لكل كانت اسراره الخاصة مع قرائه وأنا لي اسراري... فكل صباح لا بد ان تتصل بي سيدة اسمها (أم مصطفى) وتقرأ لي قصائد نبطية، هي تنظم الشعر كما تقول منذ العام 1972 ولكنها لا تحب ان تنشر وتحتفظ به لنفسها.
كل صباح.. في الحادية عشرة تماما يرن هاتفي.. وتقول لي (أم مصطفى) صباح الخير يا خالتو... اسمع شو طلع معي امبارح.. فاستمع.. جميع قصائد أم اصطيف يتكرر فيها مصطلح (طير شلوه)... وهناك جملة اخرى ايضا... (والليل حاديها) صرت أنتظر هاتف أم مصطفى كي أسمع جديدها كل يوم... صدقوني أني لا أعرف اسمها او عنوانها او حتى شكلها..
تضطر ان تسمع.. فقط وبعد كل بيت تقرأه اقول.. (الله) واحيانا (جميل) بمط الياء وأحيانا اخرى... (ابدعت أم مصطفى) أضطر ان اجامل سيدة في خريف العمر ولا اقوى على انهاء المكالمة ابدا.
للعلم قصائد (أم مصطفى) النبطية متنوعة.. فهي مثلا تكتب قصائد للتوعية من حوادث الطرق... اتذكر مطلع قصيدة لها في هذا المضمار
يا سايق يا للي ماشي في الطريق
اذكر الله الصبح ع الريق.
وايضا تكتب في غلاء الاسعار ولها كتابات في نقد الحكومة.. اتذكر انها قرأت لي قصيدة عن احدى الحكومات انتقدت بعض الجوانب الاقتصادية.
مع الوقت صارت (أم مصطفى) جزءا لا يتجزأ من صباحاتي ربما لاني الوحيد في العالم الذي يستمع لقصائدها وانا الوحيد الذي يكذب.. ويصرف مدحا مجانيا للقصائد تلك...
سميتها على هاتفي (نازك الملائكة).. وكلما ظهر اسمها على الجهاز... اقول على الفور: يا هلا بخالتي ام مصطفى.
احياناً اشكو لها علتي وقد دلتني على علاج شافٍ للحصى وهو ماء البقدونس المغلي.. للعلم ام مصطفى لها ايضاً قصائد في المجال الطبي.. وبالتحديد في مجال (الحدّ من النسل).
منذ (3) اشهر انقطعت قصائد (ام مصطفى).. وهذا الصباح لحظة كتابتي المقال قررت مهاتفتها.. لقد إعتدت على دعواتها لي وقصائدها ونصائحها في المجال الطبي.. واخبار مصطفى.. فهي تحدثني عنه كثيراً.. كونه مهاجراً في بلاد الغربة.
ردت عليّ صبية صوتها يدل على انها يافعة.. فطلبت الحديث مع ام مصطفى.. اخبرتني ان (ستّو) ام مصطفى - بحسب تعبيرها - توفيت قبل (3) اشهر بجلطة دماغية.
صدقوني اني لا اسرد قصة من نسج خيالي فهي حقيقة واقعة.. اقفلت السماعة وقلت شكراً.. وعبرت خدي دمعة حرّى على إمرأة كان الوحيد في العالم الذي يثني على قصائدها هو انا.
وربما كانت تكتب قصائد كي اقول لها: جميل .. الله كلام رائع الذي يعذبني في القصة اني كنت اكذب عليها واجاملها.. وسؤالي هل ماتت تلك السيدة دون ان تدرك حقيقة قصائدها او زيف ثنائي عليها.
آخر قصيدة قرأتها لي (ام مصطفى) كانت عن ارتفاع اسعار اللحمة.. وكيف تعذّب المواطن من ذلك.
لم استطع تجاوز صوت كان يمرّ على اذنيّ في الصباح لهذا كتبت قصتي مع ام مصطفى على ورق الجريدة.. وورق القلب.
انا حزين.. جداً.. فالنساء حين يغادرن الحياة تشعر بأن وطناً غادر (وام مصطفى) تركت خلفها مدناً من الورق والقصائد.
