الفكرة سبق وأن كتبتها, ولكن آن الأوان لتحديثها وتطويرها استجابة لمستجدات “العنبطة” في البلد. فـ “العنبطة” في صورتها الكلاسيكية هي إحدى الممارسات التي أبدعها الناس لمواجهة حالتين رئيسيتين: الأولى, احتمال أن تكون القوانين والمؤسسات غير كافية أو غير شاملة لوضع معين يصادف أحدنا, والثانية, احتمال ان تكون المؤسسات والقوانين كافية وشاملة ولكنها تشكل عائقاً.
بالطبع هناك بعض الحالات تكون “العنبطة” فيها هي الأساس, وهي الحالات التي يقال فيها أنها “ما بتيجي غير بالعنبطة”, كما أن هناك أشخاصاً يحبون أن يعيشوا حياتهم بـ”العنبطة” بغض النظر عن حالة القوانين والمؤسسات ذات الصلة. غير أن الجديد في الأمر أن “الربيع العربي” أسهم في تسريع نمو نشاطات “العنبطة” بشكل أتاح الفرصة لأوساط جديدة لكي تنال نصيبها, لقد أصبح بمقدور كثيرين أن “يتعنبطوا” دون مخاطرة تلحظ, ومن المحتمل أننا بصدد التأسيس لظاهرة “العنبطيون الجدد”.
تمارس “العنبطة” من قبل الحكومات أسوة بالأفراد والجماعات الأهلية, غير أن نصيب الحكومة من إجمالي عمليات العنبطة قد تقلص, او على وجه الدقة فإن “عنبطتها” أخذت تتميز بالكثير من التردد ولم تعد مكتملة ولا تصل الى نهاياتها, بل لاحظنا بعض الحالات تخلت الحكومة فيها عن “عنبطييها”.
ليست هذه دعوة لمأسسة العنبطة أو تشريعها, فهذا سيعني ادراجها في سياق المؤسسات والقوانين مما يفقدها خصوصيتها كظاهرة متجاوزة لكل ذلك, غير أن المشكلة الجديرة بالمعالجة تكمن في استمرار الخلل في عدالة توزيع العنبطة, سواء على مستوى البلد ككل, أو عند كل من الحكومة والأهالي على انفراد.
ahmadabukhalil@hotmail.com