لم يعد المواطنُ الاردنيُ قابلاً للخداع كي تمر عليه مقالب وافلام “غوار” ،ولم يعد مساحة مشاعا حتى “تمرق عليه ” احابيل السياسة التي لم تعد تنطلي على احد، “فكثر الحنجلة بعلم الرقص”. واصبحت حاسة الشم لدى المواطن قوية، وقرون الاستشعار ذات مجسات تستطيع ان ترى مكامن الخطر ” والدهلزة ” ما بعد الاكمة.
ساق هذا الحديث اليوم تغيّب النواب عن جلسة محاسبة الدكتور خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة النووية،حول ما قيل إنه اساءات بحق المناهضين لمشروع الطاقة النووي،مع انه الاكاديمي المحترم والعالم المهذب ،الذي لا يتماشى مع وقاره ما نُسب اليه،والذي فضح مخزون الاستهتار والاستعلاء الذي يكنه للناس الذين مكنوا له الوزارة فاذا هم في نظره “ما بستاهلو “…
فلماذا غاب النواب عن المواجهة؟ سؤالٌ برسم الاجابة يشرع الابوابَ على كثير من الاحتمالات والتأويلات التي تزيد الظنون ظنونا وتجعل من الريبة ريبا والصادق كذوبا، لا سيما وان “النواب” كان عليه ان ينظر في تقرير لجنة الطاقة والثروة المعدنية التي اوصت بوقف مشروع المفاعل النووي، لان الاستمرار فيه سيلقي على الاقتصاد الوطني تبعات لا قبل له بها مما يعني ان هناك تسرعا في التصريحات الإعلامية التي بنت لنا قصورا في الهواء واشبعتنا وهما نبش الذكرى الاليمة لمشاريع فاشلة نثرت الرمل ذهبا وعندما جاء الحصاد لم نجد إلا هشيما تذروه الرياح ..!
مما يستدعي التوقف مليا واستخلاص العبر من التجارب المريرة التي باعتنا سمكا في البحر ورحنا في تداعيات الامل نلوب من فشل مدور جعلنا في دوار نتعارك على جلد الدب قبل اصطياده.
وفي ما يبدو فان ما جرى من احاديث عن الكعكة الصفراء وعن الاحتياط الاستراتيجي لليورانيوم في الاردن كان حديثا تنقصه الدقة العلمية والرصانة البحثية ولم يتعد كونه فرقعة اعلامية لتسويق مشروع غير مضمون النتائج، وتضليلا للشعب الاردني. وفي حال المضي به ستدفع الفاتورة الاجيال اللاحقة صحة وبيئة وديونا طائلة.
والسؤال هنا: لماذا لا نكمل مشوارنا في مجال الطاقة المتجددة التي اقبلنا عليها مبكرين من اجل اردن نظيف وآمن بعيدا عن اية آثار كارثية قد يخلقها تخصيب اليورانيوم لا سيما وان كثيرا من الدول تعتزم العدول عن هذه الطاقة الى بدائل اكثر أمانا، ولماذا لا يفسر اي شك لمصلحة الوطن والمو – العرب اليوماطن في ظل ظروف لا نستطيع بها ان نقامر بمشاريع وبمليارات الدنانير لا نعرف نهاياتها على وجه اليقين