حسمت الحكومة امرها سريعا فيما يتعلق بقرار سابقتها اعتبار عدد من المواقع الاثرية مواقع سياحية في خطوة تمهد لادارتها وتشغيلها وتحصيل عائداتها من قبل القطاع الخاص, وعلقت القرار, لا بل اكدت على لسان وزير السياحة نايف الفايز حرمة تلك الاثار على اي جهة كانت باستثناء الحكومة في خطوة طمأنت الرأي العام على الارث الحضاري الانساني الذي تتمتع به المملكة.
رغم ذلك لا بد من توضيح حقيقة حول اسرار قيام الحكومة السابقة ممثلة بوزيرة السياحة بهذا العمل, حيث ان فكرة منح القطاع الخاص حق ادارة المواقع الاثرية وتشغيلها بدأت فعليا تتحرك مع بداية حكومة سمير الرفاعي الاولى بعد ان تحالفت شخصيات استثمارية سياحية مع مسؤول مهم سنكشف هويته لاحقا لاخذ المدرج الروماني والقلعة ضمن مشروع سياحي ينوون تأسيسه وسط البلد الى ان جهودهم فشلت حينها نتيجة معارضة قوى فاعلة في المجتمع.
اما فيما يتعلق برد وزيرة السياحة على ما قامت به “العرب اليوم” فكان الاجدى بها ان ترد في الصحيفة نفسها التي كتبت الموضوع بدلا من نشره في موقع خبرني العزيز.
بالنسبة لما جاء في الرد فهو ينطبق عليه المثل الشائع “سكت دهرا فنطق كفرا” وواضح جدا التناقض في محتواه وقلة المعرفة عما جرى في القطاع.
المغطس الذي تتحدث عنه الوزيرة جرى الاعلان عنه موقعا سياحيا لان العالم الغربي رفض الاعتراف به كمكان معتمد رسميا لتعميد السيد المسيح, لذلك لم يتم اعلانه مكانا اثريا وباستطاعة الوزيرة السابقة ان تسأل الشخص نفسه الذي كلفته بكتابة الرد.
وفيما يتعلق بوجود حالات مماثلة جرى تنفيذها, فالوزيرة تستخدم معلومات خاطئة, فلم يتم منح تطوير اي موقع اثري لاي جهة كانت وكل ما حدث هو انه تم طرح عطاء خدمات في موقعي فحل وام قيس, بحيث تم تضمين المطاعم وبعض المرافق الصحية لشركة مهتمة بذلك.
تتحدث الوزيرة ان صلاحيتها تقتضي بحماية الاثار وترويجها لكنها نسيت ان قانون الآثار يحدد صلاحياتها في هذا المجال تحديدا ولا يجوز المساس بالآثار والالتفاف عليه من خلال قانون السياحة.
الاهم من ذلك ان مجلس الوزراء وهو صاحب الولاية اجمع على رفضه المساس بآثار الدولة او منح ادارتها او تطويرها للقطاع الخاص واكد ان اي شيء في هذا المجال لن يتجاوز تطوير الخدمات المساندة في تلك المواقع فقط.
ما جرى يؤكد ان هناك وزارات وقطاعات لا يمكن تسليمها الى اي كان, لا بد ان يتمتع بحس اداري وطني عالي المستوى يفهم حقيقة وطبيعة الارث الحضاري الاردني ويعمل على تطويره وترويجه بدلا من بيعه, الامر الذي يذكرنا بفيلم اسماعيل ياسين الفكاهي عندما باع هو صاحبه لشخص الهرم.
العرب اليوم