سحب الجنسيات في الاردن: فاقدو الارقام الوطنية يرفضون التحول لبدون
كتب بسام البدارين في العربي:"قائمة ضحايا سحب الجنسيات في الاردن تشمل احد اشهر الجراحين وزوجات صحافيين وكتاب وابن وزيرة سابقة في الحكومة وابناء متقاعدين عسكريين وناشر صحافي اضافة لمئات العائلات البسيطة.
الجراح الوحيد في المملكة المتخصص في اورام الحنجرة والرقبة الدكتور احمد الجزار بين الذين سحبت ارقامهم الوطنية بموجب تعليمات لا زالت سرية تحمل اسم فك الارتباط، والجزار يستعد للمغادرة الى كندا بعد ان فقد الامل في استعادة رقمه الوطني.
ورغم ان الجزار يرفض التحدث عن الامر الا ان جراحين كبارا في المملكة بينهم الدكتور جهاد البرغوثي يحاولون التوسط له على امل مساعدتهم في اجراء جراحات نادرة تدر دخلا كبيرا على القطاع الطبي حتى يتمكن من تجديد رخصة عيادته في الجبل الذي يحمل اسم الملك الراحل حسين بن طلال وسط العاصمة عمان.
وقائمة الضحايا ضمت قبل سنوات في حادثة مشهورة نجل وزيرة الاعلام في الحكومة السابقة اسمى خضر قبل استدراك المسألة، كما ضمت زوجة الصحافي المعروف ناصر شديد مراسل بي .بي.سي في عمان .
ولولا ارتفاع صوته لانضم ناشر صحافي يملك عدة مؤسسات في البلاد هو الدكتور زكريا الشيخ لقائمة الضحايا، حيث طلبت منه موظفة في ادارة الجوازات مراجعة ادارة تابعة لوزارة الداخلية لتثبيت جنسيته.
ومؤخرا اضطر مسؤول في الديوان الملكي التوسط بهدف ضمان عدم سحب الرقم الوطني لزوجة شقيقه العريس، كما قام وزير سابق ومهم بحمل اوراق رجل اعمال سحب الرقم الوطني من عائلته تحت عنوان تعزيز صمود الاهل في فلسطين.
ولا يزال الدكتور خليل ابو سليم وهو مثقف من ابناء مدينة السلط تزوج منذ 20 عاما من اردنية من اصل فلسطيني يصر على استعادة الارقام الوطنية لزوجته واثنين من اولاده رغم ان وزارة الداخلية تصر على ايفاد الزوجة والولدين للضفة الغربية بغرض التسجيل هناك قبل استعادة الارقام الوطنية بهدف دعم الصمود. هذا الخيار رفضه ابو سليم بعد ان ظهر على شاشة بي .بي.سي قائلا: اولادي اردنيون ولا اقبل غير ذلك.
واشار الكاتب الصحافي خالد محادين مجددا امس لآلاف الحالات التي يعرفها او يسمع عنها فيما تتحدث منظمات حقوق الانسان عن سجلات قوائم بالجملة تضم عائلات بأكملها.
وفي الوقت الذي اصبحت فيه هذه المسألة قضية رأي عام تطرحها وسائل الاعلام يصر وزير الداخلية نايف القاضي على ان قرارات سحب الرقم الوطني في معدلها الاعتيادي ويرفض اعتبارها سحبا للجنسية ويتحدث عن مؤامرة اسرائيلية تورط فيها من يطرحون هذه القضية.
لكن المواطن الذي سحبت جنسيته جمال عرابي نخلة يقترح على الوزير الاردني سحب السفير الاردني من تل ابيب ردا على المؤامرة الاسرائيلية قبل او مع سحب جنسيات اردنيين، مؤكدا ان جنسيته سحبت رغم انه لم يحمل يوما ايا من بطاقات الجسور وبدعوى وجوده قبل سنوات في الجزائر كمدرس، قائلا: سحب جواز سفري الدائم ومنحت بدلا منه المؤقت وكتب عليه اني اقيم في مدينة القدس التي لم ازرها في حياتي كما كتب اني احمل بطاقة خضراء وهذا لم يحصل اطلاقا. حالة اخرى طريفة خارج التعليمات واجهها صهرعرابي فارس محمد يوسف الذي قال لـ القدس العربي ان جنسيته سحبت لسبب غريب وهو استخدام مطار العدو اللد في رحلة سفر الى فنزويلا عندما كان شابا وقرر زيارة ذويه هناك قبل ان يدفع الثمن جنسيته الاردنية.
