قيل لي إن من أسباب نجاح كثير من النواب، اهتمامهم بالجانب الإجتماعي، فهم أول من يحضرون الى بيت العزاء وآخر من يغادرونه ويشبكون أيديهم مع الشباب في الدبكة، ويظهرون أن النقوط هو بمغلف منتفخ، ربما يكون محتواه من الدنانير- لإيهام الناس بأن نقوطه هو الأكثر- وهذه دلالة محبّة. ويسألون عن نتائج التوجيهي. ويتدخلون في حالة وجود مشكلات في قاعات الإمتحانات، ولا بد من تسجيل الاسم في زيارة المرضى أكثر من مرة، حتى يكون ذلك رصيداً عند الأبناء، وهم لا يدخرون جهداً في البحث عن وظيفة مراسل، ضمن الكوتا التي تقسم على النواب في الوزارات التي يتم فيها التعيينات (الصحة والتربية) مثلاً. ولا بد من إحضار إعفاء لمريض على حساب جهة حكومية أو غيرها. ولا بد من إدراج مطالب المنطقة والقرية والعشيرة في بيان الثقة للرد على الحكومة والموازنة وهو يعلم أنه لا ينفّذ منها سطراً واحداً، ولا ينسى التدخلات مع الشرطة والمحافظة للأمور التي تحدث غالباً في القرى وتتحول إلى اصطفافات لا طائل تحتها، وعندما تلد أم فلان لابد أن تكون زوجته حاضرة مع هديتها، كما لابد أن يتفقد الطلاب الناجحين في الثانوية العامة مع الوعود بإدخالهم كلية الطب والصيدلة والهندسة لأنهم متفوقون ومبدعون، وربما لا تسمح معدلاتهم بدخول كليات المجتمع، أما الوجه فدائما مبتسم، ولا يستطيع أن يقول «لا» أو «يعتذر» عن دعوة كل هذه الأمور وغيرها أمور طيبة، وتصّب في خانة راحة الناس والتعاون معهم، ويعمل الكثيرون جزءاً منها أو كلها مثلي ومثل غيري دونما نفاق، لا أجر لي فيها ولا فيه صدقه حيث لا معنى لها والقيام بحق الآخرين دونما منّه أو إنتظار نتيجة.
النائب الذي نريده أيها الأخوة هو المعبّر للعشيرة والقرية، عن محبته للعشيرة والقرية وهو الذي إذا وقف أمام وزير أو رئيس لا يرتجف قلمه أو لسانه أو يخشى من مراقبته أو نقده ،هو الذي يرى أنّ الوطن كله عشيرته وقريته هو الذي يعرف أن الفتنة إذا وقعت أصابت الكل وعلاجها ليس فردي. هو الذي يتألم من داخله للمريض ويفرح للناجح حقيقة وليس تصوراًَ أو إدعاءً أو نفاقاً ، النائب الذي نريد هو الذي يستطيع أن يشكل مع مجموعة من النواب فريقاً يستطيع أن يوقف المد العكسي الذي ابتلي الوطن به وأوصلنا إلى حافة الهاوية ، هو الذي يعرف ظروف وطنه ولا يحمّله فوق طاقته، ولكنه يعرف كيف يوجه القانون لخدمة الغالبية وليس لخدمة مصلحته أو شركته، النائب المطلوب هو الذي يكون منطقياً دائماً وعقله حاضر وقلبه حاضر، هو الذي يستطيع أن يفرض الخدمة لا أن يطلبها مقابل السكوت.
هل يمكن أن تتغير الصورة، أرى أن هناك حراكاً بدأ بين الشباب على مستوى المملكة لتغيير الصورة النمطية للنائب ولإفراز مجلس جديد قوي وقادر على تحمل أعباء المرحلة والحمل والتركة التي تقصم الظهور، ولا يمكن تجاوزها إلا بتكاتف الجميع، وتغيير الصورة البائسة التي استقرت في ذهن الكثيرين، والتي لم تعد تسر صديقاً ولا تغيظ عدواً.
drfaiez@hotmail.com