انذرنا «أيلول» بأن الخريف دخل علينا من اوسع الابواب، وانه - اي الخريف - قد يكون على غير عادته في كل عام، قصيراً هذا العام، وان الشتاء ربما يداهمنا قبل وقته، لذا جاءت «شتوة» ايلول هذه المرة في اوله، وليس في «ذنبه» كما يردد المثل، ولعل ذلك كان، كي يبرئ ذمته من اتهام قد توجهه له، اذا ما انقضى جافاً دون ان يبلل الارض، انذار بوصول الشتاء، فهل وعينا هذا الانذار وفهمنا مقاصده واهدافه، وادركنا ما يجب علينا فعله قبل ان يدخل علينا الشتاء الذي ربما جاء دخوله عاصفاً قوياً قد يأتي معه بأضرار كبيرة الا اذا عملنا على ان لا يفاجئنا وان نعد العدة لاستقباله عبر ما يفترض اننا تعلمناه من تجارب سابقة.
هناك مرافق عديدة، يستدعي دخول فصل الشتاء ان نتفقد كفاءة عملها، واستعدادها لتلبية ما يترتب على حراك هذا الفصل الذي لم ننجح حتى الآن في توفير متطلبات استقباله بالشكل الذي يجنبنا المزيد من المآزق التي كان الله تعالى يلطف بنا غالباً، فلا يترتب عليها خسائر في الارواح وان كانت ترتب في الأغلب خسائر مادية او تتسبب في تعطيل مرافق لو أحسنا الاستعداد لمواجهة الاحتمالات التي يحملها فصل الشتاء لكان من الممكن تجاوزها بخير وسلامة بعيداً عن التداعيات التي ترتبت عليها، كل هذا في اطار تكرار واضح للمآزق والاشكالات نفسها التي تأتينا مع كل فصل شتاء حتى وان شحت امطاره الا من زخات متفرقة.
اكثر ما يشغل التفكير الآن، كيف سيكون عليه الحال، حين تفاجئنا امطار غزيرة، كانت تأتينا في وقت سابق، بشكل تعجز فيه مناهل «عمان» مثلاً عن استيعاب المياه التي تسكبها الامطار على سهولنا وودياننا التي تفيض حتى كانت توشك أن تغرقنا، هل تمت دراسة اسباب هذا العجز سواء في عمان او غيرها من المدن؟ هل اوصلت قراءة هذه الاسباب الى وضع الحلول العملية التي تقدر على ان تساعد هذه المناهل على استيعاب ما يصلها من مياه، بدلاً من ان «تزور» فيها، فتعيدها الى الشوارع مرة اخرى، لتشكل سيولاً تكون خطراً ليس على المشاة فحسب، بل وايضاً على المركبات؟ ثم هل تسأل كيف سيكون الحال عليه عند ازمات المرور التي نعاني منها الآن دون سيول وانفجار مناهل؟.
قيل.. ان هناك لجنة بدأت اعمالها للتأكد من استعدادات السيول لاستقبال مياه الأمطار المتوقعة التي نرجو الله تعالى ان تكون غزيرة، ونفهم من عنوان عمل هذه اللجنة انها ستتفقد سدود الحصاد المائي الذي قيل ايضاً انه تم انشاؤها حتى لا تذهب امطار الشتاء هدراً، وما نأمله ان تغطي اعمال هذه اللجنة احتمالات انشاء سدود جديدة غير تلك القائمة ستتفقدها، فحاجتنا الى كل قطرة مياه تنزل علينا من السماء تفرض علينا حرصاً اكيداً ان لا يضيع من شحيح امطارنا شيء هباء، يبقى ان نأمل على الجهات المعنية، ان تأخذ حذرها من مواقع السيول الخطرة، وابعاد المواطنين عنها ولو بالقوة.