أعادت الأخبار الرسمية الصادرة أمس بتوقف ضخ الغاز الطبيعي من مصر للأردن تماما بسبب تفجيرات استهدفت خط الغاز الطبيعي في مدينة العريش المصرية صباح أمس الاربعاء قضيتين ذواتا ارتباط مباشر بالغاز وهم أسعار التعرفة الكهربائية والبحث عن بدائل مساعدة لاستيراد الغاز من دول أخرى .
وتؤكد مصادر متطابقة أن دراسات لاعادة النظر بالتعرفة الكهربائية بدأ منذ العام الماضي نتيجة لخسائر شركة الكهرباء الوطنية المتراكمة والتي زادت مع الاعتماد الأكبر على الوقود الثقيل والديزل في عمليات التوليد , منوهة الى غياب تصريحات مباشرة حول أن التوجه نحو رفع أسعار التعرفة سيكون على الشرائح المرتفعة ( أعلى من 500 كيلو واط ) أو أن التعديل سيشمل معظم الشرائح باستناء الشريحة الأولى دون أن تؤكد الجهات الرسمية توجها واضحا حول هذا الموضوع نظرا لحساسيه الموضوع بالنسبة للمواطنين .
وأشارت المصادر أن الأحمال الكهربائية لا تتأثر بنوع الوقود المستخدم حيث يتم الاعتماد في حالات مماثلة على الوقود الثقيل والديزل في محطات توليد الكهرباء بينما تتأثر الكلف المالية بنوع الوقود والذي يرتفع حال الاعتماد على الوقود الثقيل والديزل مقارنة بالغاز الطبيعي , الا أن انعكاس هذه الكلف والتي قدرت سابقا عند التوقف الأول خلال شباط الماضي بحوالي بحوالي ثلاثة ملايين دينار تتحملها شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة سيظهر مستقبلا من خلال اعادة النظر بأسعار التعرفة الكهربائية حال عدم وجود بدائل لتعويض خسائر الكهرباء الوطنية التي بلغت العام الماضي حوالي حوالي 170 مليون دينار في ظل تراجع كميات الغاز من مصر.
وأضافت المصادر أن التوقعات تذهب باتجاه ارتفاع خسائر الشركة العام الحالي حيث لم يقف الأمر عند تراجع الكميات من الغاز منذ بدايات العام الحالي بل وقوع التوقف التام للضخ مرتين مع بدايات شباط الماضي وحاليا مع توقف الغاز من خط العريش مجددا .
وقال مدير عام شركة توليد الكهرباء المركزية المهندس عبد الفتاح النسور أن محطة رحاب عادت للتحول الكامل على الوقود الثقيل والديزل في توليد الكهرباء , علما بأن التحول لاستخدام الوقود البديل عن الغاز بدأ منذ أيام أي قبل توقف الضخ أمس من مصر وذلك بسبب تراجع كميات الغاز المورد للمحطة .
كما أوضح النسور أن التشغيل بمحطة توليد العقبة مستمر على الوقود الثقيل والديزل على الأغلب منذ شباط الماضي وحتى الآن , أي أن انقطاع الغاز الذي حدث أمس لم يغير بنوع الوقود المستخدم في المحطة والذي يعمل بكامل الكفاءة المطلوبة بصرف النظر عن نوع الوقود .
وأكد النسور أن مخزون محطة العقبة ومحطة رحاب من الوقود الثقيل والديزل كاف , ولكن الظروف الراهنة تتطلب من المصفاة أن تأخذ اجراءات لامداد المحطات باحتياجاتها من الوقود والديزل والذي سبق وأن تعاملت معه المصفاة خلال فترة التوقف الماضية بكفاءة.
وهنا تجدر الاشارة أن التباين في كلف توليد الكهرباء بين الغاز الطبيعي والوقود الثقيل والديزل كما يلي : تبلغ كلفة مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي ( المستورد من مصر ) من 4-5 دولار في المعدل , بينما باستخدام الوقود الثقيل تبلغ الكلف من 12-14 دولار وباستخدام الديزل تبلغ الكلفة حوالي 20 دولار .
