“قل لي كيف وأين تجلس أقل لك من أنت”، هذا قول غير مأثور. والناس لا يجلسون كيفما اتفق، وجلوس الشخص يدل على منزلته الاجتماعية وموقفه من الآخرين الذين يشاركونه المجلس.دخول كبير القوم الى المجلس يزعزع تراتبيته، له الصدارة وبالقرب منه يميناً وشمالاً يتوزع الناس بحسب مراتبهم، وفي اللقاءات الرسمية يعرف كل مشارك مجلسه، وقد قيل “لا تجلس في مكان يقوّموك الرجال منه”.[/p]تتحدى خصمك فتقول له: “قاعد لك” واذا شئت إغاظته أكثر قلت له: “قاعد لك على ركبة ونصف”، وعندما نصادف شخصاً يتقصد زميلاً له نقول: “مِتْقَعّد لُه”.
“رجل على رجل”، وضعية جلوس مشهورة ومريحة، لكنك لا تستطيع أن تضع رجلاً على رجل في حضرة رئيسك في العمل مثلاً، بينما يستطيع هو أن يضع رجله على الطاولة بمواجهتك إذا شاء.
أسوأ أنواع الجلوس، أن “يقعد أحد في حضنك وينتف ذقنك”، أما أمتع أنواع الجلوس فهو “التكويع”، وهي جلسة شرقية بامتياز استدعت تجهيزاً خاصاً في الأثاث من مساند وفراش وخلافه. أما قولنا كلمة “قاعد” بمفردها، فتدل على أن صاحبها عاطل عن العمل حتى لو كان يمضي أيامه واقفاً، وتبقى أمنية كل واحد منا أن “يقعد لقَهْوتهِ ودِلالِه”.
ثمة جلسة خاصة غنية بالدلالات المسحوبة الى عالم السياسة هي “الفَسْحَلَة”، وهي تصح للرجل والمرأة معاً، فنقول: “فسحل وفسحلت”، وهي الجلوس بارتخاء وبغير اكتراث لهيئة الجسم، و”الفسحلة” النموذجية هي التي تسمح بكشف شيء من العورة.
تعقد اليوم في عمان جلسة مفاوضات فلسطينية اسرائيلية، وهو ما يوفر عودة لصنف متجدد من “الفسحلة السياسية” النموذجية أيضاً.
ahmadabukhalil@hotmail.com
