رغم ان النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية المصرية لم تصدر، فيكاد المتتبع ان يتعرف على آفاقها اذا ماتمت ملاحقة مايمكن من تفاصيل النتائج في أقلام الاقتراع .. فلقد ثبت توزعا كبيرا للاصوات بين الاسماء الرئيسية مما يعني عدم القدرة على حسم النتيجة خلال هذه الجولة، وبالتالي الذهاب مجددا الى الدورة الثانية التي ستشفي غليل المصريين وتقدم لهم رئيسهم المنتظر.
لن يكون مفاجئا تقدم مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي نظرا للصورة التركيبية السياسية للمجتمع المصري بعد سقوط حسني مبارك .. لكن المفاجأة غير المتوقعة ان يخرج من الحلبة عمرو موسى الذي قيده كثيرون ضمن لائحة التباري النهائي على الرئاسة. وفيما يقدم أحمد شفيق تقدما واضحا مما يعني نجاحه في استقطاب قوتين كبيرتين: الاقباط وبقايا الحزب الوطني (المباركي)، فان وصوله الى خط الفوز يؤشر بنظر المصريين عودة للحكم القديم وهو قد يلاقي رفضا قاطعا، كانت بوادره قد ظهرت حين تم رشقه بالاحذية والحجارة في احد مراكز الاقتراع. اما الخطأ الذي لم تتم تسويته حتى اللحظات الاخيرة، فكان امكانية التحالف بين المرشحين حمدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح، بعدما ثبت ان صباحي يهدد الجميع بالفعل وانه قد يكون المفاجأة التي لم يحسب لها حسابا رغم الحرب الاعلامية التي شنت عليه واتهامه عبر مكبرات الصوت بانه حليف الاقباط وشيوعي ايضا، ومع ذلك يتقدم صباحي الى الحد الذي رشحته احدة السيناريوهات بان تكون المبارزة النهائية بينه وبين محمد مرسي.
تدلل النتائج حتى الآن، ان ثمة انقساما في اوساط المصريين على المرشحين الاساسيين الذين يتقدمون المنافسة، وهو انقسام لن يسمح لأي متنافس على مايبدو بنيل الخمسين بالمائة زائد واحد .. واذا عرفنا ان المصريين يخوضون اختيار رئيسهم المقبل عبر تلك الظاهرة الديمقراطية التي تجسدت في أبرز معانيها ولاقت استحسانا من المشرفين على الانتخابات سواء المحليين او الاجانب، فإن مصر، بما لها من تاريخ وقيم، ستصبح مرشدة في خيارها المديمقراطي، وقد قدمت عرضه وكأنها قديمة العهد به، ذلك هو جوهر مصر.
يوم الثلاثاء المقبل تكون النتيجة النهائية قد ظهرت، لكنها وهي تظهر تباعا في الإعلام المصري قبل ذلك التاريخ النهائي، قد تمهد السيل للاحتفالات قبل هذا الموعد. ثمة مايقال للرئيس العتيد إنه بحاجة لمعجزة في حكمه المقبل كما قال محمد حسنين هيكل، ولأننا لسنا في عصر المعجزات، فإن مكونات المرحلة ستكون كما هائلا من الأثقال على أكتافه قد لا تجعل مسيرته ميسرة وقادرة على إضفاء الحلول التي بشر بها كل مرشح . يوم الثلاثاء لناظره قريب.