كما حصلت( الرأي ) على ثلاثة سيناريوهات وضعت مطلع العام 2011 لتقدير الكلف والخسائر في ضوء كميات من الغاز الطبيعي كانت متوقعة قبل وقوع التوقف التام عن ضخ لغاز لمرتين , حيث يظهر أنه في حال كانت كميات الغاز خلال العام بمعدل 210 مليون قدم مكعب يوميا فان الخسائر المترتبة المتوقعة حوالي 350 مليون دينار , وفي حال كانت الكميات 240 مليون قدم مكعب تكون الخسائر 162 مليون دينار اما في حال بلوغ معدل الكميات 310 مليون قدم مكعب يوميا ففي هذه الحالة لا تتحقق أي خسائر على الشركة .
وفي تصريحات لمدير عام شركة الكهرباء الوطنية الدكتور غالب معابرة ل ( الرأي ) حول ديون الشركة وأفق الحلول المتاحة بالاضافة الى مصادر أخرى متاحة للغاز الطبيعي أمام الأردن قال : في مشكلة تراكم الديون على الشركة جراء ارتفاع الاعتماد على الوقود الثقيل والديزل في عمليات التوليد وتراجع كميات الغاز المستورد من مصر نحن أمام خيارين الحصول على كميات أضافية من الغاز الطبيعي وفق الكميات التعاقدية بين الأردن ومصر وأيضا الكميات الاضافية لمواجهة الخسائر التراكمية .
واضاف ولكن حال عدم وجود حلول من ناحية رفع الكميات لا بد من تعديل التعرفة الكهربائية سواء عن طريق بند فرق أسعار الوقود او اعادة الهيكلة لشرائح الاستهلاك ولكن القرار في هذا الشأن يعود لمجلس الوزراء ولهيئة تنظيم قطاع الكهرباء .
وأوضح معابرة أن هنالك خط غاز يصل بين الأردن ومصر وهو من أفضل الوسائل المتوفرة للنقل وأقلها كلفة وهو ما جعل من التوجه نحو استيراد الغاز المصري الخيار الأكثر ملاءمة للأردن .
أما فيما يتعلق بالخيارات الأخرى المتاحة أمام الأردن لاستيراد الغاز بين معابرة أن المشاريع المتعلقة بالطاقة مشاريع اقليمية وتتطلب بنى تحتية وخطوط وشبكات دولية أي أن الكثير من الخيارات المطروحة تندرج ضمن المشاريع طويلة المدى .
وذكر على سبيل المثال من الخيارات المقترحة استيراد الغاز من الجزائر على أن يتم الاستيراد على شكل غاز مسال يعاد التعامل معه لاحقا , ويحتاج هذا النوع من المشاريع الى بنية تحتية واستثمرارت هائلة جدا .
وقال هنالك خيار طرح يتضمن التوجه لاستيراد الغاز من أذربيجان والتي أبدت استعدادها لتزويد الأردن بالغاز , مبينا أن هذا المشروع يصبح خيارا متاحا حال وصل في شبكة الخطوط مع تركيا وهو غير متوافر .
وشدد أن الحكومة بحثت أيضا الكثير من الخيارات المتاحة لاستيراد الغاز الطبيعي ومن ضمنها الاستيراد من العراق ولكن هذا الخيار يظل مرهونا باستقرار الأوضاع الأمنية بالاضافة الى الحاجة الى خط نقل غاز يربط دول محددة .
وذكر معابرة أن جميع الخيارات من الدول العربية المطروحة تحتاج لبنية تحتية مجهزة وكلف مالية هائلة , الأمر الذي وضع خيارات أخرى للبحث ومنها استئجار سفن تستخدم كمخزن للغاز ولا زالت دراسات لهذا الخيار قائمة من الجهات المعنية .
وذكر أن أحد الخيارات المؤملة هو حقل الريشة الغازي الأردني والذي حال بلوغ الكميات المنتجة منه حدودا معقولة سيساهم في تزويد المملكة بجزء من احتياجاتها مستقبلا , مشيرا أن الاقتراحات في المجمل تعتبر مشاريع طويلة المدى .
