تقع وزارة التربية والتعليم حاليا في مأزق كبير وحرج، إثر حراك المعلمين احتجاجا على هيكلة الرواتب التي يؤكدون أنها خفضت علاوتهم بنسبة 40%، حيث استمر التوقف عن تصحيح اوراق امتحان التوجيهي في معظم مراكز التصحيح المعتمدة في ظل «تجاهل» الحكومة لمطالب المعلمين.
ولم تنجح حتى الآن المساعي الخاصة من قبل مسؤولي التربية والتعليم بوضع آليات تواجه الخطوات التصعيدية للمعلمين ابتداء بالاعتصامات ومقاطعة التصحيح وغيرها من الوسائل المشروعة للتعبير عن رفضهم لمشروع الهيكلة. كما تلاقت لجان المعلمين المؤيدة للنقابة والمناهضة لها كذلك في رفض مشروع الهيكلة، ما يؤكد أن مرحلة تعافي تصحيح اوراق امتحان التوجيهي والخروج من المحنة الحالية قد تطول إذا ما استمرت الاوضاع على الوتيرة ذاتها.
ولا شك أن مصير سير امتحان التوجيهي سيتأثر اذا ما اتخذت خطوات قد تطول مناحي أخرى تؤدي الى تأخر في إعلان نتائج الامتحان للدورة الشتوية، التي حددت الخطة المبرمجة موعدها في الاسبوع الاول من الشهر المقبل.
وفي هذا السياق، تدرس وزارة التربية حاليا عددا من الخيارات للخروج من هذا المأزق من بينها، وفق مصادر، الاستعانة بمعلمي مدارس القطاع الخاص، بيد أن لجان المعلمين عملت خلال الايام الماضية على محاولة إجهاض هذه الجهود من خلال تصعيد إجراءاتها سعيا لتحقيق مطالبها.
على هذا الصعيد، ما زالت احتجاحات المعلمين في عدة مناطق مستمرة رفضا لمشروع الهيكلة الذي يعتبره المعلمون مجحفا في حقهم. وباتت الاستجابة للتوقف عن التصحيح في تزايد بانضمام مراكز جديدة رغم المحاولات الجاهدة من وزارة التربية والتعليم وادارة الامتحانات لرأب الصدع والبحث عن أي بدائل متاحة.
ففي اربد قال الناطق الإعلامي للجنة الوطنية لإحياء نقابة المعلمين/ اربد عضو اللجنة الوطنية لإحياء نقابة معلمي الأردن أيمن صياحين ان لقاء وفد اللجنة مع وزير التربية والتعليم الدكتور عيد الدحيات الذي عقد في مديرية تربية اربد الأولى امس الاول الجمعة لم يتمخض عن أي نتائج.
وبين أن الوفد عرض على الوزير جدولة المتبقي من علاوة الـ(100%) مكرمة جلالة الملك أو إضافتها كاملة.وأضاف الصياحين انه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه ستبقى عملية تصحيح امتحان أوراق الثانوية العامة للدورة الحالية متوقفة تماما وإذا ما استمر الوضع الى يوم (6) من الشهر القادم، يوم عودة الطلبة الى مدارسهم، ستبدأ اعتصامات وإضرابات في كافة المدارس.
وفي المفرق واصل المعلمون لليوم الرابع على التوالي اعتصامهم أمام مركز تصحيح أوراق الثانوية العامة في مدرسة حي الفدين الاساسية للبنات والتوقف عن التصحيح.
وشهد مركز تصحيح أوراق الثانوية العامة نسبة توقف بلغت حوالي 95% وحالة من الفوضى والارباك نتيجة لعدم أنتظام التصحيح بحسب ما افاد به رئيس لجنة معلمي المفرق قاسم العرقان مشيرا الى أن غالبية المعلمين المصححين لم يحضروا الى مركز التصحيح وتوقف الذين حضروا عن التصحيح.
وأشار العرقان الى اعتصام تصعيدي مفتوح اليوم أمام مبنى المحافظة ولكافة المعلمين والاداريين في مديريات التربية بالمفرق بأستثناء المعلمين المراقبين على قاعات الثانوية العامة .
الى ذلك أبدى اولياء امور تخوفهم من الاعتصامات التي ينفذها المعلمون والتوقف عن عمليات التصحيح مما قد يسهم في خلق حالة من الفوضى والارباك والضغوط النفسية التي قد تنعكس على دور المصحح وبالتالي عدم الوصول الى النتيجة الصحيحة والدقيقة للطلبة.
