كشف تقرير حكومي عن أمر مرعب وخطير, فقد تبيّن تورط عدد من المسؤولين الحكوميين بالسماح بإدخال شحنة لحوم فاسدة برازيلية مستوردة إلى الأردن, في شهر نيسان عام 2010م, وجاء في التقرير أنّ جهات حكومية سمحت بإدخال الشحنة المقدرة بـ (27) ألف طن من اللحوم المجمدة (فاكيوم) إلى السوق الأردني على الرغم من مرور (4) شهور على وجودها في ميناء العقبة, مع العلم بانتهاء مدة صلاحيتها.
ما زال بعض الحيتان الذين أثروا على حساب قوت الشعب الأردني يتجرؤون على هذه الممارسات المخلّة بالدين والضمير والانتماء الوطني بلا رادع من قيم أو وخزة من إحساس داخلي بالذنب; لأنّهم استمرؤوا الخداع والتدليس, وتمّ السكوت عليهم طويلاً, وتواطأ معهم عدد من المسؤولين الذين فقدوا الحدّ الأدنى من الإحساس بالمسؤولية العامّة.
إنّ هذا الصنف من الفساد بالغ الخطورة لأنّه يتعلق بغذاء المواطن وقوته, وله أثر بالغ على صحة الأجيال, لما يترتب عليه من أمراض خطيرة مسرطنة, ولذلك لا غرابة بارتفاع معدل الإصابة بأمراض السرطان في الأردن, نتيجة التساهل بهذه المسألة المهمة, والتفريط بالمسؤولية عن سلامة غذاء المواطن الأردني, وسلامة الأجيال.
كنا نتحدث بمرارة عميقة عن الفساد المتعلّق بالخصخصة وبيع الأراضي وبيع مؤسسات القطاع العام, لكن يبدو أنّ الأشد خطورة وأعمق مرارة ذلك النوع من الفساد المتعلق بقوت المواطن وغذائه, لأنّ ذلك يشكل جريمة بشعة بحق العامّة يوازي جريمة الحرابة وإثارة الفتنة, ولذلك فإنّ العقوبة التي يجب ترتيبها على المتساهلين بحدوث هذه الجريمة ينبغي أن تكون شديدة وقاسية ورادعة; لأنّها تصل إلى وصف الإفساد في الأرض, وهذا الصنف الخطير من الجرائم لا تتساهل به الدول التي تحترم شعبها ومواطنيها
لقد مرّت أيام وسنوات من مخلفات المرحلة السابقة تمّ تركيز التشديد فيها على المعارضة السياسية, وتشديد العقوبة على الجرائم السياسية التي تتصل أعظمها بالرأي والفكر, وتمّ نسيان هذه الجرائم المغلظة التي تستبيح حرمة المواطن وتستبيح غذاءه وقوته المقدس.
لقد آن الأوان لكبح هذا النوع الخطير من الجرائم الخطيرة, والتركيز على مراقبة الشركات والتجار الذين يتعاملون عبر موضوع الغذاء وما يتعلق بصحة المواطن والأجيال القادمة, وتطبيق تشريعات رادعة بحق هؤلاء المجرمين ليكونوا عبرةً وآيةً لكلّ من تسوّل له نفسه التلاعب بغذاء المواطنين وقوتهم وصحة أطفالهم.
العرب اليوم