالية على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الكارثية لسياسة اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية، وما خلفته من ترد مضطرد في المستوى المعيشي للغالبية الساحقة من المواطنين التي باتت تئن تحت وطأة الارتفاعات المتلاحقة في أسعار السلع والخدمات، بما فيها سلع الاستهلاك الشعبي الواسع، والفقر والبطالة. كما أن الحكومة لا زالت ماضية في نهج يركز على رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية وتتوسع في فرض الضرائب غير المباشرة.
هذا بالاضافة الى أن القوانين التي أحالتها الحكومة لمجلس النواب، سواء قانون الأحزاب أو قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، تحفل بالعديد من المواد التي تتناقض في صياغتها ونصوصها مع ما تم التوافق عليه من مرتكزات في لجنة الحوار الوطني أو تتعارض مع ما طرحه الحراك الشعبي وقواه الفاعلة. فضلا عن أن قانون الأحزاب تم تحويله الى مجلس النواب دون حوار بشأنه مع الأحزاب المعنية بالأمر، وهو ما كان موضع انتقاد جدي من جانب لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة التي سجلت على مشروع القانون العديد من الملاحظات الجوهرية.
ومن أبرز هذه الملاحظات التي أبدتها لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة إبقاء مشروع القانون على وزارة الداخلية كمرجعية للأحزاب، مما يعني أن الحكومة تنظر إلى الاحزاب ونشاطها من زاوية أمنية بحتة، وليس من باب أنها مؤسسات سياسية وطنية تساهم في صياغة القرار الوطني، كما ربط الأحزاب بلجنة في وزارة الداخلية يثير فزع أعضائها ويثير لديهم تساؤلات حول حقيقة وجدية السلطة التنفيذية في تحقيق الإصلاح السياسي. ومن المواد التي أثارت احتجاجات الأحزاب، واعتبرت قيدا على عملها، اشتراط أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين لأي حزب عن مائتين وخمسين شخصاً وعلى أن لا تقل نسبة النساء بينهم عن 10 % من سبع محافظات على الأقل، على أن لا تقل نسبة المؤسسين من كل محافظة عن 5 %” واعتبرت لجنة التنسيق أن هذا الشرط غير دستوري لأنه يخالف المادة 16 من الدستور، والتي تنص في فقرتها الثانية على أن “للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور”. كما اعترضت الأحزاب على حظر مشروع القانون على الحزب تعديل نظامه الأساسي أو دمجه في حزب آخر، إلا بموافقة مسبقة من لجنة وزارة الداخلية المعنية بالعمل الحزبي. ورأت الأحزاب في هذا الشرط “تدخلا فظا في آلية عمل الحزب الداخلية”.وهناك ملاحظات أخرى يجب أن تناقشها اللجنة النيابية المختصة مع الأحزاب السياسية، ولكنها مطالبة في ذات الوقت أن تتبنى موقفا واضحا من بعض مواد المشروع التي أشارت إليها الأحزاب السياسية، بحيث تعدلها بما يتيح للأحزاب العمل بدون قيود وشروط وتدخل الحكومة في شؤونها الخاصة
أما بشأن مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، فقد تمت المطالبة بأن تشرف اللجنة على الانتخابات النيابية والبلدية وإدارتها في كافة مراحلها ابتداء من إعداد كشوفات الناخبين ولغاية إعلان النتائج وفق أحكام التشريعات النافذة، كما و طالبت بأن يكون للهيئة مجلس مفوضين مؤلف من 9 أعضاء ينسبهم المجلس القضائي ويقر تنسيبهم مجلس النواب ويعينون بإرادة ملكية.
كل هذا يؤكد أن النضال من أجل تنفيذ ما تبقى من أهداف الحراك، واستكمال ما نفذ منها بشكل جزئي يجب أن يتواصل ويتصاعد بزخم أكبر.
الحراك يكتسب مواقع جديدة
لم تمض سوى بضعة أسابيع على انطلاق الحراك الشعبي حتى تعددت ميادين الحراك الشعبي لتشمل الى جانب عمان العديد من المدن والبلدات الأردنية، وحتى انخرط فيه ممثلو مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية من ابناء المدن والأرياف والبوادي, وكان لافتا أن مسيرات الحراك الشعبي في المناطق المختلفة ركزت على المطالب العامة للاصلاح السياسي والاقتصادي والدستوري، ولم تحصرها فقط في المطالب المناطقية . وهذا ينم عن وعي سياسي عال، وعن توحد الحراك الشعبي خلف مطالب عامة تتوق اليها الغالبية الساحقة من المواطنين الأردنيين.
