تظهر الملامح الرئيسة لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة الاردنية للعام المالي 2012 توسعا كبيرا للنفقات يصل الى 9% بالمقارنة مع موازنة العام 2011 البالغة 6814 مليون دينار «شاملا ملحق الموازنة» اي نحو 7425 مليون دينار في ظل ظروف مالية واقتصادية واجتماعية غير مؤاتية، وبعجز مالي يناهز 1250 مليون دينار بنسبة 5.6% من الناتج المحلى الاجمالي المقدر بـ»22238» مليون دينار للعام المقبل في حال تطابقت حسابات الحقل مع حسابات البيدر، كما يقال.
وفي حال اضافة الموازنات المقدرة للمؤسسات المستقلة التي تناهز 1750 مليون دينار للعام المقبل وفق المعادلة التي اعتمدت في مشروع الموازنة الحكومية، فان النفقات الجارية والرأسمالية في الموازنة والمؤسسات المستقلة قد تتجاوز حاجز 9175 مليون دينار، الامر الذي يشير الى اننا نسير وفق خيارات احلاها مر، فالاقتراض من السوق المحلية هو شحيح ومرتفع الكلفة ويؤثر على قدرة المشاريع الخاصة في التمول لمواصلة مشاريعها، اما الاقتراض من السوق الدولية فقد اصبح اكثر صعوبة بعد ان خفضت المؤسسات الدولية وبيوت الخبرة التصنيف الائتماني للاردن خلال الربع الاول من العام الحالي، الامر الذي يعقد اي اقتراض خارجي ويزيد كلفه وشروطه، واخيرا اللجوء الى جيوب المواطنين باعتبارها خزينة الدولة، علما بان هذه الجيوب باتت خاوية لا يمكن الاعتماد عليها كثيرا بعد ان ارتفعت الاعباء الضريبية على المواطنين في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية غاية في الصعوبة.
التوسع السنوي في موازنة الدولة كان وما زال التحدي الكبير امام الاستقرار المالي والاقتصادي، واليوم نواجه نفس التحديات وفق توسع اكبر من السنوات السابقة وكأنه قدر لا مناص منه، اذ يناهز هذا التوسع 9% في مشروع موازنة العام 2012، علما بان دولا اوروبية واسيوية عمدت الى تخفيض النفقات لضبط العجوز المالية وقلصت الخدمات وحافظت على الاساسيات من الخدمات، وابتعدت عن النفقات، ولجأت الى جدولة واعادة هيكلة مشاريع البنى التحتية رغم اهميتها للنمو والهدف الاول الدخول في معالجة العجوزات المالية، وتحميل القادرين القسم الاكبر من النفقات، وحماية الفقراء ومتدني الدخول وتمكينهم من الحد الآمن للعيش حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه.
ويبقى امامنا اللجوء للاشقاء والاصدقاء لاعادة بث الحياة في خزائن الدولة بعد ان جففت الحكومات السابقة مواردها من اصول وموجودات باعتها ضمن برنامج التصحيح والخصخصة والاعتماد على الذات معظم الاصول الجيدة والمنتجة للمال العام، وهذا امره فى علم الغيب وتطورات لا يمكن التنبؤ حيالها، وان على الحكومة اعادة النظر في النفقات والتيقن من الايرادات المحلية والمنح والمساعدات الملتزم بها تجاه المملكة، وهذا اقل ما يمكن اعتماده للعام المقبل.
الدستور