كثيرة هي الدروس والعبر التي أفرزها العدوان الأسرائيلي على قطاع غزة فمن ثبات المقاومة وصمودها والتفاف أبناء غزة حولها هذا الألتفاف والتلاحم الرائع بين أبناء هذه المدينة ومقاوميها كان سببآ من الأسباب التي افشلت مخططات الكيان الأسرائيلي في النيل من أرادة وصبر الشعب الفسطيني التواق الى أقامة دولته الحره المستقله الكاملة السياده وبقاء جذوة مقاومته متقدة حتى تحقيق كامل الأهداف، ومن دروس غزة البليغة المعاني أيضآ أنها أسقطت كل الأقنعة وكشفت حجم التآمر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من قبل بعض الأنظمة الرسمية العربية المتخاذلة والمتواطئة مع أسرائيل وصلت الى حد المشاركة في العدوان وتقديم كل التسهيلات له للقضاء على آخر معاني الكرامة، الى مواقف دولية منافقة ومنحازة ساوت بين الضحية والجلاد، هذه القوى الدولية التي ترفع شعارات براقه مثل الحرية، والديمقراطية، وحقوق الأنسان تقف وبكل صلف وعنجهية مع محتل غاصب تمده بمختلف أنواع الأسلحة الأشد فتكا وتغطي جرائمه سياسيا وأعلاميا، تحرف الحقائق، وتقلب المفاهيم، وتجعل من هذا الجلاد ضحية، ومن الضحية جلاد، تشرعن للمحتل أحتلاله هذا، وتصوره على أنه هو صاحب الحق الشرعي، والأخرون هم الذين يحاولون سلبه هذا الحق، لقد خلقت المقاومة وضعا جديدا على الأرض في معادلة الصراع مع الكيان الأسرائيلي فأستعاضت عن السلاح المتطور والذي لا يمكن أن تمتلكه نتيجة لكثير من العوامل المقيدة بأسلحة أقوى هما الأرادة والأيمان وظفت في المعركة على خير وجه، وأثبتت بما لا يقبل الشك بأن تحقيق التوازن يمكن أن يتم بصيغ وأدوات أخرى يمكن أن تؤذي العدو وتجبره على تقديم تنازلات لا يمكن أن يقدمها بأي شكل من اشكال ما تسمى بالمفاوضات الأستسلامية التي يراهن عليها بعض المهزومين، وقدعلمنا التأريخ بأن تحرير الأوطان لا يمكن أن يتم بدون مقاومة ترافقها تضحيات لا شك في سبيل تحقيق أهداف سامية هي التحرر والأنعتاق والعيش الكريم.
أذن يحق لنا هنا أيضا أن نفخر بما قدمته المقاومة من معان سامية خلال تصديها للعدوان، ويحق لنا أيضا أن نشخص ونشير الى بعض المواقف المتخاذله والمتواطئة، كما يشير بعض الكتاب المحسوبين على ما يسمى بمعسكر الأعتدال الى حركة حماس باصابع الأتهام ويحملونها المسؤولية عن جرائم اسرائيل في غزة وكأن الحصار والأغتيالات التي تقوم بها أسرائيل ليست أعمالا عدوانية حربية، ويأخذون على حماس علاقتها بأيران وهم الذين لم يتركوا لها باب إلا باب أيران لتطرقه، فالموقف المصري مثلا وكعادته كان من أكثر المواقف المؤيدة لأسرائيل والمعادية للطموحات والتطلعات
العربية والبعيد حتى عن أبسط المواقف الأنسانية في مثل هذه الظروف فغلق المعابر، ومنع عبور قوافل الأغاثة، والتنسيق الأستخباري والعسكري كلها أمور ترتقي الى المشاركه الفعلية في العدوان، ولا غرابة في ذلك خاصة وأن المواقف المصرية في العديد من القضايا العربية المهمة كانت في جانب أعداء الأمة، فعلى سبيل المثال شاركت مصر بفاعلية في الحصار على ليبيا وإثارة القلاقل في السودان ومواقفها المبهمة في الصومال ودعمها الأعلامي لأسرائيل في الحرب التي شنتها على لبنان عام 2006، ومحاولتها محاصرة سورية والتحريض عليها وموقفها الذي لا ينسى في مشاركتها في الحرب الأمريكية على العراق وتدميره عام 1991، فمنذ معاهدة كامب ديفيد والسياسة المصرية أخذت على عاتقها قتل أي روح أو صوت للمقاومة في المنطقة أضافة لترويج التطبيع مع أسرائيل للتغطية على هزائمها المتتالية وتوقيعها لمعاهدة أستسلام مذلة بشروط قاسية على يد هذا الكيان، أكيد لا يٌريحها أن ترى ثلة من المقاومين الأحرار يصمدون أمام الجيش الذي لا يقهر والذي كان يهزم خصومه من جيوش كاملة العدة والعدد بايام معدودات .
بعد هذه النظرة الموجزة على مواقف مصر من القضايا العربية المهمة يتضح بأن مصر لا علاقة لها بالعالم العربي ولا بقضاياه المصيرية فالرابط الذي يربطها بالمنطقة العربية هو المصالح الأقتصادية البحتة فجلب رؤوس الأموال وتدفق الأستثمارات العربية والخليجية بالذات وتصدير العمالة المصرية الى هذه الدول، هو الهدف الوحيد لمصر من علاقتها بالمنطقة العربية وعلى الساسة والمثقفين في دول الخليج العربي وباقي الدول العربية التنبه للدور والتحركات المصرية القادمة الهادفة الى تخويف هذه الدول من البعبع الأيراني لأبتزازها وشفط أموالها، فالنظام المصري يحاول أيجاد تكتل من بعض الدول الخليجية الغنية يتماهى من ناحية مع الفكر الغربي الأمريكي على أنه تكتل أعتدال، يرتقي في المستقبل وهو الهدف المنشود والمخطط له الى مستوى تكتل أقتصادي يجمع مصر ذات الأمكانات المحدودة والشحيحة والكثافة السكانية العالية بالأمارات مثلا والمملكة العربية السعودية والبحرين وتونس والأردن اضافة الى الكويت والتمهيد مستقبلا لضم الكيان الأسرائيلي الى هذا التجمع، فإلى متى يبقى البعض بعد كل هذه المواقف التي ذكرناها أسرى لسياسة الأبتزاز المصرية؟