لا أعرف بماذا استفاد فاعل مجزرة تولوز في فرنسا غير إضافة المزيد من العداء للمسلمين وللعرب على حد سواء.. تنفيذ عملية من هذا النوع في إحدى المدن الفرنسية وإصابة يهود وغيرهم لا تقدم لكنها تؤخر، وتؤدي الى ذلك الإحساس الذي لا يبارح الأوروبيين ” بالإرهاب الإسلامي” وقوة نفوذه في الوصول الى اللحظة المناسبة له والاختيار الموفق. كلما قتل المسلمون بتصميم بارد وبعقل بارد ايضا المزيد من الاوروبيين ازدادت النقمة فيما اتسعت دائرة الحقد عليهم. فلقد مل العالم هذا النوع من القتل الذي يسبب احراجا أكثر منه طمأنة الى النتيجة المطلوبة، كما أن توقيته على ما يبدو جاء لتعزيز موقف الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي كان مهددا بخسارة الجولة الثانية من الرئاسة الفرنسية، فاذا به يتقدم على منافسيه ليعود من جديد الى واجهة فرنسا مدعوما برأي شعبية واسعة لم تكن لتتوافر له لولا أخطاء من هذا النوع.
هنالك فرق كبير بين قتل يهودي في إسرائيل وآخر خارجها .. كل يهودي في الدولة العبرية هو جزء من جيشها أو مؤهل للانضمام الى هذا الجزء .. ولأن الإسرائيلي محتل ومستوطن ويرفض حقوق شعب أهل البلاد الاصليين الفلسطينيين، فقد تجوز عليه اللعنة سواء جاءت كلاما أو تنفيذا. وتعتبر كل عملية من هذا النوع داخل إسرائيل بمثابة خطوة ايجابية، بل هي تشريع انساني للفلسطينيين بالإقدام بلا هوادة على مقاتلة الإسرائيلي في أي مكان تطاله يده داخل إسرائيل، وإلا فبأمور أخرى يراها مناسبة.
واذا كانت ” القاعدة ” قد تبنت عملية ” تولوز”، فما رأيها بما جنته وما فعلته وما أحرزته من تقدم لساركوزي المتضامن مع إسرائيل الى أبعد الحدود، والمسجل رسميا في طليعة من ينفذون السياسة الأميركية، بل هو الابن البار لها، وما جرى في ليبيا خير دليل، حين قادت فرنسا قوات الاطلسي فأجهزت تقريبا على القسم الكبير من جيش القذافي وقتلت بالمقابل عددا كبيرا من الليبيين، وقدمت عرضا سخيا للولايات المتحدة وبما يتوافق مع سياستها الرامية ليس القضاء على القذافي فقط، بل الاستيلاء على مخزون ليبيا النفطي والتمدد في ذاك البلد، ولا بأس من تقسيمه ايضا ضمن مشروع سايكس بيكو الجديد للمنطقة العربية اذا لم يكن بالمستطاع تحقيق الشرق أوسط الجديد الذي مازال على لائحة الانتظار تحت الأمل بسقوط النظام السوري.
استفاد ساركوزي إذن من تلك العملية التي قدمت له على طبق مع باقة ورد وإعادته إلى المكانة التي كان يأملها، وهو لهذه الغاية استنفر وجودا دائما في تولوز وعلى مدار أيام العملية كي يقدم نفسه الرئيس بعقل وزير