وبالرغم من ذلك فقد بقيت قطاعات واسعة من المواطنين خارج دائرة الانخراط في الحراك الشعبي، ملتزمة حالة من الترقب، دون أن يعني ذلك أنها معادية للحراك الشعبي أو معارضة لمطالبه. لكنها لا زالت مترددة في المشاركة، أو عازفة عنها، على الأقل في هذه المرحلة.
وهذه ظاهرة يتوجب على القوى الفاعلة للحراك الشعبي أن تخضعها للتمحيص والتدقيق وأن تهتدي الى سبل حفز هذه الشريحة الواسعة من المواطنين على المشاركة النشطة والفاعلة في الحراك الشعبي.
ومع أن فعاليات الحراك الشعبي في عمان وغيرها من المدن والبلدات تتالت على مدى أيام الجمعة كلها، باستثناءات معدودة، الا أنها لم تكن جميعها على ذات القوة من الحشد والتنظيم ، ووحدة الشعارات والمطالب, وهذا عائد في المقام الأول الى ضعف التنسيق ، وأحيانا غيابه ، بين القوى المحركة للحراك الشعبي والمبادرة للدعوة الى فعالياته المختلفة، ناهيك عن تعدد المراكز التي تدعو للتظاهر أو الاعتصام، الأمر الذي افقدها في الغالب الأعم من الحالات الالتفاف الشعبي حولها.
لذا تبدو الحاجة ماسة لرفع درجة التنسيق بين كافة مكونات الحراك الشعبي، والعمل على ان تستوعب الجبهة الوطنية للاصلاح، باعتبارها أطارا يضم أحزابا معارضة وشخصيات وطنية مستقلة، كافة القوى والشخصيات التي لها دور أو تطمح لأن يكون لها دور في الحراك الشعبي. إن من شأن ذلك أن يسهم في وحدة الارادة ووحدة العمل، ويرتقي بالحراك الشعبي ويضمن لفعالياته المختلفة حسن التنظيم والاعداد الجيد ومقومات النجاح، بما يكفل لها قوة التأثير وممارسة الضغط المطلوب الذي يحقق نتائج ملموسة.
وبما أن الحراك قد شهد منذ فترة انخراط قوى جديدة، غير أحزاب المعارضة ، فإن الضرورة تستدعي أن يتم التوافق بين لجنة التنسيق وهذه القوى على المطالب الرئيسة التي يجب أن يتحقق حولها أوسع التفاف شعبي، وأن يتم معالجة ما يطفو على السطح من مواقف سلبية تجاه الأحزاب السياسية والعمل على تجاوزها بالحوار وإقناع اصحابها بأن التشكيك بالأحزاب والتعالي على التنسيق معها من شأنه الحاق أفدح الضرر بالحراك وبالأهداف التي يصبو الى تحقيقها.
إننا في الوقت الذي نعرب فيه عن حرصنا على دفع الحراك الشعبي الى الأمام، يجدر بنا الانتباه الى أن قوى متنفذة في النظام تتابع ما يجري في بلدان ما اصطلح على تسميته بـ “الربيع العربي” وهي تراهن على أن الفوضى التي تنشب مخالبها في هذه البلدان، وخاصة في الشقيقة الكبرى مصر التي يتجاوز تأثير ما يحدث فيها حدودها الجغرافية، ستساعدها على حصر عملية اصلاح النظام ضمن الحدود الدنيا، وتؤمن فرص النجاح لمحاولاتها الرامية الى الحيلولة دون أن تتجذر هذا العملية ذات الطابع الديمقراطي والوطني، وتكتسب بالتدريج سمات الثبات والديمومة والشمولية لمجمل البنى السياسية والاقتصادية للنظام.
من هنا فإن لقوى الحراك الشعبي مصلحة أكيدة في أن تتمكن القوى الثورية المصرية من صد هجمات قوى الثورة المضادة، وافشال مخططاتها. وبالتالي على الحراك أن يعير اهتماما للتضامن وتقديم شتى أشكال الدعم السياسي والمعنوي للشعب المصري ولنضاله الثوري، كما هو الحال بالنسبة لسائر الشعوب العربية، من أجل التغيير الجذري والحقيقي على طريق التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.
كما يصعب تخيل حدوث استجابة جادة من قبل النظام لمطالب الاصلاح الحقيقي بمعزل عن التصدي ومقاومة ضغوط الولايات المتحدة وابتزازها السياسي لحرف المطالب الشعبية عن جادة الاصلاحات التي تخدم مصالح الشعب الأردني وتعزز منعته في مجابهة السياسة العدوانية والتوسعية للكيان الصهيوني العنصري، ومساعيه المحمومة لتصفية القضية الوطنية للشعب الفلسطيني على حساب الأردن، وفي مقدمة ذلك فرض حقائق جديدة تقضي نهائيا على فرص حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وأراضيهم التي هجروا منها قسرا.
