لا شك لدي في ان الحكومة التي تقدمت بطلب لنيل ثقة مجلس النواب امس, ستواجه مشاكل حقيقية في التصويت, بل كل المؤشرات تقول انها ستحصل على ثقة نيابية رغم صعوبتها في الدستور الجديد, الذي يشترط نيلها (النصف +1) من اعضاء مجلس النواب.
لا يمكن ان تقاس شعبية اي حكومة بالثقة التي تحصل عليها من مجلس النواب حتى وان حصلت على ارقام فلكية , فالنواب تعلموا من درسهم السابق مع حكومة سمير الرفاعي عندما كسروا جميع الارقام القياسية واعطوها ثقة ب¯ 111 صوتا الامر الذي ولد ازمة سياسية حقيقية في الشارع الذي فزع من رسم تحالف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في اطار جعلهما في حالة تكامل واندماج حقيقية مما يضر بمبد فصل السلطات.
فالثقة النيابية غير المسبوقة بالحكومة ولدت حساسية لدى القواعد الشعبية وخلقت حالة احتقان وتراجعا في الثقة بالمجلس المنتخب حديثا, مما اطلق الشرارة الشعبية ضد النواب وضد الحكومة, وهذا ما سمعناه في مسيرات الاحتجاج التي وجهت هتافاتها ضد السلطتين على حد سواء ولم تفرق بينهما, بل وضعتهما في كفة واحدة وبنبرة هجومية عالية غير معهودة.
تخطىء الحكومة إن اعتقدت ان نيلها الثقة النيابية هي “شيك على بياض ” يطلق يدها في كل الاتجاهات بل هي ثقة لأجل محدود يمكن ان تغيرها الكثير من الاجراءات او القرارات الحكومية او حتى التحركات الشعبية وهذا يعني ان استقرار الحكومة مرهون بالموقف النيابي الذي يمكن ان يحركه الموقف الشعبي.
المرحلة المقبلة مليئة بالمفاجآت التي نتمنى ان تكون سارة لكن امام الحكومة مرحلة عمل تشريعي شاق لا يحتمل التأخير ويبدأ من قانون الانتخاب والهيئة المستقلة للانتخابات وقانون البلديات وقانون الاحزاب وقانون المحكمة الدستورية وكذلك استعادة ثقة الشارع بالحكومة واجراءاتها.
ولا يقل عن ذلك اهمية المسألة المعيشية التي تهم المواطن التي اعتبرها جلالة الملك في مقدمة اولويات الاصلاح وهذا ينطبق على قضية إعادة هيكلة القطاع العام وهيكلة رواتب الموظفين التي ينتظرها بداية العام الجديد مئات الاف من الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين.
ستنال الحكومة الثقة فعليها ان تطمئن وعلى النواب ان لا يظنوا ان تواقيعهم تعطيهم الحق باستبدال الرقابة بالخطابة.
العرب اليوم