رفضت قيادات سياسية وحزبية إعتماد اللجنة القانونية في مجلس النواب لصوت واحد للدائرة الانتخابية وآخر للقائمة الوطنية في النظام الانتخابي، معتبرين ذلك “ردة على مسار الإصلاح السياسي، وإعادة إنتاج للصوت الواحد المجزوء”.
وحذرت، القوى السياسية والحزبية بمختلف توجهاتها القومية واليسارية والوسطية والإسلامية والمستقلة، من تكريس ذلك التوجه، مستهجنة في الوقت ذاته، تجاوز التقاطعات السياسية والتوافقات بين القوى الحزبية والعشائرية حول ضرورة “دفن” الصوت الواحد.
كما استنكرت “تجاهل” مطالباتها بضرورة إقرار مبدأ القوائم النسبية الذي بات معيارا ديمقراطيا راسخا في الأنظمة الانتخابية دوليا.
وإن لم تشر تلك القوى إلى حسم مواقفها من المشاركة في الانتخابات النيابية من عدمها على ضوء ذلك التوجه إلى حين إقراره، إلا أنها رأت في ذلك “عاملا طاردا للمشاركة، وضربة ستوجه لمسار الإصلاح السياسي”.
وأحالت حكومة رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة مشروع قانون الانتخاب إلى مجلس النواب قائم على اعتماد صوتين للدائرة وصوت للقائمة الحزبية، فيما يتجه المجلس إلى اعتماد صوت للدائرة وصوت لقائمة وطنية بواقع 17 مقعدا، مع إلغاء ما سمي بالمقاعد التعويضية.
واستنكر النائب الأول لأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي نمر عساف، صيغة مشروع القانون المنظور أمام مجلس النواب، إضافة إلى ما تسرب من توجهات للنواب باعتماد الصوتين، معتبرا أن اعتماد الصوتين “غير دستوري”، لما ينطوي عليه من تفتيت للأصوات، والعودة إلى نظام “الصوت المجزوء”.
وأكد العساف “أن الحزب غير معني بمناقشة تفاصيل مشروع القانون لأن المبدأ بالمجمل مرفوض”.
وشدد على تمسك الحزب بالنظام المختلط، وفق قائمة نسبية مغلقة للوطن وبين الدوائر الانتخابية “المتعادلة والمتقاربة”، إلى جانب إجراء تعديلات دستورية تحمي مخرجات قانون الانتخاب، بحسب قوله.
وقال عساف” إن الحديث في السياق ذاته لأطروحات النظام الانتخابي غير مقبولة للآن، وكل تلك الصيغ لا تشجع على المشاركة في الانتخابات، وذلك ليس بالنسبة للحركة الإسلامية فقط، بل للحراكات والقوى السياسية المختلفة”.
وفيما يتعلق بجملة الحوارات التي دارت مؤخرا بين مسؤولين حكوميين، وقيادات في الحركة حول القانون، اكتفى عساف بالقول، إنها “حملة علاقات عامة”، متحفظا على إشارة بعض التقارير الإعلامية حول تأكيد مشاركة الإخوان في الانتخابات المقبلة.
ويتفق رئيس اللجنة التوجيهية للتجمع الحر الدكتور أحمد مساعدة مع سابقه، بالإشارة إلى أن قرار اللجنة القانونية بخصوص النظام الانتخابي يعني “مراوحة المكان ذاته في الحالة الإصلاحية” .
وقال مساعدة “ذلك يعني الكثير في الحالة الإصلاحية.. ومن خلال هذه الصيغة فإنها تكريس بطريقة غير مباشرة لنظام الصوت الواحد، مما سيؤدي إلى الإمعان في توجيه الناخب الأردني للتصويت على أساس المحاصصة والجهوية”.
كما اعتبر المساعدة، أن ذلك التوجه لن يشكل مدخلا لتحقيق إصلاح سياسي حقيقي ديمقراطي، وأنه لا يتلمس مخرجات حالة الربيع العربي في الدول المجاورة بما في ذلك تطلعات الأردنيين وقطاع الشباب في تكريس حالة برامجية متقدمة تحت عنوان “قانون انتخاب عصري وتقدمي وشامل”، ينهي مشاكل عقدين من الزمن.
في الأثناء، جدد مساعدة تمسك التجمع بضرورة اعتماد القوائم النسبية المغلقة على مستوى الوطن وبما نسبته 30-40 من مقاعد مجلس النواب بدون الكوتا، إلى جانب القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظات.
وأشار الى أن الدول المتقدمة تتطلع إلى إقرار أنظمة انتخابية تحاكي مستقبلها ولا تحاكي واقعها الحالي.
ورأى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب، أن كل المقترحات المتعلقة بالنظام الانتخابي للآن تعيد إنتاج الصوت الواحد، وان التوجه نحو إقرار صوتين المشابه للصوت الواحد، سينعكس على قرارات القوى السياسية في المشاركة في الانتخابات.
وتساءل ذياب عن جدوى المشاركة في ظل الصيغ القائمة للآن، مشيرا إلى أن ذلك “سيدفع القوى السياسية لمقاطعة الانتخابات، باعتبار أن أسباب المقاطعة في مواسم سابقة تتم إعادة إنتاجها اليوم “ضمن شكل جديد من أشكال التحايل”.
واعتبر ذياب أن اعتماد الصوتين على ذلك النحو، يشكل “ضربة لملف الإصلاح السياسي في البلاد”، واستجابة لمؤثرات قوى الشد العكسي، ودليل على ان مكونات مستويات القرار “لا تريد الإصلاح”.