ومن هنا نعتقد أن الحراك الشعبي الأردني كمعبر عن مصالح أوسع الجماهير الشعبية الأردنية معني أن يضمن مطالبه بالتغيير إجبار النظام على إدخال تعديل جذري على السياسة الخارجية الأردنية، بحيث تتخلى عن الارتباط والارتهان للدوائر الامبريالية، وخاصة الأمريكية، وأن تعيد النظر في مجمل علاقاتها مع الكيان الصهيوني والاتفاقيات المعقودة معه، وفي مقدمتها اتفاقية وادي عربة، لا سيما أن هذه الاتفاقيات لم تردع الدوائر العدوانية (الاسرائيلية) عن مواصلة انتهاج سياسة عدائية تجاه الأردن وتهديد سيادته واستقلاله.
وترى قوى الحراك الشعبي الأردني أن المخاطر التي تشكلها سياسات الأسرلة والتهويد والممارسات القمعية (الاسرائيلية) لا تطال الشعب الفلسطيني وحده، بل تتعداه لتطال شقيقه الشعب الأردني أيضا. لذا فإن الحكومة الأردنية مطالبه على الدوام بتطوير آليات دعم الشعب الفلسطيني في شتى المجالات والمحافل العربية والاقليمية والدولية، وبذل أقصى الجهود لمحاصرة السياسات التوسعية لحكومات اليمين المتطرف الصهيونية، وعدم تمكينها من تحقيق أهدافها الخبيثة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة مدينة القدس وما حولها، وتغيير طابعها الإسلامي- المسيحي، ومواصلة الاعتداء على رموزها الدينية الاسلامية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك.
وتتطلع أحزاب المعارضة الوطنية الأردنية لأن تبذل الحكومة الأردنية أقصى ما تستطيع من جهد لدفع مسارالمصالحة الوطنية الفلسطينية الى الأمام، وتحقيق هذه المهمة في أسرع وقت ممكن، لأن أي مواجهة جادة وفاعلة للمخططات والأطماع الصهيونية والاستعمارية في فلسطين والمنطقة العربية تفترض أولا وقبل كل شيء أنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية.
الخلاصة :
1- الاحتكام الى القواسم المشتركة التي تلتقي عليها لجنة تنسيق أحزاب المعارضة الوطنية الأردنية
2- التزام كل حزب ببذل أقصى جهد ممكن لانجاح الفعاليات المقرة.
3- الالتزام بالموقف السياسي التي تجمع عليه لجنة التنسيق وعدم الخروج عليه.
4- رفع سوية التنسيق بين كافة مكونات الحراك الشعبي من أحزاب سياسية وقوى شعبية مختلفة (القوى الجديدة التي انخرطت في الحراك) وخاصة حول الاهداف الاجتماعية – الاقتصادية والسياسية التي يتبناها الحراك.
5- العمل على تحقيق أوسع التفاف سياسي وشعبي حول أهداف الحراك وتأمين المناخ المواتي لانخراط المزيد من الفئات والشرائح الاجتماعية في النضال من اجل تحقيق الاهداف المعلنة للحراك.
6- التمسك بالأولويات التالية في سياق النضال من اجل تحقيق كامل اهداف الحراك الشعبي
- تعديل المادة 34 من الدستور بحيث يتم تحصين مجلس النواب من الحل إلا بانتهاء مدته الدستورية.
- تعديل المادة 35 من الدستور يحيث يتم تكليف كتلة الأغلبية بتشكيل الحكومة.
- تعديل المادة 36 من الدستور بحيث يتم اتخاب مجلس الأعيان أو الغاء دوره التشريعي.
- الضغط على مجلس النواب لعدم تمرير مشاريع قوانين الانتخاب والأحزاب والهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات الا بعد تعديلها بما يستجيب لمطالب الحراك الشعبي وقواه الفاعلة، والتي أشرنا الى أبرزها في سياق هذه الورقة.
- تنفيذ الاصلاح الاقتصادي، الذي ينهي حالة التبعية للمراكز الرأسمالية العالمية، ويقر سياسة اقتصادية قوامها الاعتماد على الذات، واسترجاع الثروات الوطنية المنهوبة، والاصلاح الضريبي، والاهتمام بالأبعاد الاجتماعية للتنمية الاقتصادية.
- ممارسة شتى الضغوط على الحكومة للاستجابة للمطالب المعاشية والاجتماعية للجماهير، والدفاع عن قضايا العمال وحقوقهم.