دشن بنيامين نتنياهو عهده الجديد كرئيس وزراء اسرائيل بشن هجوم ساحق على ايران، باعتبارها الخطر الاكبر على البشرية، ووضع مواجهة التطرف الاسلامي على قمة اولويات حكومته.
انها حكومة حرب بكل المقاييس، ستكون للدبلوماسية فيها حظوظ قليلة، بل انها لا تعتبرها واحدة من اولوياتها الرئيسية، والا لما اختار نتنياهو أفيغدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا المتطرف رئيساً لها.
نتنياهو تعهد في برامجه السياسية اثناء حملته الانتخابية بمنع ايران من التحول الى دولة نووية في حال وصوله الى رئاسة الوزارة، وها هو يحقق آماله في هذا الصدد، وبقي ان نعرف كيف سينفذ تهديداته هذه، وما اذا كان المجتمع الدولي، والادارة الامريكية على وجه الخصوص، سيسمح له بجره، والمنطقة بأسرها، الى محرقة جديدة.
تنفيذه لوعوده يعني ارسال الطائرات الحربية الاسرائيلية، الامريكية الصنع، لضرب المنشآت النووية الايرانية، الامر الذي سيدفع بالحكومة الايرانية الى رد انتقامي دفاعاً عن النفس، وهذا امر مشروع، مما قد يؤدي الى احراق آبار النفط وضرب القواعد الامريكية في الخليج، وتوجيه الصواريخ الباليستية الايرانية الى العمق الاسرائيلي.
اما عدم تنفيذ هذه الوعود، واستخدام اساليب المماطلة، والبحث عن دعم امريكي او اوروبي مسبق، فهذا سيعني ان نتنياهو شخص كاذب، خدع الناخب الاسرائيلي وضلله من اجل الوصول الى سدة الحكم.
لا خلاف على شخصية نتنياهو الحافلة بالتناقضات، ولا خلاف ايضاً على تاريخه الحافل بالأكاذيب والمراوغات، ولكن ما لا يمكن الجدل فيه هو ان وجوده في قمة السلطة في اسرائيل هو اكبر خطر على المنطقة، بل واسرائيل نفسها، الامر الذي يتطلب وقفة موحدة من جميع الاطراف المعنية بالسلام والاستقرار العالمي للتصدي له، ومنعه من اشعال فتيل الحروب.
مسيرة السلام، التي استثمر فيها الغرب الكثير من الوقت والجهد والمال، عاشت حالة من الاحتضار والموت السريري قبل وصول نتنياهو الى الحكم، واصبحت الآن في حالة وفاة رسمية، تنتظر الدفن دون ان تتوقع ان يسير في جنازتها احد، لأنها متعفنة، كريهة الرائحة.
نتنياهو لم يتلفظ بكلمة الدولة الفلسطينية اثناء خطابه امام الكنيست، وتحدث بشكل ممجوج عن سلام دائم، ولكنه التزم في الوقت نفسه بالاستيطان، وتوسيع المستوطنات، والابقاء على القدس عاصمة موحدة وأبدية للدولة العبرية.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وضع كل بيضه في سلة المفاوضات وعملية السلام المنطلقة من مؤتمر انابوليس يجد نفسه في مواجهة شريك يؤمن بالسلام الاقتصادي، وتطويق القدس المحتلة بالمستوطنات، ويحيط نفسه بأبرز الاحزاب اليمينية المتطرفة وصقورها.
لا نعرف ماذا سيفعل السيد عباس في مواجهة هذا الواقع الجديد، وكيف سيتصرف ازاءه، وماذا سيقول لجمهور مؤيديه الذين انتخبوه على امل ان يأتي لهم بالرخاء والدولة الفلسطينية المستقلة. ولكننا نعرف ما يجب ان يفعله العالم تجاه حكومة متطرفة لا تؤمن بالسلام وتسعى الى الحرب، فهذا العالم الذي قاطع حكومة نمساوية فيها العنصري يورغ هايدر، يجب ان يفعل الشيء نفسه مع حكومة نتنياهو، ومنذ اليوم الاول لاستلامها السلطة بعد ان تعرف على نواياها.