كثير من الزعماء والقادة لا يدرك واقع الأمة، نرى أمثال هؤلاء يقبلون في بدايات حكمهم على الشعوب وربما يلبون بعض مطالبهم حتى يحكم هؤلاء قبضتهم على مقاليد الأمور صغيرها وكبيرها، ومن أجل بقاء الزعامة والسيادة في برج عاجي محتكرة للزعماء لا يقترب منها أحد يجند هؤلاء أزلام البشر بإغراءات مادية لا حدود لها لحفظ متطلبات الحكم بغض النظر عن وفائه أو عدم وفائه لمطالب الأمة، ويبدأ أصنام السلطة بتجيير كل شيء لمصلحة الزعيم الحاكم بأمر الله، وليس في قاموسهم إلا الكلام أو الفعل المقدس الذي يخرج من فم الحاكم أم من عمله سواء كانت الغاية خدمة الوطن والأمة ولو بشكل هامشي، أو خدمة المشاريع الخاصة التي تخدم ديمومة السلطة ولو كانت الضريبة سحق جماجم الأطفال والنساء والرجال قربانا على مذبح الزعامة.
خرج زعماء الأمة وحكامها من رحمها، ولم يأت أحد منهم من كوكب أخر، كانوا يعانون من المشاكل التي يعاني منها الكافة، يؤرقهم إعراض من سبقهم من الحكام عن تلبية احتياجات الشعوب المادية والمعنوية، أو وقف عجلة تقدم الأمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، أو معارضة دعوات الإصلاح ومحاربة الفساد بأنواعه، وتتبع أوكار المفسدين أيا كان انتماؤهم، ويوم أن تسلموا زمام إدارة سلطة البلاد، نسوا ما كان يجول في أذهانهم وما يؤرقهم من هموم الأمة، بل بدأوا يفضلون ويتناسون أهم مقومات وجودهم في سدة الحكم، وهي الإرادة الشعبية، وتجاهل هؤلاء حرية وكرامة المواطن الإنسان، وأنه على استعداد أن يبيت على الجوع والعطش والتعذيب الجسدي، مقابل ألا يُعتدى على كرامته وإنسانيته التى منحت له من خالقه منذ ولادته.
وعندما عم الظلم والإستبداد وأستأثر الحكام بمقدرات الأمة، وأكلوا قوت الشعب، وداسوا بأقدامهم أقدس ما يعتز به المواطن الانسان، وتجاهلوا متطلبات الحكم الرشيد من توفير العزة والسعادة والحرية والكرامة، والتخفيف من حدة الفقر وآفة البطالة وغفلوا عن تكافؤ الفرص ووضع الإنسان المناسب في المكان اللائق به، ونهبوا المال وكدسوه في خزائن الغرب والشرق، ارتفعت حينها أصوات الشعب المنادية باستعادة الحرية والكرامة وترسيخ مبدأ المواطنة الصالحة، ثم بوقف نزيف وهدر المال العام ونهب ثروات البلاد، وحاول بعض الحكام الذين خدعوا شعوبهم وخانوا أمانة الحكم تخدير شعوبهم بألفاظ معسولة وتمنيتهم بأمنيات كاذبة، من وعود بالإصلاح، وإشراك المعارضين بالسلطة، ومحاربة الفساد والمفسدين، ولكن هذه الدعوة الكاذبة لم تنطل على الشعب الذي وعى كل مل يدور حوله، وما يراد به وبالوطن، فبادر الشعب بالثوره السلمية التي كان من أهم أهدافها تحقيق الحد الأدنى من الكرامة للمواطن، وتوفير العيش الكريم له، ووقف عمليات الإستهتار والسخرية به، إلا أن الحكام البغاة استأسدوا على شعوبهم وبدأوا بالقتل وحصد الأرواح والتشهير بالشرفاء المخلصين من أبناء الوطن، وأعلنوا جهاراً نهاراً أنهم لن يتنازلوا عن حكمهم وإجرامهم، إلا أن الضغظ الشعبي تزايد وعلا على جراحه النازفة، وتجرع مرارة الظلم من أجل كسب ونيل حريته المفقودة وهو يردد : إذا الشَّعبُ يومًا أرادَ الحَياة …. فلا بُدَّ أنْ يَستَجيبَ القَدر.
dralqudah@yahoo.com