توقفت قناة “الجزيرة” عن الاستماع الى “شهود عيان” يتحدثون من المدن السورية عن الوضع الميداني بعد أن واظبت على ذلك لأشهر, وتقتصر اتصالات القناة اليوم على أعضاء تنسيقيات وأعضاء مجالس وقيادات للثورة وناطقين باسمها, ويستخدمون عادة أسماء نصف مموهة أو مموهة بالكامل وأحياناً مكشوفة.
رغم اننا لا نعرف ما الذي حصل بالضبط مع شهود العيان حتى توقفوا عن بث مشاهدات عيونهم, إلا أن من نتائج أداء الجزيرة في تلك الأشهر, أن الفكرة ذاتها, أي فكرة “شاهد العيان” قد تعرضت لضربة كبيرة.
فقد جرت العادة أن يكون شاهد العيان مصدراً موثوقاً أكثر حتى من “المصدر الرسمي” أو “المصدر المطلع” أو “المقرب” أو “وثيق الصلة”, لأن شاهد العيان يكون في العادة محايداً أو “خَليْ شهوه” على حد تعبير أهلنا من عشائر بني حسن.
إن الاستخدام الواسع لشاهد العيان في الشأن السوري خلال الأشهر الأولى من الأحداث, قلب الصورة كلياً, فقد أصبحت فكرة شاهد العيان مجالاً للتهكم ودليلاً على المبالغة, وانتشرت عبارات مثل “فلان صاير شاهد عيان” أو “حكيك مثل حكي شاهد عيان”, وغيرها.
بالنسبة لي الآن, لا أكتب هذا الكلام تكذيباً, لا للجزيرة ولا لمن كانت تتصل بهم سابقاً او اليوم, ولكن قلبي على شهود العيان أنفسهم, إذ يبدو أن عليهم البحث عن تسمية جديدة مؤقتاً على الأقل, وأقترح ان تبادر الجزيرة ذاتها الى ذلك عن طريق اعتماد تسميات مثل “سامع عيان” او “شاهد أذان”, وهو ما يعني استخدام حاستين في تصريح واحد, وهو بدوره ما يتيح قدراً أكبر من المرونة.
ahmadabukhalil@hotmail.com