ثلاثة عوامل ساهمت في احتواء الحريق وحالت دون توظيفه،
كانت كل الظروف مهيأة لاشتعال الحريق وامتداده, فالمواطن الذي توفي اثناء التحقيق شاب وليس كهلا, وابن عشيرة كبيرة في لواء الرمثا, والبيئة السياسية والشعبية كفيلة بشحن الغضب ليس لاعتبارات داخلية فقط, فعلى مقربة من المكان تدور على الجانب السوري مواجهات دامية.
رغم ذلك كله, فإن الحرائق التي اشتعلت في شوارع المدينة لم تدم طويلا وردود الفعل على الحادثة كانت اقل من المتوقع ولم تمتد الى مناطق مجاورة.
وذلك يعود إلى عدة عوامل ; الاول: نجاح جهود القيادات المحلية في احتواء ردة الفعل, والتصرف بمسؤولية عالية من طرف عشيرة الزعبية مما قطع الطريق على محاولات التوظيف والتصعيد.
الثاني عدم استخدام القوة المفرطة من طرف رجال الامن في التعامل مع الجموع الغاضبة التي نزلت الى الشوارع.
الثالث سرعة التحرك الحكومي التي تمثلت في زيارة رئيس الوزراء إلى المدينة وتعده باجراء تحقيق شفاف ومستقل, والتزامه بمحاسبة أي شخص يثبت تورطه في الحادث, وتشكيل لجنة بديلة من الاطباء الشرعيين للتحقق من اسباب الوفاة, التي اصدرت تقريرها مساء امس.
تظهر حادثة الرمثا وحوادث اخرى مشابهة وقعت في السابق الحاجة إلى وجود نظام فاعل للمساءلة والمحاسبة يوفر لكل الاطراف حق التقاضي العادل وكشف الحقيقة, بخلاف ذلك فإن اية حالة وفاة في مراكز التوقيف والسجون ستكون في نظر المراقبين والاهالي قتلا مدبرا والمتوفي ضحية للتعذيب والاهمال حتى لو كانت الوفاة طبيعية.
اما ردود الفعل على ما حصل في الرمثا وفي مدن اخرى من قبل فإنه يعكس في احد وجوهه انعدام الثقة الشعبية بمبدأ سيادة القانون وبقدرة المؤسسات على ضمان حقوق المواطنين, ولهذا يبادر بعضهم إلى اخذ القانون بيدهم.
تصبح عملية الاصلاح بلا معنى او جدوى اذا لم يُرَد الاعتبار لمبدأ سيادة القانون في صلب اولوياتها. الانتخابات وحرية التعبير والاعلام مظاهر للديمقراطية, اما جوهرها فهو تطبيق القانون على الجميع من دون محاباة او استرضاء وضمان حق التقاضي للجميع من غير تمييز. والحكومات في العادة مطالبة قبل غيرها بالالتزام بالقانون وتطبيقة .
لقد مرت حادثة الرمثا بسلام, لكنها فرصة مواتية لتجريب مبدأ سيادة القانون على الجميع
العرب اليوم