رغم حسم جماعة الاخوان المسلمين لملف قديم في بيتها الداخلي يتعلق بحصر عضوية شورى الاخوان بالتنظيم الاردني التي كادت يوما أن تتسبب باستقالات جماعية إلا أن البعض ما زال يراهن على وجود انقسام داخل البيت الاخواني فهل هذا متاح لمنافسي الاسلاميين?
يدرك الفريقان (الاسلاميين ومناصروهم) ان الانقسام سيكون الجائزة الأكبر للدولة ليس لأنه سيضعف الجماعة بل أكثر من ذلك سيضع عصا غليظة في دولاب أحلام الاسلاميين الراغبين في تحقيق الاصلاح عبر انشغالهم في أنفسهم.
قيادات الجماعة تستخف بهذه المحاولات مؤكدة تماسك ووحدة صف الحركة لكن هناك من يريد قراءة بيان شباب الاخوان بعد أحداث المفرق برؤية أخرى. لقد طغى على البيان خطاب شديد اللهجة لم تعتد عليه الجماعة المعتدلة وكان منطقيا ان تسارع للتنصل منه والتأكيد أنها لم تستشر به.
اللافت في تنصل الجماعة قولها انه جاء كنوع من الاجتهاد للشباب لعدم قناعتهم بآلية تعامل القيادة مع الاحداث ما يعني ان تنصل الجماعة من بيان الشباب كان ليّنا لم يذهب حد تقريعهم او اتخاذ عقوبات حازمة بحقهم وهو ما يعني ان كهول الجماعة وشيوخها أنفسهم من أرادوا استخدام الشباب او انهم في أحسن الأحوال صمتوا عما كان يمكن أن يفهم بانه (بيان مارق) لكنه ليس كذلك.
كل ما وقع بحق شباب البيان هو “تنبيه” بأن عليهم العودة لمؤسسة الجماعة او استشارتها به وفق ما اكدته مصادر داخل الحركة.
وعلمت “العرب اليوم” من مصادر مطلعة أن الجماعة كانت بالفعل تدارست بعض المبادرات الشبابية داخل التنظيم مثل بيانهم الاخير عقب احداث المفرق وبعض الحملات التي اطلقت مؤخرا من دون قرار تنظيمي مثل حملة “انا مسلم اردني” و” انا احب وطني”.”
الناطق باسم جماعة الاخوان المسلمين جميل ابو بكر لا يحب كالعادة الدخول في التفاصيل, لهذا عندما عادت اليه “العرب اليوم” اكتفى بالاشارة ان آلية تعامل قيادة الجماعة مع بيان الاخوان الذي صدر عقب احداث المفرق هو شأن داخلي للتنظيم مشيرا، ان الاخوان اصدورا حينها موقفهم بشأن البيان بانه رأي خاص للشباب لم يصدر عن هيئة رسمية داخل تنظيم الجماعة ولم تطلع عليه القيادة او تُستشر فيه.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه بعض قيادات الحركة الاسلامية ما اقدم عليه شباب الاخوان مجرد اجتهاد بالرأي اعتبرت قيادات اخرى بيان الشباب جاء بسبب انفعالهم عقب احداث المفرق الا ان خطأهم وفق رئيس اللجنة السياسية في حزب جبهة العمل الاسلامي زكي بني ارشيد يكمن في عدم استشارة مؤسستهم والعودة اليها قبل اصدار البيان. ولهذا فانهم ارتكبوا مخالفة تنظيمية ولكن قيادة الجماعة هي المخولة في التعامل معها وفق اطرها الداخلية.
بهذا المعنى يبدو ان مراهنة بعض المراقبين على وجود انقسام داخل البيت الاخواني ساذجة لأن ما قام به شباب الاخوان يعد نوعا من تبادل الادوار بين القيادة والشباب. يقول بني ارشيد” يخطىء من يراهن على حصول تناقضات داخل الحركة الاسلامية منوها ان الدولة هي التي اصبح لديها مراكز قوى متناقضة وليست الجماعة وهو أمر غير مسبوق” لكنه في المقابل ينفي ان يكون ما حدث داخل الجماعة عقب بيان الشباب توزيعا للادوار وقال”هذا ليس الاسلوب الذي تستخدمه الجماعة”
أمر آخر يتناساه الكثير من المراقبين وهو ان التسخين الحاصل في المنطقة عامة والملفات الاردنية التي تتطابق رؤى قيادات التنظيم فيها وتجمع عليها لا تسمح بوجود انشقاقات, تقول المصادر: “هناك الكثير مما يجمعنا على رأي واحد اليوم”.