ردا على الانتقادات التي طرحت في السياق ظهرت مقالات مؤخرا تمجد وزير الداخلية الذي ينفذ بدوره التعليمات ولا يصنعها.
وفي السياق قال امين عام وزارة الداخلية مخيمر ابو جاموس بان سحب الرقم الوطني مؤقت ولا ينتج عنه المساس بأي حقوق فردية، لكن المواطن درويش ابو درويش الذي سحب رقمه الوطني عرض لـ القدس العربي مذكرة تبين الخسائر في مجال الحقوق ومن بينها منع العمل الخاص ومنع تجديد رخصة القيادة والحرمان من مدارس الحكومة وعيادات وزارة الصحة والتطعيم والحرمان من العمل لاحقا. المؤيدون لوزارة الداخلية وبينهم بعض النواب والصحافيين يستغربون الضجة المثارة حول ظاهرة سحب الجنسيات حيث استند الصحافي فهد الخيطان لارقام الوزارة في التحدث عن تجنيس اعداد اكبر من الاعداد التي سحبت منها ارقامها الوطنية فرد عليه محادين مذكرا بأن الحديث عن سحب الجنسيات وليس عن التجنيس. بالمقابل رأت نخب محسوبة على اركان الدولة والنظام ان المسألة تستحق البحث ومراجعة المؤسسات المركزية، خصوصا بعدما تحدث موظفون متقاعدون ومواطنون عن ترميزات توضع على جواز السفر يفهمها فقط اصحاب الامر وتحدد الوضع القانوني للمواطن. كل ذلك يحصل دون ان تقول الحكومة شيئا محددا، وفاقدو الارقام الوطنية يظهرون علنا مع كل مقال او متابعة للموضوع وملف القضية برمتها يدرس الآن في مؤسسة القصر الملكي وسط تطمينات عليا لشخصيات سياسية تقول بأن ما يجري لا علاقة له بقرار سياسي جديد.
المسألة ابعد من ذلك - يقول لـ القدس العربي رئيس سابق للوزراء - ولها علاقة باطار علمي واحصائي يتفق مع نظرية داخل مرجعيات الدولة تتحدث عن التوازن الديمغرافي كضرورة للحفاظ على المصالح العليا في الدولة، ويضيف: المطلوب ان لا يحصل واقع ديمغرافي يفرض حلولا داخلية او خارجية تغير معادلة وتركيبة الحكم والدولة والنظام في الاردن، ويشرح: باعتقادي لذلك تراقب المسألة احصائيا وتشتد احيانا حالات سحب الجنسية وبرأيي ان الاخوة من اصل فلسطيني ينبعي ان يتفهموا ذلك.
هذا المنطق يرد عليه المدرس عرابي، ويقول: نحترم هذا الكلام لكن ما ذنبنا نحن كمواطنين؟.. واين نذهب؟ ولماذا لم يكن ذلك واردا عندما قاوم العرب ولادة الدولة الفلسطينية او عندما اندفع العقل الرسمي الاردني باتجاه وحدة الضفتين؟ متفقا مع ابو درويش برفض التحول لبدون في اطار حسابات الحكومة الاردنية وسلطة محمود عباس. بعد هذه الاسئلة - يقول عرابي -: لا يوجد مشكلة سأحمل ملوخياتي واذهب للجسر مع عائلتي لكن اتحدى النظام العربي الرسمي برمته ان يتمكن من اجبار اسرائيل على عبوري، فالاردن وطن يعيش فينا لا نعيش فيه، وفلسطين لا نستبدلها حتى بالجنة ومصيرنا واحد، وانا شخصيا لا ولن اقبل بالوضع الذي تريده وزارة الداخلية لي ولأسرتي.