لم تكن مفاجأة لى ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لنائب مرشدها العام خيرت الشاطر للرئاسة وذلك لأن الجماعة منذ ثورة 25 يناير وهى تتراجع عن كل ما وعدت به، والغريب أن الجماعة عكس ما تصور البعض ليست فى صفقة مع المجلس العسكرى، بل نحن أمام قوتين بينهما وحدة فكر «أقصد فكر الاستبداد»، ووحدة مصير أعنى أن كليهما يعرف أن الشعب ليس إلى جانبه، ولا يدركان مخاطر ما يفعلان، فهما يفقدان رويدا رويدا مصداقيتهما لدى جموع المصريين.
أما فى تونس فنجد حركة النهضة التونسية الإسلامية والتى هى امتداد لحركة الإخوان المسلمين وبعد أن فازت بالأغلبية فى انتخابات نزيهة قررت أن يكون رئيس تونس يساريًا هو المنصف المرزوقى ثم أعلنت حركة النهضة الإسلامية أنها ستبقى فى دستورها الجديد على النص القديم الذى يقرر أن «تونس دولة حرة لغتها العربية، ودينها الإسلام» وقبلت بعدم الإشارة إلى مرجعية الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، تلك المرجعية التى أثارت قلقا فى أوساط المثقفين المدنيين التونسيين، وفسر ذلك أحد قيادات النهضة وهو عامر العريض بالقول نحن حريصون على وحدة شعبنا التونسى، ولا نريد شروخًا فى المجتمع، وتحملت فى ذلك حركة النهضة اتهامات السلفيين لها بخيانة التونسيين، وكما نشر فى الشروق 27/3 على لسان أحد قادة الحركة التونسية السلفيين: «أن كثيرين سيعتبرون أن الحركة تاجرت بالدين للوصول للسلطة، واليوم تتاجر بالتخلى عنه والتفريط فيه بالبقاء فى السلطة».
الفرق بين موقف إخوان تونس وإخوان مصر أن الإخوان التوانسة مقتنعون بأنهم يمثلون الأغلبية لذلك هم أكثر اهتماما بوحدة الشعب التونسى الذين يمثلونه، فى حين أن إخوان مصر لا يصدقون أنهم حازوا الأغلبية ولذلك يهتمون بالجماعة لا الشعب، ويتصرفون كفصيل سرى وكأقلية، إننا أمام مشهد لا يحتاج إلى محلل سياسى، بل إلى محلل نفسى حيث إن جماعة الإخوان المسلمين أرغمت كل القوى المدنية على مقاطعتها بسبب احتكارها للجنة إعداد الدستور، الأمر الذى أدى حتى إلى انسحاب ممثلى الأزهر الشريف والكنيسة المصرية الأمر الذى جعل مفكرا إسلاميا مثل الدكتور عبدالمعطى بيومى يقول لا يليق بالأزهر أن يشارك فى لجنة تسودها رغبة «المغالبة لا المشاركة». مضيفا أن علماء الأزهر وحدهم بما يمتلكونه من علم ومعرفة لهم حق التحدث باسم الإسلام، وليست التيارات المسيطرة على عمل اللجنة ونجد عالما آخر جليلا وهو أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول: «الإخوان والسلفيون ما هم إلا فرق سياسية لا يمتون لصحيح الدين بصلة، والإسلام براء مما يدعون» وكذلك وبعد ترشيح خيرت الشاطر أعلن أحد أبرز قيادات الإخوان كمال الهلباوى استقالته من الجماعة مؤكدا أن ما حدث يؤكد على صفقة بين الإخوان والعسكرى، وهكذا فلو لم أكن مصريا لوددت أن أكون تونسيا.