محمد البدارين : /
بهدوء تام ، وبدون استعجال لا مبرر له ، اخذته سيارة الشرطة الى مركز للاصلاح والتأهيل في الجويدة (مصغر جيدة) وهي قرية على بعد عدة كيلومترات من العاصمة الاردنية عمّان ( ربة عمون القديمة) وذلك تنفيذا لامر قضائي نافذ ، فالقاضي في الاردن لا سلطان عليه ، ولا سلطان ولا جنرال امامه ، سواء كان هذا الجنرال جنرالا حقيقيا ممن سالت دماؤهم فعلا دفاعا عن الوطن وعرشه او جنرالا اصطناعيا يدعيّ انه افتدى العرش (بدماته) ابان مرحلة الادعاءات الوطنية عبر الاغاني والصور!
،انه مجرد شخص واحد ، ورد ذكره في التحقيقات فاستدعي للمثول امام المحكمة فقرر القاضي بعد الاستماع لاقواله توقيفه في مركز للاصلاح والتأهيل ، ففي الاردن لم يعد لدينا سجون بالمعنى القديم ، بل مراكز حديثة متطورة يستطيع فيها النزيل ان يتعلم اشياء مفيدة تنفعه لكي يعود عضوا صالحا في المجتمع ، فهو قد يقرأ شيئا عن تاريخ الامم والشعوب وقد يتعلم مهنة جديدة كالخياطة او النسج اليدوي ، وقد يكتسب خبرات جديدة نتيجة علاقته مع زملائه من النزلاء الاخرين في المركز، وقد يتفرغ لمواصلة تحصيله العلمي حيث تقدم له ادارة المركز كل التسهيلات اللازمة.
،خبر عابر في نشرة الثامنة عن توقيف جنرال سابق في عمان ، فالتلفزيون الرسمي كان مهتما بالاخبار المهمة التي تصدّرها الخبر الاهم عن تمرين عسكري نفذته احدى وحدات لواء حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء احد الوية الجيش العربي الاسم الاول للقوات المسلحة الاردنية ، فيما استمرت النشرة بعد ذلك كالمعتاد ، وكذلك هي الحياة في عمان تجري دائما كالمعتاد ، فلا شيء اقوى من الحياة في هذه المدينة الموغلة في القدم ، خصوصا ان عموم الناس في هذه الايام يستمتعون بأخبار المطر ، ففصل الشتاء لهذا العام كان طيبا وكمية الامطار النازلة حتى الان اشاعت موجة من التفاؤل الشعبي العام بموسم جيد.
،خبر عابر عن جنرال عابر حاول تقليد افعال اسلافه القدامى من اصحاب المحاولات الانقلابية العسكرية ، ولان موضة الانقلابات العسكرية انتهت فقد حاول هذا الجنرال المستجد الانقلاب على دولته باستخدام مفردات عصره ، ولا مفردة في عصره رائجة اكثر من مفردة الفساد ، وهكذا كان ، والانسان ،طبعا خلقه الله ضعيفا وعجولا وجهولا ، الا اذا كان جنرالنا الاستثنائي صدق انه استثنائي فعلا ولا تنطبق عليه هذه الصفات البشرية.
،احذفوا اوهامكم ايها المتوهمون ، فالتحقيقات تجري بهدوء تام ، ولا احد في عجلة من امره الا المريب الذي يكاد ان يقول خذوني ، والشرطة لن تأخذ احدا الى ،مركز الاصلاح الا بأمر القاضي الذي لا تعنيه تفاصيل السيرة الشخصية سواء كتبت بالانجليزية الحديثة او بالانجليزية الفكتورية او بالعربية القديمة او بالعربية المحكية.
،فلا تهتموا بالتفاصيل غير المهمة فالأهم في التحقيقات يتقدم على المهم، ولا اجندة تعمل الا اجندة القاضي، ، ،وفي اجندة القاضي كل الكلمات المتقاطعة محلولة ولا اهمية تذكر للارقام المتسلسلة المكررة التي لا يتباهى بها الا الصغار في بلادنا ، ولا شأن لمن يقضي بين الناس في عمان باسماء مدارسهم الخاصة او العامة، ولا حصانة عنده لمتحصن بقرية او عشيرة ولا لمتمكن بعلاقة مع جهاز او جهة او صاحبة او خليلة.
،انتهت اشهر الوحم او اشهر الوهم وحل زمن الفعل وحين يحضر الفعل يتراجع الاسم وبحضور الافعال تتحرك الاسماء ، فلا ترتعبوا ايها المضبوعون بوهم من ملأوا قلوبكم الفارغة من الايمان بالله والوطن والملك والامة فتجاسرتم على وطن ما هان يوما الا من هوان صغاره الذين اسندت لهم المناصب بلا جدارة ولا استحقاق ، وراهنتم على غياب الفعل وغياب الفاعل منخرطين طوعا بقصة وهمية من اختلاقاتكم .
،جاء الفعل فالتحقيقات لن تتوقف وستشمل كل الطابور الخامس بجنرالاته الوهميين ومستثمريه الوهميين وليبراليية الوهميين ومحافظيه الوهميين وصحفييه الوهميين ، فلا وهم يصمد امام وهج الحقيقة .لا تحاولوا الهرب فكل الطرق الان امامكم مغلقة الا طريق المحكمة ومنها الى المركز لمن تستدعي حالته ذلك ، فالعجلة دارت وكل الملفات تفتح الان ، ولاهدنة مع اي فاسد ، وهذا فصل وطني حاسم لا بد من انجازه بدقة واقتدار ، فلا يخاف احد من احد ولا احد على احد فدولتكم جاهزة بكامل طاقاتها لانجاز المهمة المطلوبة وفق ادق القياسات القانونية والوطنية!!