لغاية يومنا هذا لم يصدر بلاغ رئيس الوزراء الخاص بموازنة العام المقبل علما ان التأخير سببه الحكومة الماضية والذي من المفترض ان يكون قد صدر في شهر ايلول الماضي.
بما ان الدورة العادية انعقدت الاسبوع الماضي فان الدستور يلزم الحكومة التقدم لمجلس النواب بمشروع قانون الموازنة فورا فلا مجال للتأخير كما كان يحدث سابقا, فلا قوانين مؤقتة ولا ملاحق جديدة إلا في حالات استثنائية محددة للغاية في ثلاث حالات فقط.
الحكومة الجديدة تواجه مأزقا ماليا خطيرا وهو عبارة عن إرث تراكمي منذ سنوات لا تتحمل وزره الحكومة السابقة, فالعجز المالي الحقيقي اذا ما اضفنا اليه عجز المؤسسات المستقلة البالغ عددها 63 مؤسسة فانه سيبلغ بعد المساعدات حوالي 1.5 مليار دينار, واذا ما توجهنا الى الدين العام للمملكة مضافا اليه ايضا دين الهيئات الخاصة والتزامات الخزينة التعاقدية للشركة والمصفاة والمقاولين وغيرها فان الدين سيتجاوز الـ 13 مليار دينار, وهو اكثر من 65 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي, ويكون مخالفا لقانون الدين العام .
التحدي الاكبر في اعداد موازنة 2012 هو كيفية تحفيز الاقتصاد الوطني وتجاوز التباطؤ الاقتصادي الحاد المقدر لهذا العام بحوالي 3 بالمئة والذي من المتوقع ان يمتد للعام المقبل.
الحكومة الجديدة ورثت تبعات مالية كبيرة من المرجح ان تلقي بظلال قاتمة على كيفية اعداد الموازنة وانفاقها العام الذي من المنطق ان يتراجع لا ان يزيد, فالحكومة امام مشروع تفريخ البلديات الذي وافقت على ما انجزته الحكومة الماضية وبالتالي فان هذا يتطلب توفير مخصصات مالية جديدة لتلك المؤسسات التي من المقدر ان يكون انفاقها حوالي 300 مليون دينار على اقل تقدير, فمن اين ستوفر الحكومة تلك الاموال في هذا الظرف الصعب? فاذا كانت تعتمد بذلك على رفع اسعار المحروقات لتوفير 8 بالمئة كرسوم للبلديات من عوائد المحروقات, فان ذلك محفوف بالمخاطر السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد يكلف البلاد اعباء مالية جديدة نتيجة عدم الاستقرار
امام الحكومة الجديدة خطة كانت أقرتها سابقتها وهي برنامج اعادة هيكلة المؤسسات وزيادة الرواتب, والتقديرات الاولية لتكاليف المشروع تدور حول 120 مليون دينار على اقل تقدير, وهذا عبء جديد وكبير على موازنة مثقلة بالاعباء اصلا.
مشروع قانون موازنة 2012 مؤشر على مدى التزام الحكومة في تحفيز الاقتصاد من جهة والعودة الى ضبط المالية العامة من جهة اخرى, والكل يتطلع الى الاعلان عن مؤشراتها حتى يتسنى الحكم على الفريق الاقتصادي من حيث فهمه لطبيعة الازمة وكيفية السير في المرحلة المقبلة.
العرب اليوم