احتفلت الحراكات الشعبية في ذيبان الجمعة الماضي بمرور سنة على انطلاق احتجاجاتها الشعبية على ايدي عمال المياومة في وزارة الزارعة, فقد سبق العامل الاردني محمد السنيد وثلة من زملائه ما يسمى الربيع العربي في مصر وتونس واطلقوا احتجاجات سبقت حادثة البوعزيزي. لكن المطالب ما زالت هي نفسها لا بل اننا اصبحنا خائفين نتيجة التطورات والمغامرات غير المحسوبة.
طالبت الحراكات الشعبية بمحاربة الفقر والبطالة وتحسين معيشة الاردنيين لكن الوضع ما زال كما هو بل زاد سوءا نتيجة ازدياد المديونية وعجز الموازنة. طالبت الحراكات بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين, لكننا ما زلنا ننتظر قضية واحدة كبيرة تنظر امام القضاء, ويبدو اننا شوهنا صورة بلدنا وبتنا وكأننا في مجتمع كل مكوناته فاسدة. طالبت الحراكات الشعبية باصلاح النظام, الا ان التطورات اخرجت الشعار من مضمونه.
اننا نقف امام تحد حقيقي: هل نسكت على محاولات جرنا الى المغامرات وصناعة الفتن التي لا تؤدي الا الى المقامرة والعبث بمصير الوطن والى السعي الى المواجهة بين مكوناته الاجتماعية والسياسية? هل ننساق امام دعوات الفوضى فنخرج من (المولد بلا حمص)?
لماذا يجرى كل هذا? هل فشلنا? هل نتوقف? هل نستمر? هل نغير البوصلة?
لنعترف بداية ان الاردنيين بشرائحهم ومواقعهم كافة خائفون مما ظهر وما بطن, مما يجرى في الشارع او مما يجرى خلف الجدران. الاردنيون خائفون اولا على وطنهم ومستقبلهم ونظامهم السياسي وهويتهم الوطنية وامنهم وآمانهم ولقمة عيشهم, وثانيا خائفون من الثمن الذي يمكن ان يدفعوه في نهاية العاصفة وعندما تهدأ رياحها.
الاردنيون لا يريدون ان يفقدوا هذا الوطن المستقر الامن نتيجة نزق مغامر مهما كان مصدره من فرد او حزب او مجموعة فهم يعرفون مضار جر البلاد والعباد الى الفوضى. الاردنيون لا يريدون ان يجرهم احد وراء شعارات غير واضحة المعالم او النهايات, الاردنيون لا يريدون لدولتهم ان تفقد هيبتها وفعاليتها, الاردنيون يعرفون ان التغيير يحمي الاستقرار, لكن الشعارات المغامرة لا تقدم شيئا لهم.
محاربة الفساد شعار غير مقنع اذا رفعه فاسد وغير مقبول اذا عمم قبل ان يخص واذا وزع الاتهامات جزافا. الاصلاح شعار اجوف اذا لم يحدد محتواه السياسي والاجتماعي والاقتصادي, القوى المطالبة بالتغيير اذا لم تقنع الناس من البداية فانها لن تقنعهم في المحطة الاخيرة.
الاردنيون خائفون من ضياع فرصة ركوب القطار ومن “صيادي الفرص” لانهم لا يرون برنامجا وطنيا حقيقيا للتغيير تحمله قوى سياسية اجتماعية متجانسة وواضحة في مطالبها واساليبها, فهل تريحهم الاغلبية من اصحاب الشعارات والهتافات والبيانات بوحدتهم حول الهدف النهائي ليكون الجميع صفا واحدا?
العرب اليوم