ثمة مثل شعبي يقول انك لو أضأت اصابعك العشرة فهو لن يقبل.. ينطبق الأمرعلى ” مجلس اسطنبول ” وعلى تركيا والبعض ممن يرددون بدبلوماسية مغايرة لموقفهم الحقيقي .. هم بذلك يطلقون النار على مهمة كوفي أنان قبل ان تتحول الى التنفيذ. صار مفهوما انه صراع بين ذلك ” المجلس” وبين النظام السوري، بين ذلك ” المجلس ” وبعض المخبأ في جعبته، وبين أكثرية شعبية سورية تزداد يوما بعد يوم لكنها صابرة على مانزل ببلدها من آثام لم ترضه ولن ترضاه. وبذلك عاد الصراع الى خطواته الأولى في استكمال لعبة الدم والموت المجاني ومعاقبة شعب بأكمله صار معنى الحرية بالنسبة اليه ماهو عكس مايعتقده وهو انفلات لغة التدمير المنهجي لمجتمعه.
أعجبني موقف المفكر والشاعر أدونيس وصراحته على أحد الاقنية العربية، وهو موقفه الذي ردده دائما منذ ان اكتشف اللعبة الدائرة على وطنه سورية. عندما يصحو المفكر الحر على قرقعة الانفلات في تدمير وطن، تتراءى الحقائق ناصعة. قدر المفكرين الأحرار الذين خارج سرب المتحدثين بأموال الآخرين أن يصنعوا تحولا في المفاهيم وفي الاعتقاد. هم مندوبون عن شعب مكلوم يتعاطى الصراحة في موقف، وهو أمر غير مقبول في عرف القابضين على الاعلام والمتورطين في اذكاء نار الفتنة.
لايمكن لأدونيس ان يجاهر بموقفه لولا قناعته باللعبة الدائرة والممنهجة التي يتم فيها ترتيب الملفات بناء على المهم والأهم. يتحدث أدونيس عن ثقافة شعب يتغير لكنه يظل مشدودا الى ربيعه الخاص الذي ننصح جميع من يعتقدون ان مايجري ربيعا هم واهمون ، هو في الحقيقة ” فصول لم تتم”، نقصان مثبت في حقيقة الفصول وبالتالي فهي لن تصل الى خواتيمها.
كنا نعتقد ان كوفي انان لن يكون موضوعيا لأن من يديره من قوى كبرى ستمنعه من الموضوعية.. لكننا نعتقد ان المتغيرات التي طرأت على شتى المواقف من الازمة السورية والتي حتمها قوة النظام السوري وقلعة الدولة التي يمثلها والشعب الذي يمثله، بات عليها التراجع حتى لوكان خطوة الى الوراء من أجل خطوتين الى الأمام، والتي بدورها ستكون محطة من التجربة الجديدة مع واقع سوري ثابت على هذا المنوال ولن يتغير، مقابل واقع مجلس اسطنبولي يهدر الوقت، مع انه يراهن عليه، لكن لن يصل الى غاياته مهما حاول شد عوده ومهما صنعوا له من أوتار العزف التي لاتليق بعنفوان شعب سوريا.
المطلوب اذن اطلاق سراح انان لتدبر شؤون الرهان عليه قبل الاجهاز عليه وهو في لحظة حراكه الذي لم يزل عند بواكير الكلام الكلام، تماما كما فعلوا مع الدابي وفريقه.
زهير ماجد
