الانطباع الاول عن الطاقم الحكومي الجديد, ان رئيسه عون الخصاونه لم يستغل “طاقة” الأمل التي فتحها جلالة الملك عبدالله الثاني في تغيير حكومة البخيت وتكليفه كرجل نزاهة وقانون من أجل ربط التغيير الأول بالثاني لصالح إحداث نقلة نوعية تسحب الكثير من”التوتير” في الشارع الذي بات يتندر من تشكيل 3 حكومات في اقل من سنة واحدة!
فتصريحات الرئيس المكلّف منذ لحظته الاولى أشاعت نوعاً من التفاؤل الشعبي ورفعت سقف التوقعات حتى لدى احزاب المعارضة, لكن للاسف يبدو ان آمالا كثيرة تبددت, بعد ان رأت ان كتاب الرد على خطاب التكليف جاء أقل من العادي وخلا من الاساسيات التي كانت تنتظرها القوى السياسية والرأي العام والتي سبق للرئيس الخصاونة ان تعهد بها خلال الاسبوع الماضي.
فالناس كانوا يتوقعون توزير اسماء جديدة واخرى ذات خبرة ومصداقية من اجل إعادة تجسير الهوة بين الحكومة والناس, اشخاص قادرون بخبرتهم وسمعتهم ونظافة ايديهم من تبديد المخاوف الشعبية من استمرار النهج السابق.،
الغريب في التشكيلة ان الرئيس صاحب الخبرة القانونية الدولية, اضطر الى توزير ثلاثة اشخاص اضافة الى الرئيس, لحمل ملف العدل والقانون الذي توزع في ثلاث حقائب وهي ظاهرة جديدة ان يصبح لدينا “فريق قانوني” مثلما لدينا فريق اقتصادي, وقد يؤشر ذلك الى نية الرئيس في فتح ورشة قانونية كبيرة لتعديل التشريعات.
ولا اذيع سراً إن قلت ان هذه الحكومة قد سجلت رقما قياسيا في عدد الاشخاص الذين عرض عليهم المنصب الوزاري لكنهم رفضوه (عشرة اسماء), وهي ظاهرة لها دلالاتها السياسية المرتبطة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة ومدى جدية برنامج الاصلاح المطروح وقدرة الوزراء على المساهمة في عملية التغيير.،
ورغم ان التشكيلة النهائية جاءت “مُحَسّنة” عن الاسماء التي تم تداولها حتى قبل 48 ساعة , حيث تم سحب بعض الاسماء المرشحة الامر الذي عزز وضع الحكومة واخرجها من بعض الاخطاء التي كادت ان تُرتَكب.
سيقال الكثير في الحكومة, من حيث اللون السياسي او الانسجام في التوجهات بين اعضاء الفريق او قلة الخبرة او التخصص لدى بعض الوزراء, لكنه ليس جديدا, فالمهم برنامج العمل وطريقة التنفيذ والاهم ان يتعظ الرؤساء في طريقة تشكيل حكوماتهم, فالأسلم البدء في التفكير بالحكومات التي تشكلها الاغلبية البرلمانية او الحزبية وتهيئة الارضية المناسبة لذلك, لانه الخيار الأسلم والأفضل.
أعتقد أن ليس أمام الحكومة الجديدة الا العمل بكل جدية ونزاهة وليس أمامنا نحن الشعب سوى التفاؤل, لأن البديل هو ألاستنزاف في النخب وفي الشارع, فإن فشل هذه الحكومة لن يكون سهلا على الجميع, لا بل قد يكون للفشل تكاليف سياسية واقتصادية وهزات ارتدادية, يدفع ثمنها الجميع.
العرب اليوم