من عاداتي السيئة إدمان مشاهدة محطات التلفزيون!
وحينما أقول «مشاهدة» فإنني أعني أن جهاز التلفزيون مفتوح طوال اليوم صباح مساء، وحينما أقول «محطات» فإنني بذلك أعني كل المحطات!
نعم أشاهد قنوات الطهو، قنوات الدين، وأتابع قنوات الأخبار وقنوات المنوعات، وأندمج مع قنوات الأفلام الدرامية وقنوات عالم الحيوان، وأضبط ساعتي على مواعيد مباريات كرة القدم ونشرات البورصات العالمية والمحلية!
إذن نحن أمام ظاهرة مدمن تلفزيوني يعاني من تدهور استفحال الإدمان!
ويعلم جميع أفراد عائلتي الكرام أن تغيير مكان الريموت كنترول، أو فقدانه، كارثة تعادل ضياع الأراضي العربية في حرب 1967!
ومن ضمن السخافات التي أشاهدها، ولا أعرف لماذا، الإعلانات التجارية على بعض القنوات الناشئة: مثل «بطانية النمر» أو طقم «الجيلي» المكون من 24 قطعة. (لست أعرف هل يأكل أبناء الطبقة الشعبية الجيلي أو حتى يعرفونه)، أو التليفون الكوري الذي يأتي بخطين وينفذ أوامرك الشفهية ويقول لك: «صباح الفل يا جميل»!
كل ذلك حتى الآن منطقي، إلى أن اجتاحت هذه القنوات التجارية موجة إعلانات كلها تدور وتتمحور – لا مؤاخذة – حول البواسير!
نعم، إنها وصفات سحرية وشعبية مضمونة لعلاج البواسير، وقد جاءت بها المحطات هدية خاصة لبواسير المشاهدين والمشاهدات!
أيضا حتى الآن، كما يقول العامة «ماشي»، ولكن غير المنطقي هو ما يأتي في بعض الإعلانات عن أدوية البواسير التي أنقلها لكم حرفيا:
«كريم الرحمة» لشفاء القولون والصداع والبواسير»!
مرهم «حنان» لعلاج البواسير وأغراض أخرى!
العشب الصيني السحري لمنع تساقط الشعر وتخفيف ألم البواسير!
حبوب الراحة لعلاج الإنفلونزا الآسيوية والشفاء التام للبواسير!
وآخر إعلان يصيبك بالذهول يقول: مسحوق وبودرة لندن لعلاج النمش واختفاء البواسير!
هل من الممكن أن يكون هناك أي دواء، أو عُشب طبيعي، أو حبوب، أو شراب سحري، يعالج كل شيء ويضاف إليه في النهاية البواسير؟!
المؤلم أن معظم هذه الدعايات تذاع على قنوات دينية محترمة تتحدث صباح مساء عن المعاملات الإسلامية الصحيحة كما نص عليها الدين الحنيف والسنة المطهرة، لكنها تتغافل المبدأ الإسلامي العظيم: «من غشنا ليس منا».