ورغم محاولات الوزارة الخروج من عنق الزجاجة المتمثل بموضوع توقف معظم المعلمين عن عملية التصحيح، فإن احتواء هذا الامر بات من الصعوبة بمكان، حسب ما أفاد ممثل لجنة عمان الحرة علاء ابو طربوش.
وأشار ابو طربوش الى أن عملية تصحيح الامتحان مرهونة بمعلمي الصف الثاني الثانوي مدرسي مباحث التوجيهي، وانه من الصعب اللجوء الى كوادر اخرى بديلا عنهم.
وبين أن اللجوء الى معلمي التعليم الخاص في ظل اعداد المشتركين في امتحان التوجيهي في الدورة الشتوية الحالية لن يحل الازمة، كما أن ذلك يخالف معايير تصحيح امتحان الثانوية العامة، وفق قوله.
ووفقا لممثلي لجان المعلمين، فقد توسع نطاق توقف المعلمين عن تصحيح أوراق الامتحان في مراكز التصحيح المعتمدة وفي اكبر تجمعات للمراكز في عمان واربد بانضمام مراكز تصحيح جديدة، حيث شمل التوقف عن التصحيح 12 محافظة يوجد فيها مراكز تصحيح، فيما لم يكن الالتزام بالتوقف عن التصحيح في مراكز تصحيح الكرك كاملا لخلافات وتجاذبات بين تيارات المعلمين.
وحسب مؤشرات من لجان معلمين، فقد توقف عن تصحيح مبحث الفيزياء ما نسبته 97% من المعلمين والرياضيات اكثر من 90%، وكان التوقف كاملا (مئة بالمئة) عن تصحيح مبحثي الاحياء وعلوم الارض.
الى ذلك، لا تزال لجان المعلمين تصر على مواقفها بالمطالبة في تثبيت علاوة المهنة (100%) وعلاوة الرتب (25%) واتخاذ خطوات تصعيدية بالدعوة الى اعتصام مفتوح أمام الديوان الملكي حيث يجري تحشيد للمعلمين من جميع المحافظات الى عمان.
وأكد بيان صادر عن اللجنة الوطنية لنقابة المعلمين في عمان باسم رئيس اللجنة أحمد خلف الجعافرة أن الاضراب عن تصحيح أوراق التوجيهي مستمر في كل مراكز التصحيح في عمان العاصمة وأنه لا تراجع عن ذلك الا بعد تحقيق الاهداف التي قام الإضراب من أجلها.
وتمسكت اللجنة في بيانها بحقها في التصعيد بكل الطرق الديمقراطية والسلمية والدستورية بتنفيذ فعاليات أخرى بما فيها التوقف عن مراقبة امتحان الثانوية العامة.
ودعت فعاليات مهنية وشعبية وقوى سياسية وحراكية الى مساندة المعلمين في مطالبهم العادلة سواء بالمشاركة بفعاليات المعلمين او عن طريق إبراز قضيتهم كإحدى أهم قضايا المجتمع.
أما لجنة وطن للقطاع التربوي المناهضة لنقابة المعلمين فقد ناشدت كافة المعلمين ألا تكون مطالبتهم بالعلاوات على حساب المساس بالثانوية العامة، قائلة «لا نريد ان نكون سببا في قلق لأولياء الأمور والطلبة»، مناشدة جميع لجان المعلمين (اللجنة الوطنية ولجنة الاردن وعمان الحرة) وكل معلم عدم المساس بالثانوية العامة.
وأكدت اللجنة أن أي مساس بحقوق المعلمين سواء كانوا في المديريات او في المدارس هو «اعتداء على حقوقنا»، رافضة تفسير وزير تطوير القطاع العام بأن الـ 70% لعلاوة المعلم على الأساسي بعد الهيكلة تعادل 100% على الأساسي قبل الهيكلة.
وفي سياق احتجاجات المعلمين المستمرة على الهيكلة اعتصم العشرات من مصححي امتحانات الثانوية العامة أمس أمام مدرسة أروى بنت عبد المطلب التابعة لمديرية عمان الرابعة، مطالبين بإلغاء مشروع الهيكلة وعدم المساس بحقوقهم المكتسبة والابقاء على علاوة المعلمين. اللجنة الوطنية لنقابة المعلمين أكدت من جهتها الاستمرار بمقاطعة التصحيح إلى حين موافقة الحكومة على صرف كامل العلاوات التي قالت انها «حق مكتسب لا يجوز التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف».
