العلاقة الوثيقة بين الجسم والروح
هناك تأثير وتأثر متقابل بين الروح والجسد فحال اجسامنا مؤثر على ارواحنا وفكرنا. فالأطعمة ذات الطبع البارد تؤثر على أرواحنا بحيث نبرد عندها أمام كثير من الأمور. والعكس هو الصحيح فمن ياكل الأطعمة ذات الطبيعة الحارّة يشعر بحراره تجاه كثير من المسائل حتى يؤدي به الأمر الى ازدياد أمله بحياته ومستقبله. ففي الحقيقة إن مسألة تأثير المناهج الغذائية على الروح والفكر والعواطف الإنسانية، بحث عميق جدا. حوالي 90% من نسائنا اليوم لايعلمن شيئا عن هذه المسائل، في حين كان من المفروض إدراج بعض الأطعمة التي تساعد على سلامة جسم أفراد الأسرة وروحهم في برنامجها الغذائي. فحتى في الطب القديم هناك اختلاف بين البرامج الغذائية للرجل و المرأة حسب الاقتضاءات الروحية لهما، فعلى سبيل المثال ورد في بعض الروايات أن بعض أنواع الخضروات يتحتم على الرجل أكلها أكثر من المرأة وعلى العكس … ولو فتشنا عن الدليل لهذه الأوامر نهتدي إلى الحكمة العظيمة التي تقف خلفها، ولو عملنا بها كم سيكون لها من الأثر على سلامة أرواحنا وأجسامنا. فعلى سبيل المثال عندما يقال أن أكل لحم الخنزير حرام، تصل النوبة مباشرة إلى الكلام عن ثأثيره الروحي على الإنسان إذ يؤدي بأكله إلى أن يصبح عديم الغيرة. فتأثير الأطعمة والأغذية على أفكار البشر وعواطفهم هو نفس العلاقة المتقابلة بين الروح والجسد. فمن أجل درك المواهب المعنويه ونيلها لابد للإنسان أن يقلّل من طعامه ومنامه. فقد جاء في الروايات أن الجوع يورث الإخلاص والحكمة. حتى ورد في الروايات بأن المرء لو استطاع أن يعرف ساعة موته فليسع لأن يموت جائعا.
ينقل الشيخ علي ابن الشيخ بهجت(ره) بأن أباه لم يكن يأكل شيئا إلا القليل القليل في الأسبوع الأخير من عمره.
(قيام الليل عمل ليس بالسهل)
عندما يبتلى المرء ببعض المشاكل ويتألم روحيا بسببها. تترك هذه الآلام الروحية اثرا على جسده. فمن المسلمات الروائية عندنا أن بعض الأذكار أو النوايا الخالصة يمكنها أن تقضي على أثر سوء التغذية. فهذه النية وهذا الذكر له أثر على الأمور المادية المحاطة بنا. فقد ورد في الروايات، لو أسأت الظن بسلامة بعض ما تأكله اقرأ سورة القدر و انفخ عليه ثم كله. يقال إن أحد علماء الفيزياء استطاع أخيرا أن يدوّن هذه التغييرات التي تطرأ على الطعام نتيجة قراءة هذه الاذكار عليه. فمن حيث أنّ بين الجسم والروح علاقة متقابله فأعمالنا مؤثرة على أرواحنا. فالحسد مثلا رذيلة نفسانية وهو ايضا من الصفات التي تؤذي الجسد جدّا. او أن صلاة الليل تنوّر الوجه. فهذه من المسائل التي لا يعتريها أي شك ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام. هذه الأبحاث مقدمة للقول بأنّ تسلق الجبال[1] و الحضور في هذه المجالس الروحيه والصميمية والسعي للوصول إليها لها الأثر البالغ على رشد عقل الإنسان ويوجد أرضية روحية مساعدة جدّا عند الإنسان تؤهله للعبادة، ويحرم منها من لم تكن عنده هذه الروحية ولم يكن حاضرا لتحمل تعب هذا الصعود. كلنا نذعن بأن قيام الليل ليس بالعمل السهل. بيد أن الإنسان لو تحمل هذا القيام الصعب وأجهد نفسه به سيترك آثارا مفيده جدّا على روحه. وبطبيعة الحال ليس هناك علاقة وارتباط بين الآثار الإيجابيه على الروح والتثقيل على البدن وإرهاقه. فقد يحصل الإنسان على هذه الآثار وبسهوله وبدون إرهاق للجسد. وقصة تعرّف المرحوم السيد هاشم الحداد عى أستاذه المرحوم السيد القاضي الطباطبائي نموذج بارز على ذلك .
