بالجملة تم طرد دبلوماسيين سوريين من عدد من العواصم .. أصدرت بلادهم الحكم قبل إجراء التحقيقات .. دائما هنالك من ينفذ قبل أن يفكر أو يفكر بالطرق المسدودة، وخصوصا عندما يتصل الحدث بمن هم أضعف وأقل حماية حتى لو كان الحامي بلدا بقوة روسيا. قرأت لأحدهم أن الأميركي لا يرى في مجموعة البريكس سوى قوى ما زالت على خط الهواية السياسية وبعضها على خطوط القوة العسكرية. وقرأت أن الأميركي يعرف عناصر الضعف عند الروس والصينيين وهما أساس البريكس هذا، لكنه يتصرف بعيدا عما يعرفه، هو لا يقلب الصفحة إلا عند الانتهاء منها تماما.
باتت الضغوط على سوريا بالجملة، حرب كونية بلا منازع، القوى الكبرى وإلى جانبها متوسطة وصغرى تقدم عرضا سخيا في الاعتداء على أبرز قوى الشرق الأوسط وأكثرهم فاعلية وانتماء في التاريخ، إضافة إلى الموقع الجيوسياسي المؤثر.
في كل خطوة غربية اتجاه سوريا يلمع إنذار روسي .. تشعر السياسة الروسية أن العالم مؤسس على العنصرية، ومن مستلزماته استعمال القوة تجاه الآخر الأضعف. مورست تلك الظاهرة في أكثر من مكان ولم يحصد الأميركي والغربي عموما سوى المزيد من موت قواته .. ومع ذلك هو لا يخشى مجددا من لعبة التدخل، هو في الأصل يتدخل في سوريا لإعادة ترتيب المنطقة على قاعدة حقائق مصالحه وما هي خططه السياسية. أحلام كبيرة تدفع الأميركي والقوى الغربية إلى طرد الدبلوماسيين السوريين. عمل عنيف في لحظة استقطاب سوريا لمعادلة قواها الداخلية التي نجحت حتى الآن في استثمارها. يرفض الأميركي رؤية السوري ضمن هذا المناخ الذي وفرته تلك المعادلة ووفره عامل الاحتضان الروسي والصيني وما تبقى من دول البريكس.
تحتشد فكرة التدخل العسكري في العقل الأميركي باعتبارها مثار هوايته المحببة، بل لعله يحتاج هذا الوقت إلى التلويح بقوته التي يفترض أن لا ينساها أحد، سواء من سوريا أو من الروس وغيرهم. في كل مرة يحتاج فيها الأميركي إلى هذا النوع من الفعل لا يتراجع .. خططه سباقة على تصريحاته وإن كانت محشوة بأقوال فيها بعض الملاطفة. اللعبة تحتاج إلى عنصري إثارة متضادين: التلويح بالقوة والابتعاد قولا عن التصعيد.
لا شك أن الأجواء المحمومة عادت تسيطر على عقول اللاعبين في الأزمة السورية وفي الداخل السوري تحديدا. وبعض هؤلاء تمنوا منذ شهور أن تأتي لحظات التدخل المفترضة كي تحسم وضعا طال أمده بنظرهم، وبات يشكل تحديا للعالم كله كما هي أفكارهم المثلى. لكن السوري الذي تتعمق الأزمة في دياره، ما زال ينتظر أيا من التدخلات الخارجية كي يقرب مسافة الحل إلى الحدود التي رسمها لنهاية أزمته.