واستعرض معابرة لأوضاع الشركة العام الماضي في ظل تراجع كميات الغاز الطبيعي المستورد من مصر حيث تتحمل الشركة كلف انتاج الطاقة الكهربائية المنتجة وكلف الوقود المستخدم في التوليد .
وقال في العام 2010 مرت الشركة بظروف استثنائية حيث انخفضت معدلات تزويد الغاز الطبيعي من مصر مقارنة بالاعوام السابقة ففي العام 2008 كانت نسبة مساهمة الغاز في عمليات لتوليد بالمملكة حوالي 79% , وفي العام 2009 بلغن ما نسبته 83% أما في العام 2010 فقد بلغت نسبة المساهمة 68% .
وأوضح أن هذا التراجع رتب على الشركة كلف اضافية لأسعار الوقود وتم انتاج الطاقة الكهربائية اللازمة من انواع أخرى أعلى كلفة من الغاز الطبيعي .
وبين أن الشركة أضطرت في أوقات معينة لتشغيل وحدات التوليد الأخرى على الوقود الثقيل الديزل خلال العام 2010 , حيث زاد استهلاك الوقود الثقيل في المحطات خلال العام الماضي بمعدل ( 563 ) الف طن مقارنة بالعام 2009 و31 الف طن زيادة في استهلاك الديزل .
كما اضطرت الشركة الى استيراد الطاقة الكهربائية حسب معابرة من الدول المجاورة بحيث ارتفع استيراد الطاقة الكهربائية حوالي 287 ميجاواط / ساعة , مستدركا أن جميع هذه الظروف رتب زيادات في النفقات بحوالي 200 مليون دينار فيما حققت الشركة في العام 2010 ذاته 170 مليون دينار خسائر .
وتجدر الاشارة الى أن من المشاريع التي طرحت مؤرخرا التفاهم الاردني القطري لتزويد المملكة بالغاز والذي يتطلب تنفيذه حزمة اجراءات فنية في ميناء العقبة وتجهيز البنية التحتية اللازمة لعملية استيراد الغاز القطري .
وأعلنت وزارة الطاقة أن بدء استيراد الغاز القطري يتطلب تطوير احد الارصفة في ميناء العقبة وبناء محطة لاستلام كميات الغاز التي سيتم الاتفاق عليها لاحقا وتحويله الى الحالة الغازية وتخزينه اضافة الى ربطه بخط الغاز العربي وتوزيعه على المراكز الاستهلاكية بالمملكة.
فيما تم التأكيد ان سيناريو استيراد الغاز القطري المسال عبر البواخر واستلامها في ميناء العقبة هو الافضل اقتصاديا.
كما ان تنفيذ متطلبات استيراد الغاز القطري يحتاج الى اعداد وزارة الطاقة والثروة المعدنية دراسات فنية لتجهيز البنية التحتية في ميناء العقبة وتحديد التكاليف بناء على الكميات التي سيتم استيرادها بالاتفاق بين البلدين.
وبين ان التفاهم الذي توصل اليه البلدين جاء تنفيذا لخطة الحكومة للبحث عن مصادر جديدة لتزويد المملكة بالغاز الطبيعي لغايات توليد الكهرباء وتلبية الاحتياجات المتزايدة من الغاز.
وبحث البلدان خلال زيارة رئيس الوزراء الاسبوع الحالي الى قطر موضوع استيراد الغاز القطري من أجل التوسع في استخدامه بالمملكة, حيث أبدى الجانب القطري استعداه لتزويد المملكة بالغاز بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة في ميناء العقبة.
وواجهت المملكة منذ بداية عام 2010 نقصا في كميات الغاز الطبيعي المستوردة من مصر, ليوتقف التزويد تماما منذ شباط من العام 2011 أثر تفجير خط الغاز في العريش بمصر للمرة الأولى وبعد فترة انقطاع طويلة عاد ضخ الغاز للأردن منذ حوالي شهر بمعدلات لا تتجاوز 150 مليون قدم مكعب يوميا لتعاود ومنذ أمس التوقف تماما أثر تفجيرات استهدفت خط الغاز الطبيعي في العريش .
توقيع :G-H-A-I-T-H
توقف ضخ الغاز المصري يعيد محطات الكهرباء بالمملكة للاعتماد على الوقود البديل