بدأت المشاورات بين الكتل السياسية الاسرائيلية الكبرى لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث يتنافس كل من بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود وغريمته تسيبي ليفني رئيسة حزب كاديما على كسب اكبر عدد من النواب في الكنيست من اجل الحصول على النصاب القانوني المطلوب.
ايغور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا اليميني المتطرف، يتصرف حاليا مثل الفتاة الجميلة التي يطلب الجميع ودها، فحصوله على 15 مقعدا في الانتخابات الاخيرة، جعله لاعبا رئيسيا في المشاورات الحكومية المذكورة، يتطلع الحزبان الرئيسيان الى اقناعه بالانضمام الى اي حكومة يشكلانها، والتجاوب مع كل شروطه في هذا الصدد، سواء المتعلق منها بالحقائب الوزارية، او عدم التنازل عن الاراضي المحتلة وسحق حركة المقاومة الاسلامية حماس.
الدكتور احمد الطيبي رئيس الكتلة العربية للتغيير التي فازت باربعة مقاعد في الانتخابات طالب الدول العربية بعدم التعامل مع اي حكومة اسرائيلية يشارك فيها ليبرمان باعتبارها حكومة تضم شخصا عنصريا يطالب بطرد العرب من اراضيهم من اجل الحفاظ على نقاء اسرائيل كدولة يهودية.
وهذا الطلب المنطقي يجب ان لا يوجه الى الدول العربية فقط، وانما الى مختلف الدول الاوروبية والامريكية والاسلامية ايضا التي تقيم علاقات مع الدولة العبرية، وعندما نقول الاسلامية فاننا نشير الى تركيا والدول الاسلامية التي كانت في اطار الامبراطورية السوفييتية.
فالدول الاوروبية قاطعت اي حكومة فلسطينية تشكلها، او تشارك فيها، حركة حماس، ووضعت الحركة على قائمة الارهاب رغم انها لم تنفذ اي اعمال عنف خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة.
كما انها لم تطالب بطرد اليهود من فلسطين، مثلما يفعل ليبرمان فيما يتعلق بالمواطنين العرب الذين يمثلون اكثر من خمس سكان اسرائيل.
وربما يفيد التذكير ايضا بان المبدأ نفسه، اي مبدأ المقاطعة، طبقته دول الاتحاد الاوروبي ضد زعيم الحزب اليميني النمساوي يورغ هايدر، عندما فاز حزبه في انتخابات نزيهة حرة، وبنسبة من المقاعد أهلته لتشكيل الحكومة النمساوية، لانه زعيم عنصري على حد توصيفهم.
ليبرمان أخطر بكثير من هايدر، ومن كل زعماء الاحزاب النازية في اوروبا، فهو الذي يرفض التعايش مع اي عرق او دين آخر، ويطالب بطرد مواطنين اقاموا في البلاد منذ خمسة آلاف سنة على الاقل، بينما لم يأت هو اليها قادما من روسيا الا قبل ثلاثين سنة فقط.
والأهم من ذلك ان تصويت الاسرائيليين لصالح ليبرمان وحزبه بالطريقة التي شاهدناها، بحيث تفوق على حزب العمل من حيث عدد المقاعد، يكشف مدى تغلغل العنصرية في المجتمع الاسرائيلي، وكراهية نسبة كبيرة منه لاطروحات السلام والتعايش مع العرب وابناء المنطقة الاصليين.
نضم صوتنا الى صوت الدكتور احمد الطيبي، وكل الاحزاب والشخصيات العربية التي تشاركه موقفه في ضرورة التصدي لهذا العنصري الاسرائيلي الذي يشجع سياسات التطهير العرقي ضد العرب، حتى يدرك القادة الاسرائيليون الآخرون ان مثل هذه التوجهات العنصرية ليست مقبولة فقط في اوساط العرب وانما ايضا من مختلف انحاء العالم ايضا.
التصدي لاي حكومة تضم ليبرمان يجب ان يكون اقوى من الحملات التي تصدت للنظام العنصري في جنوب افريقيا حتى اطاحت به، بحيث يكون هذا التصدي لليبرمان مقدمة لحملة اوسع ضد الحكومات الاسرائيلية التي تمارس حرب ابادة ضد ابناء الشعب الفلسطيني، مثلما حدث مؤخرا في قطاع غزة.