من الواضح بأن حديث رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة مع السادة النواب يوم الأربعاء التاسع من هذا الشهر يستند إلى معرفته بحقائق الأمور بما هي عليه، ولهذا فهو يرى أن الوضع الطبيعي يتطلب المزيد من حشد الجهود وتكاتفها على مختلف المستويات : بمعنى أدق فإن جل ما يطمح إليه هو محاولة الخروج بمقاربات تمهد للحلول المنشودة، وتسهم بمواجهة استحقاقات المرحلة.
تتسم إجابات ومداخلات الدكتور الطراونة بالتلقائية والشفافية، والدليل هو ما بينه للنواب حول حال الموازنة، إذ قال بأن بنودها وما جاء فيها من أرقام، وضعت بناء على تقديرات وتوقعات لم تتحق بعد، ثم ترك المجال لوزير المالية ليقدم مجمل التفصيلات، وبذلك تكون معادلة الحوار قد أخذت بعداً يرقى إلى القدرة على معالجة الاختلالات وبمنهجية تستقيم فيها الأمور، وتعرف النتائج التي يُمكن البناء على مخرجاتها.
يمتلك الرئيس الطراونة الكثير من التجارب التي تمنحه القدرة على تجاوز المنعطفات الخطرة، وفي فلسفته أن إدارة الأزمة تتطلب سلسلة من الخطوات، أهمها، انتقاء الكلمات التي تعكس في مثل هذه الظروف كل مظاهرالتحلي برباطة الجأش، ومخاطبة الرأي العام بأسلوب يثير الهمم ويقوي العزائم.
يؤمن الدكتور فايز الطراونة، بأهمية العمل المؤسسي، وهو من الذين يثقون بحسن أداء الكفاءات الأردنية كل في مجال عمله وميدان تخصصه، ومن باب التوثيق، أذكر أنه صرح بذلك لأكثر من وسيلة إعلام أجنبية وعربية عشية رحيل الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه، فقد قال آنذاك، بأن أبرز طباع الشعب الأردني، أنهم يتوحدون في مواجهة المحن، ومن صفات فرسانهم القدرة على الاحتمال عندما تشتد السنوات أو يضيق الحال.
في عرف خبراء السياسة، إن قبول مهمة العمل في الأوقات الحرجة، يتطلب توظيف مخزون الحكمة في التعاطي مع مجمل القضايا، وفي هذا السياق، فإن الرئيس الطراونة يحرص على توخي الدقة والحذر في تقييمه لسير الأمور، ومن المؤكد بأنه لا يفكر بمبدأ الاحتواء أو الاسترضاء، وهو ينبذ صفة الاستقواء مثلما يستبعد شروط الإذعان، والتي تعتمد في بعض الحالات على أسلوب التهدئة، لكنها في نهاية المطاف تشوش على مقومات الثقة.
يؤكد الدكتور الطراونة بأن حكومته انتقالية، وتبدو مهمته شائكة وشائقة معاً ً، الجانب الشائك فيها هو أنه يعود للدوار الرابع، في مرحلة يشعر الناس فيها بالارهاق من تراكمات الأزمات المالية المعاصرة والتي تخللتها عمليات زحف جائر على الممتلكات من قبل أناس فكروا بمضاعفة إنجازاتهم ولم تأخذهم الرأفة بمعاناة من هم حولهم، أما الجانب الشائق، فهو أن الرئيس الطراونة بقي على تواصل مع مختلف شرائح المجتمع، وهو محاضر يمتلك المرونة التي يلتقي من خلالها مع ذائقة الجمهور، وبدون أن ينتابه شيء من الحدة أو الغضب، والسبب بطبيعة الحال يعود لقناعاته بأن تجاوز التبعات السلبية يعتمد على التوافق في منهجية التصويب والتصدي لأسوأ الاحتمالات.
الدستور