فقد الّفت مؤلفات عديدة في وصف حالات المرحوم السيد هاشم الحداد ومعنوياته وكل ما عند هذا السيد هو من السيد القاضي الطباطبائي.
أما قصة تعرّفه على السيد القاضي ففي أحد الأيام يرى المرحوم السيد هاشم الحداد في طريقه السيد القاضي جالسا في أحد المقاهي، ولم يكن يعرفه بل رأى سيداً متوسط العمر جالسا بعمّته السوداء في المقهى. فتقدم نحوه قائلاً: "سيدي لماذا انت جالس هنا؟" فأجابه السيد القاضي: "جئت لأشرب شاياً، ففي بعض الأحيان عندما أذهب الى الحرم للزيارة، ينتابني الضعف ويتشتت فكري عن العبادة فآتي إلى هنا لأشرب فنجانا من الشاي، فأرتاح." فقال له السيد الحداد: "كلامي هو لماذا تجلس في المقهى؟ انا لاشأن لي بشربك للشاي." فقال له السيد القاضي متغاضياً: "في الحرم لا يقدموا لنا شاياً. جئت إلى هنا لأشرب الشاي. أتعلم، عندما كنا في طريق كربلاء من تبريز. كان مدير القافلة يهتم بالبغال أكثر من اهتمامه بنّا وكان يعطيها الأكل عند التوقف قبلنا وكان يقول لنا عند التوقف للاستراحة: اذهبوا وسأوافيكم بالطعام تباعا ثم يذهب ليطعم البغال، وكان يقول: هذه البهائم لا طاقة لها على الانتظار فهي التي تتجشّم حملنا فلابد من إطعامها أولا ثم يبدأ بتقديم طعامنا، ثم أضاف السيد القاضي قائلاً:"معدتنا بمثابة المركب لنا.
يتبع إن شاء الله...
[1].هذه المحاضرة ضمن مجموعة من المحاضرات ألقيت على ربوة نور الشهداء في شمال طهران وهي منطقة دفن فيها مجموعة من الشهداء مجهولي الهوية قد استشهدوا في الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية.
هناك تأثير وتأثر متقابل بين الروح والجسد فحال اجسامنا مؤثر على ارواحنا وفكرنا. فالأطعمة ذات الطبع البارد تؤثر على أرواحنا بحيث نبرد عندها أمام كثير من الأمور. والعكس هو الصحيح فمن ياكل الأطعمة ذات الطبيعة الحارّة يشعر بحراره تجاه كثير من المسائل حتى يؤدي به الأمر الى ازدياد أمله بحياته ومستقبله. ففي الحقيقة إن مسألة تأثير المناهج الغذائية على الروح والفكر والعواطف الإنسانية، بحث عميق جدا. حوالي 90% من نسائنا اليوم لايعلمن شيئا عن هذه المسائل، في حين كان من المفروض إدراج بعض الأطعمة التي تساعد على سلامة جسم أفراد الأسرة وروحهم في برنامجها الغذائي. فحتى في الطب القديم هناك اختلاف بين البرامج الغذائية للرجل و المرأة حسب الاقتضاءات الروحية لهما، فعلى سبيل المثال ورد في بعض الروايات أن بعض أنواع الخضروات يتحتم على الرجل أكلها أكثر من المرأة وعلى العكس … ولو فتشنا عن الدليل لهذه الأوامر نهتدي إلى الحكمة العظيمة التي تقف خلفها، ولو عملنا بها كم سيكون لها من الأثر على سلامة أرواحنا وأجسامنا. فعلى سبيل المثال عندما يقال أن أكل لحم الخنزير حرام، تصل النوبة مباشرة إلى الكلام عن ثأثيره الروحي على الإنسان إذ يؤدي بأكله إلى أن يصبح عديم الغيرة. فتأثير الأطعمة والأغذية على أفكار البشر وعواطفهم هو نفس العلاقة المتقابلة بين الروح والجسد. فمن أجل درك المواهب المعنويه ونيلها لابد للإنسان أن يقلّل من طعامه ومنامه. فقد جاء في الروايات أن الجوع يورث الإخلاص والحكمة. حتى ورد في الروايات بأن المرء لو استطاع أن يعرف ساعة موته فليسع لأن يموت جائعا.
