بين 17 و 18 من هذا الشهر ( يناير) عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في المنامة عاصمة البحرين ندوة موسعة حول تهديدات الامن في الخليج والاصلاحات القائمة لمواجهة التحديات، رؤية من الداخل.
،حضر اللقاء عدد من المهتمين، وعرضت اوراق عديدة من قبل متخصصين من ابناء الخليج . الا ان ما لفت الانظار هو الخطاب ( المحاضرة) التي القاها اللواء ضاحي خلفان تميم المهيري ،وهو قائد عام شرطة دبي منذ سنوات ولا زال، والرجل الذي كان خلف كشف المجموعة الاسرائيلية التي اغتالت المبحوح، الذي عرف الناس بشفافية كاملة القصة حول القتلة منذ دخول الجناة والتنكر في دبي وكيف تابعوا المبحوح حتى ارتكاب الجريمة، وقتها ذاع صيت ضاحي خلفان اعلاميا ، الا انه شخصية محورية معروفة على نطاق واسع.
اذا كانت قضية المبحوح قد طوتها الذاكرة، فان ضاحي بن خلفان قد ذكر الجميع في المنامة بالقضايا الكبرى التى تواجه المنطقة، بصراحة لم تعهدها المنابر النقاشية من قبل ، الى درجة ان احد الحاضرين أسر لي في الاستراحة،وهو اكاديمي خليجي معارض، قال لقد رفع ضاحي سقف النقد الى درجة لا نستطيع نحن في كتاباتنا ان نجارية. ماذا قال خلفان، وأنا هنا الخص بعض القضايا التي تناولها ولا استعرضها جميعا.
قال ان اول الاعداء للخليج هي الولايات المتحدة الامريكية، وكانت رسالة قوية، حتى ان السفير الامريكي الذي حضر الافتتاح لم يستطع ان يهضمها، فغادر، وفكرة ان الولايات المتحدة عدوة هو امر شائع بين كثيرين، حيث يفسرون ما تقوم به الولايات المتحدة من ( غزل علني) لقوى سياسية كانت حتى القريب تعتبر قوى انقلابية على الانطمة شيئ غير مقبول. طبعا السياسة الامريكية ليست عاطفية او لها علاقة بالاخلاق، هي لها علاقة بالمصالح فقط، الا ان قطاعا واسعا من العرب لا يستطيع ان يقبل فكرة (العدو الصديق) او الصديق العدو ، يقبل فقط الصديق الدائم او العدو الدائم، وهي فكرة طبعا غير سياسية. يذهب ضاحي الى شرح ذلك بان الولايات المتحدة فوق انها تغازل القوى الانقلابية سلمت العراق لايران وخففت الضغط على الاخيرة بازاحة عدوها في الشرق، حكومة طالبان في افغانستان! ومن هنا فان الولايات المتحدة لايمكن التنبؤ بما يمكن ان تتصرف سياسيا، و جزء ذلك التصرف الانسحاب من الخليج رغم كل ما تدعيه في الدفاع عنه. فكرة الموقف الامريكي المعادي منتشرة في ذهن الكثيرين حتى ان البعض بدأ يتهم اوباما بانه ( عميل امريكي) لكل ما يحمله ذلك الشعار من عداء وجهل في آن معا.
في الموضوع الثاني تحدث ضاحي خلفان عن القوى التي تًعرف ب ( الاسلام السياسي) في الخليج على أنها قوى انقلابية ترنو الى الحكم المباشر والسيطرة على الأنظمة وليس المشاركة السياسية معها فقط، بالتالي فهي من الاعداء الكامنين وخطر لا يجب الاستهانة به بل قال « ان الاخوان لا يقلون خطرا عن ايران» وهو تعبير من اقوى التعابير المضادة للتيار الاسلامي السياسي .
،ما كان الحديث عنه بالصراحة والوضوح في المحاضرة هو مطالبة ضاحي المسؤولين في الخليج من اعلى رتبهم ان يكون لولايتهم السياسية ( سقف زمني ) ولم يكن معروفا في قاعة الاجتماع ما اذا كان اللواء ضاحي خلفان يقصد منهم في أعلى قمة السلطة ، او من هم في قمة السلطة التنفيذية فقط ، الا ان العبارة بدا انها شاملة وصادمة للبعض،و هو مطلب كما قال الزملاء في القاعة لاحقا، فوق تصور وخيال أي معارض أو شغوف الى التغير في المنطقة !
عرج ضاحي الى الوضع في اليمن، وهنا فجر قضية ملفته للنظر ايضا لا تقل عن سابقاتها ، قال: لو قام اليمنيون بثورة ضد (القات) بدلا من وجودهم في الشوارع كل هذه الاشهر ، لكان ذلك افضل للمجتمع اليمني ولاقتصاد اليمن ككل، فالقات هو العدو الاول في اليمن لانه يستهلك من الوقت والمال وصحة اليمنيين ما هو اكثر بكثير مما يستولي عليه النظام الحاكم الحالي، وهو موقف ربما وصل اليه ضاحي خلفان من معرفته الاكيدة بمسار تهريب المنبهات والمخدرات في المنطقة الذي يلحق بالشباب اكبر ضرر اجتماعي و اقتصادي ممكن.
كان لايران النصيب الاوفى في نقاط ضاحي الست والثلاثين التي عرضها، فهو يعتبر ان ايران النووية خطر داهم على الخليج ليس فقط بسبب اصرارها على الحصول على رادع نووي عسكري، ولكن أيضا بسبب انتشار المحطات النووية حتى للاغراض السلمية، حيث انها قائمة على تكنولوجيا غير متقدمة، وبالتالي فان تسرب الاشعاع محتمل وقائم، ويمكن ان يلوث البيئة الخليجة القريبة جدا من ايران، كما يمكن ان يلوث المياه التي تستخدمها محطات التحلية في طول المنطقة وعرضها، عطفا على ما حدث في شرنوبل وايضا في اليابان مؤخرا، حيث تبين للعالم المتقدم خطورة مثل هذه التجهيزات حتى من أجل الاعمال السلمية. كل هذا اذا عطفنا على ما سماه ضاحي ( تصدير الكراهية والعبث بالنسيج الاجتماعي الخليجي من قبل النظام الايراني الحالي).
لم يوفر ضاحي قرع الجرس للتنبيه لخطورة الموضوع الديمغرافي الذي يرى ان التركيبة السكانية في الخليج تميل بشكل كبير الى نسبة ضخمة من الاجانب، وهي قنبلة زمنية يمكن ان تنفجر في اي وقت، ثم ختم ضاحي كل النقاط الكثيرة التي يرى أنها تهدد أمن الخليج بالقول « ان الخمس سنوات القادمة ، سنوات مخاض في الخليج « وهو تحذير قادم من شخص مطلع على الملفات الأمنية والسياسية.