كشَفَ رجل الأعمال السجين خالد شاهين أنَّهُ كان على تواصل يومي مع رئيس الوزراء السابق د. معروف البخيت من خلال السفارة الأردنية في بريطانيا، أثناء فترة خروجه للعلاج نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي، مستغرباً وصفه من قبل الحكومة السابقة بـ “الفار من وجه العدالة”.
ومضى شاهين في حوار أجرَتْهُ معه “الغد” في سجنه بمركز اصلاح وتأهيل سلحوب، بكشف تفاصيل جديدة تعلن للمرَّة الأولى، تؤكِّد أنه كان على تواصل دائم مع الحكومة السابقة، مبيِّناً أنَّه عندما غادَرَ لندن إلى باريس بواسطة القطار لمواصلة العلاج، بعد تحذير الأطباء له من السفر بالطائرة، اتصَلَ مع القائم بأعمال السفير ماجد القطارنة فورَ وصوله إلى باريس، ووضعه بآخر المستجدات الطبية، لإطلاع البخيت عليها.
ونوه إلى أنَّ القطارنة سأله إنه كان من الضروريِّ إبلاغ رئيس الوزراء بمستجداته الطبية، وأنَّهُ أجابه “لماذا إذن أتواصَلُ معك؟”.
وكان سفر شاهين للعلاج إلى لندن شغلَ الرأي العام المحلي لعدة أشهر، واتهمت حكومة البخيت بـ “تهريبه”، بعد إشاعات عن دخوله إلى مستشفى الخالدي في العاشر من كانون الثاني (يناير) 2011 ثم تدهورت حالته الصحية، ما استدعى نقله إلى الخارج، وفقَ تقارير من لجنة طبية أوصت بالسماح له بالعلاج خارج البلاد استنادا للمادة 25 من قانون مراكز الاصلاح والتأهيل.
وحكم على شاهين بالسجن 3 أعوام بعد تجريمه بجناية الرشوة في قضية مصفاة البترول، وعدم مسؤوليته عن جناية التحريض على استثمار الوظيفة، وفق الحكم الصادر بحقه من قبل القاضي العسكري العميد صبحي المواس، في شهر تموز (يوليو) من العام 2010.
واتهَمَ شاهين حكومة البخيت بـ”محاولة كسب الرأي العام المحلي”، بعدما أظهرَتْه بصورة كأنَّه يتحدى الدولة ويرفض العودة.
وقال في هذا الصدد “إنَّني لن أكونَ أكبر من الدولة، ولم أتحدَّاها في أيِّ يومٍ من الأيام، وليس هناك أي شخص أكبر من دولته”.
واعتبَرَ رجل الأعمال أنَّ حكومة البخيت تقصَّدت “التجارة” بقضيته، وفقَ وصفه، لكسب ثقة الرأي العام على حساب صحته، بعد المشاكل العديدة التي أثيرت حولها، كما مضى إلى القول.
وفي منتصف تشرين الأول (أكتوبر) قال البخيت في تصريحات صحفية إنَّ “هيئة مكافحة الفساد تتابع التحقيق حول كافة الظروف المتعلقة بالسماح لشاهين بالسفر للعلاج خارج البلاد لبيان الحقائق وتحديد أي مسؤوليات بهذا الشأن وبالسرعة الممكنة”.
وأكَّدَ البخيت في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية حينها “تصميم الحكومة على الوصول إلى أيِّ حقائق خارجة عما تمَّ إعلانه من معلومات حول القضية، وبيان ما إذا كانت هناك أخطاء وتحديد المسؤولين عنها”. وردا على سؤال حول ما سيجري بعد التحقق من تلك المعلومات قال رئيس الوزراء السابق “سيكون لكل حادث حديث”.
ويعتقد شاهين أنَّ حكومة البخيت أرادت تطبيقَ مفهوم هيبة الدولة “من خلال مبدأ البطش والقوة”، مستدركاً أنَّ ذلك كان خطأ ومضيفا أنَّ “هيبة الدولة لا يُمكنُ تحقيقها إلا من خلال الضرب بمسطرة العدل”.
