خلال شهر رمضان المبارك , ساد إعتقاد تقليدي بأن إرتفاع أسعار السلع ومنها الخضار خصوصا وراءه الطلب المتزايد مع الإفراط في الإستهلاك , وكنا نلوم المستهلك ونحثه على ضبط النفس والمعدة , لكن شهر رمضان انقضى , والأسعار اليوم الى زيادة أكبر مما كانت عليه في الشهر المبارك , فما هي الأسباب ؟.
إقتصاد السوق يقول أن ارتفاع الأسعار يحدث نتيجة لزيادة الطلب المحلي مقابل نقص في المعروض , والارتفاع يقع عادة إما لتناقص كميات الإنتاج المحلي أو ارتفاع الكلف في بلدان المنشأ في حالة الاستيراد , وهو ما حدث فعلا لكن لأسباب مختلفة تماما , فالمعروض ناقص كما أن الجودة متدنية لكن الطلب مستقر , وأسباب النقص هي سوء تقدير وتجاهل لمبدأ أساسي وهو التحوط سواء بجدولة التصدير أو حماية المحاصيل من متغيرات مفاجئة مثل الحر وهو متوقع وإنتشار الحشرات المهلكة للزرع كنتيجة للسبب الأول , فهل نلوم الطلب ؟...
ما حصل في المحاصيل الزراعية هو ما حصل في الكهرباء والماء , فإذا كانت كميات الإنتاج في حالة المنتجات الزراعية مثلا أو الغاز أو الكهرباء سجلت نموا بمعدلاتها الطبيعية محسوبة على أساس كميات الاستهلاك المتوقعة فحتما هناك أسباب أخرى أوصلتها إلى الأزمات !
لا شك أن هناك تأثيرا ملموسا للمتغيرات التي لا يمكن تجاهلها مثل الكلف لكن لزيادة الطلب المحلي أسبابا أخرى وهو ما تعكسه الزيادة الكبيرة في أرقام الاستهلاك الخاص ولذلك أسباب موضوعية , لكن ذلك كله لا يعفي صانع القرار الاستراتيجي من الأخذ بمبدأ التحوط بزيادة كميات الإنتاج في حالة الزراعة و قدرة المولدات على استيعاب ضغوط الأحمال المتزايدة في حالة الكهرباء والأمر كذلك فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين توقعات الطلب المحلي والتصدير في حالة المنتجات الزراعية .
الإغراق أو وقف التصدير قد ينطوي على حل لأزمة قائمة لكنه قد يفتح الباب أمام أزمات مقبلة ذلك أن وقف التصدير سيعني بالضرورة خصم عائد مهم يسجل لحساب النمو في باب الصادرات والإغراق سيؤدي إلى وفرة ضارة ستخل بالتوازن الذي نسعى إلى تحقيقه فالخطط لا توضع تحت ضغوط الأزمات