طبعا تطلب الأمر لزوم المشهد المتكرر في البلاد: صورة كبيرة للملك معلقة على واجهة الخيمة الإحتجاجية.. رئيس وزراء سابق يشارك في الحفل الصغير تصادف أنه شقيق المتهم مع مايكروفون وبعض الخطباء الذين يحاولون التكشير قليلا في وجه النظام وتذكيره بأن{الفقيد} ليس لقمة سائغة وبأن العدالة في قضيته منتفية.
خيمة مماثلة ظهرت الأسبوع الماضي في ساحة منزل رئيس حكومة أسبق حيث استعرض بعض أبناء العشيرة فامتدحوا الملك وأشادوا بنزاهة القضاء وحذروا النظام من المساس بإبنهم البار وكل ذلك لإظهار التضامن العشائري لمجرد أن الإدعاء قرر التحقيق مع الرجل.
قبل ذلك ثمة خيمة مماثلة لأقرباء وأصدقاء مسؤول بارز وسابق وأخرى أقيمت لنشط سياسي وثالثة مكررة أقيمت في إطار التضامن لمصلحة المسجونين في قضية مصفاة البترول ورابعة لمصلحة وزير سياحة سابق وخامسه لغيره..حتى العائلات قليلة العدد والتي تمثل أقليات أقامت سرادق مماثل.
والمؤشرات تقول بأن سلسلة من الخيم المماثلة ستقام قريبا أيضا والمستفيدون هنا هم حصريا المتعهدون المتخصصون بالحفلات وتنظيم الإجتماعات الذين يؤجرون خدماتهم لمن يدفع..هؤلاء أضافوا على قوائم الإنتظار مؤخرا مناسبة طازجة لا علاقة لها بالأعراس وبيوت العزاء وهي إقامة خيمة عصرية لأغراض تجمع أنصار المتهمين بالفساد او من تعتقلهم السلطات من طبقة الكريما تحت أي عنوان.
ولا يحتاج الأمر لمسحات إضافية من الذكاء لإدراك الوقائع فبعض العاطلين عن العمل أو الراغبين بالتحرش والظهور والمناكفة يتجولون بين هذه الخيم فيتضامنون مع جميع المتهمين والمساجين ويستطيعون الظهور في أي خيمة{عشائرية} تقام في أي مكان للتضامن مع أي متهم بالفساد.
هؤلاء يمثلون طبقة أصبحت متفرغة للقيام بهذا الواجب الإجتماعي فخلال الجلوس التضامني قد تقدم حلويات أو مناسف والأهم قد تأتي كاميرا إحدى الفضائيات البائسة أو قد تظهر صورهم في الصحافة الإلكترونية التي تتخصص في تزوير الأخبار عن التضامن الشعبي الهائل مع من أقيمت الخيمة أصلا من أجله.
الأغرب أن بعض نشطاء التضامن العشائري والجهوي مع المتهمين بالفساد يشاركون يوميا بحراكات شارعية تنتقد النظام لإنه يغطي الفاسدين ولا يضرب الفساد بيد من حديد.
حتى أنا إذا ما أوقفني القضاء لاحقا بتهمة شيك بدون رصيد مثلا كل ما يتطلبه الأمر لإظهار أني رقم صعب في المجتمع تجميع بعض أقاربي وجيراني وإقامة خيمة في الشارع العام والإيحاء بأن سيارة متخصصة في صناعة الكنافة في المكان ثم الإدلاء ببيان ووضع صورة الملك ودعوة المارة والعابرين وأبناء السبيل ومن لا عمل لهم إلى الخيمة.
لاحقا يمكنني توزيع عشرات الصور والأخبار التي تقول بأني وعشيرتي مستهدفان معا والأسباب سياسية ولها علاقة بمواقفي الوطنية والقومية الثابتة .. أستطيع أن أفعل ذلك وأنا مرتاح الضمير حتى لو حقق معي بجناية سرقة إطار كاوتشك وبالضرورة سأجد صاحب قلم همام تظهر مقالاته في الصحف اليومية ويدعي الوطنية ليتهم النظام بأنه سجنني لإكمال إستهدافاته لرموز من لون واحد ومحدد.
أعجبني صديق كتب يقول: ليس بين الفاسدين او المتهمين بالفساد أو المشتبه بفسادهم زعيم لحزب الأغلبية أو عقيد لقومه أو بطل من أبطال القدس ومعركة الكرامة.. ليس بينهم جنرال حقيقي بل أغلبهم تايواني أو رمز إجتماعي محترم وسط الناس فأغلبهم صنعوا صناعة في غفلة من الجميع واخترعهم النظام في خطأ إستراتيجي واضح يدفع ثمنه النظام اليوم وليس فقط الناس والوطن
بسام بدارين – القدس العربي.