من أشهر ماتميّزنا به بين الأمم - بصفتنا عرب -
هو الخطابة والفصاحة، والخطابة - حسب رؤيتي -
هي تلك الكلمات الرنانة التي تُلقى على مشهد من الناس لتحقيق هدف معين.
وبغض النظر عن سمو أو دناءة هذا الهدف،
إلاّ أنه هذا هو التعريف الذي استطعتُ تكوينه تبعاً لثقافتي المتواضعة لمفهوم الخطابة.
ولما لهذه الخطابة من تأثير فقد أقرها الإسلام وسن لنا خطبة يجتمع لها المسلمون
في كل يوم جمعة.
وحتى لا يكون الموضوع محصوراً بخطب الجمعة فإني أود الحديث عن الخطابة
والفصاحة بشكل عام،
وكيف اصبحنا مجتمعا متلكلكا لا يُجيد تركيب جملتين من غير أن يسقط "العقال" أو تعتلينا ابتسامة الإفلاس!.
قال لي أحد الأصدقاء - وهو يشتط حماسةً -:
يا أخي نحنُ أمة لا تُجيد سوى الكلام.
قلتُ له: عفواً، أي كلام تتحدث عنه !.
صدقني يا صاحبي، حتى الكلام لم نعُد نجيده.
فلا يختلف اثنان في أن وقع الخطبة الارتجالية هو الأقوى والأدعى لشد الانتباه،
ولأنها تصدر- غالباً - من القلب فهي تجد طريقها إلى القلب مباشرة،
على عكس الخطب المقروءة التي تجد طريقها من الورقة إلى الآذنين وتتلاشى
هناك في مقبرة النسيان.
وأنا أقول: لا بأس أن يكون للخطيب نقاط مكتوبة تعينه على تذكر مايود أن يقول،
إلاّ أنّ المُشين هو أن ينسى الخطيب كل ماينوي أن يقوله ولا يجد حرجاً في أن
يخرج بورقته أمام الجميع ليقرأ عليهم كلمته بتردد صوتي مملّ يتضح من ايقاعه
أنه يقرأ كلمات لا يعنيها،
حتى من المذياع فإنك تستطيع تمييز الكلمات الارتجالية من الكلمات المقروءة
من خلال ايقاع الصوت الهادئ الذي يجلب الملل والرتابة للقارئ على عكس
الكلمات النابعة من احساس اللحظة.
لذلك في محاولة متفائلة مني لتمييز الخطباء من القراء فقد تجولت
بمركبتي الفضائية (التلفاز) على بعض قنوات العروبة،
لأ تفاجأ بأن خطباءنا قد تحولوا إلى قراء!.
فهل نحنُ فعلاً أمة كلام، أم حتى الكلام أصبحنا نحنطه في متاحف التاريخ؟؟؟؟؟
منقووووووووووووووووووووووووول...