الغموض يلف حادثة غرق الطفل حمزة في حفرة امتصاصية لمستشفى الأميرة رحمة بإربد
لا تفارقُ صرخات الاستغاثة الأخيرة التي أطلقها الطفل حمزة زهير (12 عاما) مسامع شقيقه أحمد الذي وقفَ ينتظر وصول فرق الدفاع المدني لإخراج حمزة من إحدى الحفر الامتصاصية التي وقع بها في مستشفى الأميرة رحمة.
حمزة صارع الموت في ظلمة الحفرة قرابة نصف ساعة كان خلالها يطلق صرخات الاستغاثة التي لم تسعفه حتى مع حضور كوادر الدفاع المدني الذين رفضوا النزول إلى الحفرة وإنقاذه.
وأمام الحاجة لموقف بطولي كان من أحد الأشخاص المتواجدين في مكان الحادث الذي نزل إلى الحفرة، تمَّ انتشالُ حمزة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بيد أنَّ مسلسل التقصير الذي بدأت حلقاته الأولى منذ ترك إحدى الحفر الامتصاصية في حرم المستشفى بدون إحكام غطائها، لم يقف عند حد رفض رجال الدفاع المدني النزول إليها بحجَّةِ أنها تحتاج إلى غطاس، لتستمر إحكام حلقات القضاء على الطفل حمزة مع المشهد الأخير من حيث قيام كوادر الدفاع المدني وبصحبتهم أحد الأطباء من مستشفى الأميرة رحمة بنقل الطفل من مكان الحادث في المستشفى، إلى مستشفى الأميرة بسمة في واحدة من الحالات التي يمثل فيها عامل الوقت مسألة حياه أو موت.
وكان حمزة توفي مساء الخميس الماضي إثر سقوطه في حفرة امتصاصية في مستشفى الأميرة رحمة في محافظة إربد، في وقت ما تزالُ حيثيات سقوطه غير معروفة، رغم استبعاد الجهات الأمنية وجود شبهة جنائية بالحادثة.
وأمام تحميل ذوي حمزة المسؤولية لإدارة المستشفى من حيث ترك باب الحفرة مفتوحا ومن دون أي إشارات تحذيرية، يؤكِّدُ مدير مديرية صحة إربد الدكتور عبدالرحمن طبيشات عدم وجود أي مسؤولية على المستشفى، وأنَّ الحفرة لها منهل وغطاء، وهي غير مستخدمة منذ سنوات، بيد أنَّه يتواجد بها مياه قد تكون من وقت استخدام الحفرة سابقا.
وبيَّن طبيشات أنَّ مكان تواجد الحفرة ليس للتنزه، وهي موضوعة بمكان بعيد عن المارة والمتواجدين في المستشفى، مبدياً استهجانه حول كيفية تواجد الطفل حمزة في ذلك المكان وأسباب تواجده.
إلا أنَّ لغز وفاة حمزة قد يبدو مبررا أكثر لدى محافظ إربد خالد أبوزيد الذي أشار إلى أن الحادث وقع أثناء تواجد حمزة ومجموعة أخرى من الأطفال في حرم المستشفى لغايات اللعب، حيثُ أنَّه بطريقة أو بأخرى، اقترَبَ من مكان تواجد الحفرة، وهي قديمة وغير مستخدمة منذ سنوات، ما أدَّى إلى سقوطه بها.
وأشار أبو زيد إلى أنَّ الحفرة مغلقة منذ أعوام، وهو ما يضَعُ احتمالَ اهتراء الباب، متوقِّعاً أنْ يكونَ الطفل حمزة وقَفَ مباشرة على باب الحفرة، ما أدَّى إلى سقوطه.
وبيَّن أنَّه تمَّ استدعاء الدفاع المدني على الفور، حيثُ أخرجَ الطفل من الحفرة ونُقلَ مباشرة إلى مستشفى الأميرة بسمة، إلى أن فارق الحياة هناك.
في المقابل، أكد والد حمزة أنَّ الحادثة لا يُمكنُ أنْ تمرَّ من دون محاسبة المسؤولين عنها وكيفية التعامل معها، مع قناعته بوجود إهمال من قبل ادارة المستشفى من حيث ترك باب الحفرة مكشوفاً، ما يُصبِحُ عرضَةً لسقوط أيِّ شخص بها، إضافة إلى توجيهه اللوم على ما اعتبره بطء التعامل مع الحادثة وقت وصول كوادر الدفاع المدني.
وينوي والد الطفل حمزة خلال أيام معدودة تسجيل دعوة جديدة أمام أحد المحاكم لواحدة من القضايا التي يذهب ضحيتها أطفال بعمر الورد ويكونُ السبب "قضاء وقدرا".
من ناحيته، بيَّنَ مدير دفاع مدني إربد العقيد بسام جوارنة أنَّهُ تمَّ فتح تحقيق بالحادثة للتأكُّد ما إذا كان هناك أي تقصير من جانب الكوادر التي تعاملت مع الحادثة.
وأوضَحَ أنَّ بلاغ وقوع الحادث كان حول وقوع شخص في أحد المناهل، الأمر الذي وضَعَ احتمالات أنْ يكونَ المنهل بقطر ضيق، وألا يكون هناك كميات كبيرة من المياه، مبيِّناً أنَّ كوادرَ الدفاع المدني تفاجأوا بعمق الحفرة التي يؤدِّي إليها المنهل وبسعة قطرها والتي تحتاج إلى غطاس لانتشال الطفل وهو ما قام به أحد المدنيين، وتبيَّنَ بأنه غطاس.
وأوضح الجوارنة أنه وفيما يخص نقل الطفل إلى مستشفى آخر وعدم إسعافه في نفس المستشفى، أن سيارة الإسعاف التي قامت بنقل الطفل تواجد بها طبيب وممرض من نفس المستشفى التي وقع في حرمها الحادث، وأنَّه وأثناء عملية النقل لم يبد أي اعتراض على ذلك الأمر الذي فهم من قبل كوادر الدفاع من أن المستشفى غير قادر على استقبال الحالة وعليه استكملوا عملية نقل الطفل.