المقترح أو المرجو هو أن تتحول قوة المراقبين العرب في سوريا من قوة مراقبة الى قوة فصل تباعد بين السلطة وبين المعارضة في الشارع، وتفرز الشوارع في ما بينهم بما يحول دون الاشتباك الأمني، ويؤسس للحوار السياسي.
فض الاشتباك هو الهدف الأبرز والأشد إلحاحاً، لكنه الأصعب أو الأكثر استحالة. والجامعة العربية ليست مؤهلة لمثل هذه المهمة، التي تحتاج الى ردع متبادل لا يملكه أحد من العرب الذين قرروا المضي قدماً في تلك المغامرة السورية المحفوفة بالمخاطر، ولن يوفره أحد من الغرب الذي شجع على إطلاق المبادرة العربية لكي يتفادى التورط في سوريا.
النجاح يعتمد على النوايا المتبادلة بين السلطة وبين المعارضة. وقف إطلاق النار ثم سحب الجيش من المدن وإطلاق المعتقلين السياسيين هو بحد ذاته إعلان هزيمة للنظام، لكنه ليس نصراً للمعارضة. كما ان وقف العنف والعمل المسلح الذي تسامح معه المعارضون وما زالوا، لن يكون نكسة للمعارضة أو نصراً للنظام.
الطموح العربي هو أن يتوصل الجانبان الى عبثية الأشكال الحالية التي يتخذها الصراع، الذي يبدو انه غير قادر على إلغاء أحدهما أو تصفيته، من دون معجزة أو مفاجأة. لكن بلوغ هذا الاستنتاج سيكون هو المعجزة بحد ذاتها. فالنظام يصر حتى الآن على أن معارضيه لا يتجاوزون بضعة آلاف يتظاهرون في بضع أحياء من بعض المدن، وهم في غالبيتهم من الإرهابيين او شذاذ الآفاق. والمعارضة لم تعترف بأن المؤسسة العسكرية والأمنية لا تزال على ولائها الشديد للنظام وعلى حماستها الأشد لقصف المدن بالصواريخ والمدافع، من دون رادع أو وازع، ومن دون انشقاق يقلب موازين القوى.
لا يبقى، والحالة هذه، أمام الجامعة العربية سوى أن تفصل بين الجانبين وتوزع المدن والقرى بينهما، بحيث يصبح بإمكان المعارضة أن تتخفف من المسلحين في صفوفها وأن تحصل بضمانة عربية على ساحات وشوارع تنظم فيها التظاهرات وترفع فيها الشعارات والمطالب، وتكون موازية للساحات والشوارع التي يفتحها النظام لمؤيديه ومريديه.
ساحة مقابل ساحة، وتظاهرة مقابل تظاهرة، على الطريقة اليمنية التي لم تنظمها الجامعة العربية ولم تحددها المبادرة الخليجية، لكنها كانت من بنات أفكار اليمنيين ومخيلتهم، ولذلك كانت مجدية اولاً في منع الحرب الأهلية في اكثر المجتمعات العربية تسلحاً ثم في توفير ظروف الحوار والحل السياسي.
هذا هو الأمل الذي ليس له سند على ارض الواقع السوري، حيث يرتفع منسوب الدم بمعدلات قياسية، ومعها يبتعد أي خيار سياسي.. ويصبح المراقبون العرب مهددين بالموت هماً مثلهم مثل كل من يراقب من دون أن يمتلك أدوات لفض اشتباك أهلي يزداد ضراوة يوماً بعد يوم.