مضت أكثر من ستة أشهر والعمال ينتظرون وعودا حكومية بإقرار رفع الحد الادنى للاجور، وقد تناوب وزيران على وزارة العمل، وما زال ملف الأجور لا يحظى بالأولوية على أجندتها وفق ما يبدو رغم الوعود المتكررة باعادة النظر بالحد الادنى للاجور ودعوة اللجنة الثلاثية المشكلة من «العمال وأصحاب العمل والحكومة» للانعقاد لمناقشة ملف الاجور والتشاور حول رفعه.
العمال يتخوفون من أن تكون الحكومة دفنت ملف الاجور، وطوته لحسابات تقتصر على ضعف اتحاد نقابات العمال بالدفاع عن مطلب رفع الحد الادنى للاجور، الى جانب رفض أصحاب العمال ممثلين في غرفتي صناعة وتجارة الاردن التفاوض حول أي رفع مرتقب للاجور، وهو ما يشكل بحسب قيادات عمالية مستقلة فجوة في المواقف تستدعي أن تتدخل الحكومة لمراعاة مصالح الاطراف مجتمعة بعيدا عن تغول أي طرف على الاخر.
الكتل العمالية المستقلة، التي تتخذ بنظر اتحاد نقابات العمال شكلا غير شرعي وغير قانوني، تضع توصيات ومطالب عمالية كثيرة لا تنحصر عند ملف الاجور، بل إنها تتعداه الى صياغة برنامج إصلاحي للمطالب العمالية، يجعل من الاجور مطلبا اجتماعيا رئيسا يضاف الى مطالب عمالية أخرى تتعلق بتنظيم العمل النقابي، وتعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي.
الحركة العمالية كانت خلال الاسبوع الجاري أمام حدث مفصلي تمثل بإشهار نقابة مستقلة لعمال الفوسفات، ومن المؤكد أنها ستكون النواة الاولى لتأسيس اتحاد مستقل لنقابات العمال، إضافة الى نقابات مستلقة لعمال في قطاعات إنتاجية مختلفة، وهي خطوة تعتبرها شريحة واسعة من العمال وجها مشرقا للحركة العمالية يعيد إليها هيبتها والتزامها بالدفاع عن حقوق العمال ومكتسباتهم.
الجسم العمالي سيشهد ولادات لنقابات عمالية مستقلة، فحالة تكوين نقابات عمالية مستقلة تتوالد من معاناة وأزمات وتهميش لقطاعات عمالية واسعة، وخاصة في قطاعات التعدين والمناجم والبتروكيماويات والبترول والصناعات الدوائية، وعمال الصناعات الغذائية وعمال التعليم الخاص والمحلات التجارية والخدمات الصحية وعمال المصارف والبنوك والمحاسبة.
هيئة التنسيق العمالي في النقابات المستقلة حاضر تمثيلها بكل التكوينات العمالية، والتحضيرات والاستعدادات لاشهار نقابات عمالية مستقلة يعد له بهدوء وبعيدا عن الأضواء واللقاءات المعلنة. وفي حال توجت هذه المساعي بولادات نقابية جديدة مستقلة، فانها تدق جرس الانذار في وجه ساعة الاصلاح التي تعهد اتحاد نقابات العمال بتطبيقها خلال فترة زمنية محددة أو تهدد بتعطيلها ووقف عقارب دورانها المتراخية التي تستوعب حساسية وضرورة التغيير والاصلاح.
القائمون على تأسيس النقابات المستقلة واتحادها، يؤكدون وهم هذه المرة مشبعون بالامل، أنهم لن يلجؤوا الى الاعتصامات والاحتجاجات العمالية، فمطالبهم وصلت الى مراكز صنع القرار، وقوبلت بتفهم عميق وعقلاني وديمقراطي رشيد، وأنهم سيواصلون مسيرتهم في تكريس مشروعهم الاصلاحي في الحركة العمالية بما ينسجم مع التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي وقعها الاردن.
الى ذلك، ووفقا لمصدر حكومي مسؤول، فان الحكومة لن تمانع في إشهار نقابات عمالية مستلقة ما دامت لا تتعارض مع التشريعات الوطنية، إضافة الى أن الحكومة ستعمل خلال الفترة المقبلة على إبرام اتفاقيات دولية جديدة تضمن الحريات النقابية وحماية العمل والتنظيم النقابي، وتزيد من التزام الاردن بالمعايير والاتفاقيات الدولية للعمل والعمال.