أما الأمين العام لحزب الجبهة الأردنية الموحدة أمجد المجالي، فاعتبر من جهته أن الصيغة التي أقرتها اللجنة القانونية لا تمثل حالة توافقية لدى القوى السياسية والحزبية، وأن الصيغة المقترحة لا تغادر مربع الصوت الواحد.
وشدد المجالي على تمسك حزبه بضرورة اعتماد ثلاثة أصوات، أحدها لقائمة وطنية تتضمن ما لا يقل عن 30 % من مقاعد مجلس النواب الأصلية.
واعتبر وزير التنمية السياسية الأسبق المهندس موسى المعايطة، أن اعتماد مبدأ النسبية في القائمة الوطنية بحد ذاته توجه إيجابي، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة رفع نسبة مقاعد القائمة عن 17 مقعدا.
إلا أن المعايطة رأى أن صوت الدوائر الانتخابية لم يغادر مربع الصوت الواحد، وأنه سيشكل رفضا لدى القوى السياسية والحزبية، مضيفا أن أية صيغة ستتضمن مزيدا من الأصوات في الدوائر مع توسيعها ستعتبر محل قبول ومدخلا للتعددية الحزبية والسياسية، وبما سيضمن نشوء تحالفات سياسية.
وأشار المعايطة إلى أن مشروع القانون بحاجة إلى تطوير، وأن ذلك من مهمة مجلس النواب عند مناقشته ومن ثم عند مجلس الأعيان، مشددا على أن القانون التوافقي هو الذي يضمن مشاركة أوسع من مختلف الأطراف والقوى السياسية.
في المقابل، يرى أمين عام حركة اليسار الاجتماعي الدكتور خالد الكلالدة أن صيغة مشروع قانون الانتخاب التي أقرتها اللجنة القانونية هي “مخيبة للآمال” وتعيد القوى السياسية إلى المربع الأول وعند قانون الصوت الواحد.
ولا يراهن الكلالدة حسب قوله على أداء مجلس النواب من تحسين الصيغة التي أقرتها اللجنة، مشيرا إلى أن الإشكالية تتعلق بصيغة القانون، وكذلك النظام الانتخابي معا، معتبرا أن مراكز القرار في البلاد “وضعت القوى السياسية في فخ عندما تم إقرار التعديلات الدستورية في ظل وجود البرلمان الحالي”.
وتمسك الكلالدة بضرورة اعتماد النسبية سواء على مستوى دوائر المحافظات أو القائمة الوطنية.
من جهته، اعتبر الأمين العام للحزب الوطني الدستوري الدكتور أحمد الشناق، أن الصيغة التي أقرتها اللجنة القانونية تشكل مع منظومة التشريعات السابقة من قانون المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات والأحزاب “ردة كاملة على ملف الإصلاح في البلاد”.
ورأى الشناق أن الصيغة لم تعالج “حالة الانقسام الاجتماعي” في البلاد التي يشكل الانتخاب في دوائر المحافظات أساسا لها، معتبرا أن الإبقاء على الدوائر الانتخابية بدون إعادة ترسيمها وفق صوت واحد، هو “عودة للصوت الواحد”.
واعتبر الشناق هذه الصيغة لا توافق عليها وكذلك هي خروج عن توصيات لجنة الحوار الوطني، قائلا إن “الحكومة الحالية حكومة صدمات شعبية وشد عكسي”.
واتفق الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور منير حمارنة مع سابقيه، باعتبار أن الصيغة التي أقرتها اللجنة هي “عودة لقانون الصوت الواحد، مشيرا إلى أن ما توصلت إليه اللجنة حول قائمة الوطن هي صيغة “ديكورية” لن تؤثر على نتائج الانتخابات.
وقال حمارنة إن “هذا يعد انتكاسة لتوجهات الإصلاح في البلاد، ومن الواضح أن الإصلاحات الدستورية وغيرها من القوانين التي تم إقرارها وقفت جميعا أمام قانون الانتخاب لأنه المدخل الحقيقي للإصلاح”.
وأعرب حمارنة عن تشاؤمه من أي تحسينات قد تطرأ على القانون، مذكرا بأن اللجنة القانونية قد أجرت حوارات بعضها معلن وآخر غير معلن حول القانون، وأضاف “إن خطة الإصلاح فشلت فشلا ذريعا بعد أن شكلت المناقشات حول قانون الانتخاب أوسع معركة منذ ما يزيد على عام في البلاد”.
واعتبر حمارنة أن إقرار التعديلات الدستورية قبل إقرار قانون انتخاب في ظل المجلس الحالي، “ذهب بالإصلاحات السياسية أدراج الرياح”.
أما عضو المكتب السياسي لحزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري، فقد رأى أن الصيغة المقرة “إيجابية” إلى حد كبير، وأن من شأنها أن تعمل على موازنة الثقل العشائري وثقل القوى السياسية في الانتخابات، وأن تمنحها جميعا “وزنها الحقيقي”.
واعتبر الفاعوري أن الصيغة المقترحة تقارب صيغة الحزب المقترحة في القانون، معربا عن أمله في الوقت ذاته زيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية وجعلها قائمة مفتوحة بدلا من المغلقة.
وقال إنها صيغة تكسر الصوت الواحد، و”إقرار القائمة الوطنية من شأنه أن لا يترك مجالا للقوى السياسية الكبيرة أن تتضاعف”.