أنذر الرئيس باراك أوباما المجلس العسكري الحاكم في مصر بوقف المساعدات (1.3 بليون دولار سنوياً)، بعد منع ستة أميركيين، بينهم سام، ابن وزير النقل راي لحود، من السفر إلى ان ينتهي التحقيق في تمويل منظمات أهلية «غير مرخص لها». والممنوعون من السفر يعملون في هيئات أميركية شبه رسمية، تمولها واشنطن، لتعزيز الديموقراطية في مصر والبلدان العربية («واشنطن بوست»).
هذا الاختبار للعلاقات بين البلدين هو الأول بعد التغيير في مصر. لكن الابتزاز والتهديد بوقف المساعدات ليس جديداً، فقد سبق للإدارات المتعاقبة، منذ كامب ديفيد، أن مارسته كلما شعرت بأن القاهرة قد «تنحرف» عن المسار المرسوم.
بهذا الإبتزاز المالي، فضلاً عن الإبتزاز السياسي، وتحريك العصبيات الدينية والطائفية وإغراق المؤسسة العسكرية في مشاريع اقتصادية، استطاعت الولايات المتحدة تحييد أكبر بلد عربي وشل إرادته، وتحويله إلى ما يشبه المحمية، إلى ان فاجأتها الإنتفاضة فارتبكت في البداية، ثم ما لبثت أن استعادت توازنها، وارتاحت إلى تحالف «الإخوان المسلمين» والمؤسسة العسكرية، هذا التحالف الذي أوصل «الإخوان» إلى الحكم. وها هي اليوم تختبر مدى قدرة الفريقين على المحافظة على نهج قديم في بلد يشهد تحولاً تاريخياً، معتبرة ان منع ستة من مواطنيها من السفر «يعرض حياتهم للخطر»، على ما أعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي قال أيضاً إن الحادث «يمكن أن يسبب انتكاسة للشراكة الطويلة الأمد مع مصر».
قد تتجاوز القاهرة وواشنطن هذه الأزمة البسيطة في وقت قريب. إلا أن أزمات أخرى كثيرة قد تنشب بين البلدين، خصوصاً أن مطلقي الإنتفاضة عادوا إلى الميادين، ولديهم مطالب كثيرة، ليس آخرها تخلي العسكر عن السلطة والعودة إلى الثكنات. وسيكون الاختبار الأكبر للعلاقة بين البلدين عندما تبدأ الديموقراطية الوليدة تطالب السلطة بمواقف من العلاقة مع إسرائيل وبعودة القاهرة إلى لعب دور طال انتظاره في المحيط العربي.
ابتزاز واشنطن لمصر لن يتوقف وسيتخذ أشكالاً مختلفة، منها وقف المساعدات، والتلويح بتهميش دورها عربياً وإسلامياً، و «الإخوان» الذين تسلموا زمام الأمور يخضعون اليوم لاختبارين، اختبار شعبي وآخر أميركي. فإلى أي من الطرفين سيميلون؟