إنها حرب نفطية عالمية تتصاعد يوماً بعد يوم وتقترب من نقطة الذروة. ليس هناك توصيف آخر لما يدور في الخليج العربي وفي الاسواق العالمية التي ارتفعت فيها أسعار النفط الى ما يزيد على ??? دولاراً للبرميل، وباتت تهدد بأزمة اقتصادية في مختلف أنحاء العالم.
هي في المعلن بديل الحرب العسكرية المحظورة وغير المرغوبة بين الغرب وإيران حول برنامجها النووي، لكنها يمكن أن تكون أشد إيلاماً من غارات جوية أو ضربات صاروخية يمكن أن يجري تبادلها بين الجانبين، كما يمكن ان تكون أكثر إيذاء من عمليات أمنية واستخباراتية تجري حاليا بينهما وتستخدم فيها مختلف أنواع الوسائل والأهداف المحرمة.
طوال السنوات الماضية من عمر الصراع، كان استخدام سلاح النفط بين الغرب وإيران خارج الحسبان والتصور، لأنه كان يبدو سبباً لإشعال الحرب العسكرية التي كان الجانبان يعملان على تفاديها ويعتبران أنه يمكن تجنبها بالمطلق. هذا المنطق لم يتغير حتى الآن، لكن بلوغ حافة الحرب لم تعد تعترضه أي عقبات أو أي أولويات أميركية أو إيرانية منعت المواجهة المباشرة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
الحشود والمناورات العسكرية المتبادلة تهدف الى إظهار الجدية في الوقوف عند هذه الحافة، وفي ممارسة أقصى الضغوط التي تفرض على أحدهما رفع الراية البيضاء من دون الحاجة الى إطلاق النار. لكن النفط الذي كان ولا يزال في خلفية جميع الحروب التي شهدها العالم العربي والإسلامي، لم يعد في الحالة الإيرانية سلعة للمناورة، وهو ما أثبتته أيضاً التجربة العراقية.
الضغط على الداخل الإيراني شديد جداً، لكن الافتراض أن القيادة في طهران يمكن أن تسلم نتيجة تراجع الأرقام الاقتصادية وهمي، لا سيما اذا كان الهدف من هذا الضغط ان يتزامن مع معركة انتخابات مجلس الشورى الإيراني الشهر المقبل، التي خرج منها الإصلاحيون المعارضون للنظام بقرار واع ومدروس.
وكذا الامر بالنسبة الى الضغط على الداخل الأميركي أو الاوروبي، الذي قدم الدليل على انه يستطيع الاستغناء عن النفط الإيراني، ويعرقل تسويقه في الاسواق الصينية والهندية التي تعتمد عليه أكثر من أي نفط آخر.. بما يحول دون استخدامه في المعركة السياسية ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما أو الفرنسي نيكولا ساركوزي اللذين يمكن ان يسقطا في الانتخابات لأسباب عديدة غير النفط، كما يمكن ان يأتي بعدهما من هو أسوأ وأكثر تشددا في المواجهة مع ايران، وأسماء المرشحين لمنافستهما لا تحتاج الى برهان.
الحرب على أشدها، والضربات المتبادلة متواصلة على مدار الساعة. ميزانها الرئيسي الآن هو أسعار السلع والعملات والخدمات في كل من طهران ونيويورك وباريس ولندن وغالبية العواصم الكبرى في العالم. ومعيارها الوحيد هو ما اذا كان الشعب الإيراني سيتحرك ضد نظامه قبل أن يتحرك الشعب الأميركي أو الفرنسي أو البريطاني ضد حكامه.. ومخرجها الوحيد أن يتوقف الغرب عن مجاملة الإسرائيليين في أزمة كانت وتبقى مصطنعة لا أثر فيها لأي قنبلة نووية، ولا لبرنامج نووي جدي.