فرحمة الله عليك يا طيبة.
بقلم :
عبدالهادي راجي المجالي
احترامي
//
//
المقدادي
كل صباح.. في الحادية عشرة تماما يرن هاتفي.. وتقول لي (أم مصطفى) صباح الخير يا خالتو... اسمع شو طلع معي امبارح.. فاستمع.. جميع قصائد أم اصطيف يتكرر فيها مصطلح (طير شلوه)... وهناك جملة اخرى ايضا... (والليل حاديها) صرت أنتظر هاتف أم مصطفى كي أسمع جديدها كل يوم... صدقوني أني لا أعرف اسمها او عنوانها او حتى شكلها..
تضطر ان تسمع.. فقط وبعد كل بيت تقرأه اقول.. (الله) واحيانا (جميل) بمط الياء وأحيانا اخرى... (ابدعت أم مصطفى) أضطر ان اجامل سيدة في خريف العمر ولا اقوى على انهاء المكالمة ابدا.
للعلم قصائد (أم مصطفى) النبطية متنوعة.. فهي مثلا تكتب قصائد للتوعية من حوادث الطرق... اتذكر مطلع قصيدة لها في هذا المضمار
يا سايق يا للي ماشي في الطريق
اذكر الله الصبح ع الريق.
وايضا تكتب في غلاء الاسعار ولها كتابات في نقد الحكومة.. اتذكر انها قرأت لي قصيدة عن احدى الحكومات انتقدت بعض الجوانب الاقتصادية.
مع الوقت صارت (أم مصطفى) جزءا لا يتجزأ من صباحاتي ربما لاني الوحيد في العالم الذي يستمع لقصائدها وانا الوحيد الذي يكذب.. ويصرف مدحا مجانيا للقصائد تلك...
سميتها على هاتفي (نازك الملائكة).. وكلما ظهر اسمها على الجهاز... اقول على الفور: يا هلا بخالتي ام مصطفى.
احياناً اشكو لها علتي وقد دلتني على علاج شافٍ للحصى وهو ماء البقدونس المغلي.. للعلم ام مصطفى لها ايضاً قصائد في المجال الطبي.. وبالتحديد في مجال (الحدّ من النسل).
منذ (3) اشهر انقطعت قصائد (ام مصطفى).. وهذا الصباح لحظة كتابتي المقال قررت مهاتفتها.. لقد إعتدت على دعواتها لي وقصائدها ونصائحها في المجال الطبي.. واخبار مصطفى.. فهي تحدثني عنه كثيراً.. كونه مهاجراً في بلاد الغربة.
ردت عليّ صبية صوتها يدل على انها يافعة.. فطلبت الحديث مع ام مصطفى.. اخبرتني ان (ستّو) ام مصطفى - بحسب تعبيرها - توفيت قبل (3) اشهر بجلطة دماغية.
صدقوني اني لا اسرد قصة من نسج خيالي فهي حقيقة واقعة.. اقفلت السماعة وقلت شكراً.. وعبرت خدي دمعة حرّى على إمرأة كان الوحيد في العالم الذي يثني على قصائدها هو انا.
وربما كانت تكتب قصائد كي اقول لها: جميل .. الله كلام رائع الذي يعذبني في القصة اني كنت اكذب عليها واجاملها.. وسؤالي هل ماتت تلك السيدة دون ان تدرك حقيقة قصائدها او زيف ثنائي عليها.
آخر قصيدة قرأتها لي (ام مصطفى) كانت عن ارتفاع اسعار اللحمة.. وكيف تعذّب المواطن من ذلك.
لم استطع تجاوز صوت كان يمرّ على اذنيّ في الصباح لهذا كتبت قصتي مع ام مصطفى على ورق الجريدة.. وورق القلب.
انا حزين.. جداً.. فالنساء حين يغادرن الحياة تشعر بأن وطناً غادر (وام مصطفى) تركت خلفها مدناً من الورق والقصائد.
فرحمة الله عليك يا طيبة.
بقلم :
عبدالهادي راجي المجالي
احترامي
//
//
المقدادي