على نحو مفاجئ، خرج مسؤول الرقابة والتفتيش بوزارة الزراعة، المهندس رائد العدوان، إلى الرأي العام، ووجه اتهامات خطيرة وصريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والدولة، قال إنهم متورطون في قضايا فساد.
العدوان عقد مؤتمرا صحفيا في منزله، بعد أن رفضت نقابة المهندسين الزراعيين استضافته، عرض خلاله بالوثائق ما ادعى أنها أدلة على اتهاماته.
الاتهامات خطيرة جدا ومتنوعة، أبرزها السماح بدخول شحنة دجاج فاسد للأسواق الأردنية؛ تدخل مسؤول كبير من أجل إزالة أمهات الزيتون لتوسعة مخيم البقعة؛ وسيطرة متنفذين على مساحات من الأراضي في الأغوار.
كما اتهم العدوان وزارة الزراعة بإدخال شحنة ذرة فاسدة إلى السوق الأردنية تعود لإحدى الشركات المتنفذة.
العدوان كان غاضبا ومحتدا، وذكر المتهمين بالأسماء الصريحة. ونشرت وسائل إعلام بعض الوثائق التي عرضها في المؤتمر الصحفي “المنزلي”
.القنابل التي فجرها المهندس العدوان تطرح أسئلة عديدة: لماذا اختار العدوان هذا التوقيت لكشف كل هذه “البلاوي”؟
وهل لذلك صلة بقرار نقله من موقعه، أم أن قرار النقل كان بمثابة عقوبة لموظف حكومي لم يسكت على الفساد؟
وهل يمكن لموظف يعرف تمام المعرفة الأنظمة والقوانين بحكم عمله في دائرة الرقابة والتفتيش، أن يكيل الاتهامات جزافا لمسؤولين كبار في الدولة، من دون أن تتوفر لديه أدلة دامغة؟
لا شك أن موظفا بخبرته وموقعه يدرك تماما خطورة ما يقول، والعواقب المترتبة عليه في حال ثبت عدم صحة الاتهامات.
لذلك، فإن ما ورد في مؤتمر المهندس العدوان يستدعي من جهات التحقيق وهيئة مكافحة الفساد تحديدا المبادرة فورا إلى فتح تحقيق، واستدعاء العدوان والمتهمين للاستماع إلى أقوالهم، وتحويل كل من يثبت تورطه إلى القضاء.
لقد دفعت الدولة ثمنا باهظا من سمعتها ومصداقيتها جراء قضايا فساد طالت مسؤولين كبارا، وخسرت ثقة مواطنيها بسبب التستر على تلك القضايا وإغلاق ملفاتها.
وفي المقابل، تعرضت سمعة آخرين للاغتيال والتشويه من وراء اتهامات باطلة طالتهم وهم في مواقع المسؤولية.
لكي نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في اتهامات العدوان، ينبغي عدم التردد في فتح التحقيق القضائي؛ فمن حق الناس أن يعرفوا الحقيقة، خاصة أن الأمر يتعلق بصحتهم.
ومن حق الدولة أن تتحرك لاستعادة ما نهب من أملاك وأراض إذا ما صحت الاتهامات.
ومن مصلحة المسؤولين المتهمين أن يدافعوا عن أنفسهم، ويبرئوا ساحتهم أمام القضاء، إذا ما كانت اتهامات العدوان مجرد ادعاءات باطلة.
حتى يوم أمس، تجاهلت الأطراف المتهمة، وفي المقدمة منها وزارة الزراعة، الرد على تصريحات العدوان أو التعليق عليها لوسائل الإعلام.
وهذا ليس في مصلحتها.
وإذا ما استمرت في التزام الصمت، فإن الاتهامات ستصبح أدلة إدانة في نظر الرأي العام، يصعب محوها.
الغد