كتب: نــاصر قمــش/
قد يكون مبررا للبعض ان يستظل بغطاء العشيرة للدفع باتجاه تحسين المطالب المعيشية وتحقيق مكتسبات سياسية في ظل هشاشة البنى الحزبية والاطر التنظيمية الأردنية .
فالحالة الحزبية الاردنية تحتاج الى وقت حتى تتمكن من افراز البنى التي يمكنها ان تتحمل المسؤولية بعد ان تدخل مرحلة النضج واكتساب الخبرة الكافية التي تمكنها من تمثيل المطالب وقيادة الرأي العام والتأثير في المشهد السياسي المحلي .
ما نستغريه بشدة يتمثل في انزلاق رجال دولة الى الاستقواء على الدولة ولي ذراعها عبر المظلة العشائرية وهو الامر الذي يجب التوقف عنده وعدم المرور عليه مرور الكرام، ذلك ان هذه السقطات تصدر عن رجال كانوا مؤتمنين على مقدرات الدولة ورسالتها باعتبارها تمثل جميع الاطياف والملل وليست تعبيرا عن مكون اجتماعي واحد.
طالما سمعنا هؤلاء الاشخاص ينظرون لفكرة استقلالية القضاء حينما كانوا يجلسون على كراسي الحكم باعتبار القضاء سلطة مستقلة لا سلطان عليها ويجب النأي بها عن اي تأثير سواء من قبل الاعلام او اي ضغوطات اخرى . ولكننا نرى اليوم ان هؤلاء هم من يحاول تقويض هذه الفكرة عبر العشائرية للضغط على القضاء والتأثير على مجريات ومسارات عمله . ذات الحال تنطبق على عدد اخر من المسؤولين الذين عملوا في مراكز حساسة وحيوية ولكنهم خلعوا عباءة الدولة وتخففوا من التزامهم بادبياتها عند اول مفترق وانحازوا لفكرة الضغط العشائري لتحسين شروط محاكمتهم ومحاسبتهم في محاولة مكشوفة للي ذراع الدولة واستغلال موجة الربيع العربي لاشراكها في الحراك المناهض للدولة لابتزازها .
فالاستقواء بالعشيرة تحول الى موضة لم يتحرر من سحرها وجاذبيتها اي من الاشخاص التي وجهت لهم الاتهامات بالفساد ممن هم خارج السجن ومن هم داخله .
لقد مثل الانتماء العشائري في الاردن على مدار السنوات الماضية عامل ردع لابنائها عن الانحراف والخروج على تقاليد الجماعة والتزامها باعتبارها نظاما راسخا أسهم في الحفاظ على الامن والسلم الاجتماعي بعد ان ذابت مصالحها في اطار مصالح الدولة العليا .
ويحفل التاريخ الاردني بقصص وحكايات تؤكد التزام العشائر بتطبيق القانون من خلال تسليم الخارجين عليه ومساعدة الدولة واعانتها على تطبيق القانون بحق ابنائها الخارجين عليه .
ولكننا نستغرب اليوم من البعض محاولته انتاج دور العشيرة وحرفه عن مساره ودوره التاريخي للتأثير على سيادة القانون والانتقاص من استقلالية القضاء.
في ظل الربيع العربي الاردني تراجعت الثقة بمؤسسات الدولة وباعلامها ايضا بسبب جو الاشاعات واغتيال الشخصية الذي طال مجلس النواب نفسه .
ولكن القضاء ظل مصونا وبعيدا عن اي شبهات، وها هو اليوم يحاسب الفاسدين ويعيد اموال الدولة الى خزينتها ولا يوجد امامه اي خطوط حمراء والشواهد على ذلك حاضرة في كل القضايا التي نظرها .
فقد اثبت هذا الجهاز انه الاكثر اقتدارا على التفاعل مع متطلبات المرحلة واستحقاقاتها بمهنية وحرفية وعزيمة وطنية .
لذلك فالاولى بمن طالتهم اسهم الاتهام ان يحضروا بيناتهم ووثائقهم وشهودهم لتبرئة ساحاتهم.