وأعادت الحكومة السابقة خالد شاهين إلى عمان مخفوراً في السابع عشر من آب (اغسطس) الماضي قادما من ألمانيا برفقة دبلوماسي من وزارة الخارجية وضابط من جهاز الأمن العام، ووزعت صوره وهو مقيد اليدين على باب الطائرة، ثم أودعته سجن الجويدة قبل نقله إلى سلحوب في وقت لاحق.
وقال شاهين “ليس لدي ما أخاف عليه، فلقد انصعتُ إلى قرار محكمة أمن الدولة، وإنَّني حريص على الولاء لبلدي وكافة المؤسسات التابعة لها”، مشيرا إلى أنَّه قدَّمَ الكثير من المشاريع الخيرية في مناطق عديدة لا يُريد الحديث عنها، وفق قوله.
وشدَّدَ على أنَّه لا يبحَثُ من خلال هذا الحوار عن كسب التعاطف الشعبي، مؤكدا أنَّ كل ما يصبو إليه هو “العدل في القضية”.
وأشار إلى احترامه لقرار القضاء الذي صدر بحقه وكافة مؤسسات الدولة.
وأضاف “أعتقدُ أنَّ السكوت عن الظلم هو الظلم نفسه، خاصة في ظل هذه الظروف التي يمر بها الأردن”، رائيا “أنَّ العدل لا يعني التستر على الحقيقة”.
وذهب شاهين إلى القول إنَّ “الذين أصدروا الحكم بقضية مصفاة البترول ليسوا ملائكة وأنَّ الخطأ من الممكن أن يقع”، مشددا على احترامه لكافة القرارات التي صدرت من المحكمة تجاه قضيته، واحترامه لكافة المؤسسات العاملة في الأردن.
وطالَبَ شاهين بإعادة محاكمته بقوله إنَّ “الرجوع عن الخطأ فضيلة”، مستشهداً بالعديد من القضايا التي تمَّت إعادة المحاكمات فيها في تاريخ القضاء الأردني. ونوَّه خصوصا الى قضية مزارعي البندورة نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي.
وانتقَدَ شاهين بعض الأخبار التي تمَّ نشرها خلال تلقيه العلاج خارج البلاد، وأظهرته أمام الرأي العام، وفق تعبيره، بأنَّهُ يتحدَّى الدولة، مشدِّداً على أنَّ هذا ما يرفضه “جملة وتفصيلا”.
ورفَضَ الخوض في تفاصيل قضية مصفاة البترول، مكتفيا بالقول “أحترم كافة قرارات المحكمة، لكني أدعو إلى إعادة المحاكمة”. واستذكر في السياق ذاته مقولة “خير لك أنْ تبرِّئ ألف مذنب من أنْ تظلمَ بريئا”.
وزاد أنَّ “الدولة التي تضربُ بيد من حديد على الفساد والمفسدين عليها أنْ تكونَ حريصة على تطبيق العدل”، معتبراً أنَّ استرجاع هيبة الدولة يكون بـ “إعادة الحقوق وتحقيق العدالة”. ورأى أنَّ ذلك “من أركان فرض الهيبة”.
وبيَّنَ أنَّ ما يهمه في الوقت الحالي حالته الصحية، مطالبا بالسماح له بقضاء ما تبقى من فترة محكوميَّتِه في منزله، حتى يتمكَّنَ من تلقي العلاج اللازم للحفاظ على صحته.
ولفَتَ إلى أنَّ الأطباء المناوبين في مركز سجن سلحوب لا يستطيعون تقديم الخدمات الطبية اللازمة له في بعض الأوقات، نظراً لسوء حالته الصحية.
وأشادَ بمعاملة الأطباء المناوبين على حالته في سجن سلحوب، مشيرا إلى أنَّ الأمن العام سمَحَ له بإدخال كافة المعدات الطبية اللوجستية التي تستلزم الاستمرار في علاجه، مثل السرير الطبِّي وبعض المعدات الطبية والأدوية.
ودعا شاهين الرأي العام المحلي الى عدم الاستماع إلى ما أسماه بـ “الغوغائية” في بعض القصص التي نشرت عنه، قائلا “إذا كان لدى أيِّ مواطن وثيقة ضدِّي، فإنِّي على استعداد للمثول أمام القضاء”.