ينقل الشيخ علي ابن الشيخ بهجت(ره) بأن أباه لم يكن يأكل شيئا إلا القليل القليل في الأسبوع الأخير من عمره.
(قيام الليل عمل ليس بالسهل)
عندما يبتلى المرء ببعض المشاكل ويتألم روحيا بسببها. تترك هذه الآلام الروحية اثرا على جسده. فمن المسلمات الروائية عندنا أن بعض الأذكار أو النوايا الخالصة يمكنها أن تقضي على أثر سوء التغذية. فهذه النية وهذا الذكر له أثر على الأمور المادية المحاطة بنا. فقد ورد في الروايات، لو أسأت الظن بسلامة بعض ما تأكله اقرأ سورة القدر و انفخ عليه ثم كله. يقال إن أحد علماء الفيزياء استطاع أخيرا أن يدوّن هذه التغييرات التي تطرأ على الطعام نتيجة قراءة هذه الاذكار عليه. فمن حيث أنّ بين الجسم والروح علاقة متقابله فأعمالنا مؤثرة على أرواحنا. فالحسد مثلا رذيلة نفسانية وهو ايضا من الصفات التي تؤذي الجسد جدّا. او أن صلاة الليل تنوّر الوجه. فهذه من المسائل التي لا يعتريها أي شك ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام. هذه الأبحاث مقدمة للقول بأنّ تسلق الجبال[1] و الحضور في هذه المجالس الروحيه والصميمية والسعي للوصول إليها لها الأثر البالغ على رشد عقل الإنسان ويوجد أرضية روحية مساعدة جدّا عند الإنسان تؤهله للعبادة، ويحرم منها من لم تكن عنده هذه الروحية ولم يكن حاضرا لتحمل تعب هذا الصعود. كلنا نذعن بأن قيام الليل ليس بالعمل السهل. بيد أن الإنسان لو تحمل هذا القيام الصعب وأجهد نفسه به سيترك آثارا مفيده جدّا على روحه. وبطبيعة الحال ليس هناك علاقة وارتباط بين الآثار الإيجابيه على الروح والتثقيل على البدن وإرهاقه. فقد يحصل الإنسان على هذه الآثار وبسهوله وبدون إرهاق للجسد. وقصة تعرّف المرحوم السيد هاشم الحداد عى أستاذه المرحوم السيد القاضي الطباطبائي نموذج بارز على ذلك .
فقد الّفت مؤلفات عديدة في وصف حالات المرحوم السيد هاشم الحداد ومعنوياته وكل ما عند هذا السيد هو من السيد القاضي الطباطبائي.
أما قصة تعرّفه على السيد القاضي ففي أحد الأيام يرى المرحوم السيد هاشم الحداد في طريقه السيد القاضي جالسا في أحد المقاهي، ولم يكن يعرفه بل رأى سيداً متوسط العمر جالسا بعمّته السوداء في المقهى. فتقدم نحوه قائلاً: "سيدي لماذا انت جالس هنا؟" فأجابه السيد القاضي: "جئت لأشرب شاياً، ففي بعض الأحيان عندما أذهب الى الحرم للزيارة، ينتابني الضعف ويتشتت فكري عن العبادة فآتي إلى هنا لأشرب فنجانا من الشاي، فأرتاح." فقال له السيد الحداد: "كلامي هو لماذا تجلس في المقهى؟ انا لاشأن لي بشربك للشاي." فقال له السيد القاضي متغاضياً: "في الحرم لا يقدموا لنا شاياً. جئت إلى هنا لأشرب الشاي. أتعلم، عندما كنا في طريق كربلاء من تبريز. كان مدير القافلة يهتم بالبغال أكثر من اهتمامه بنّا وكان يعطيها الأكل عند التوقف قبلنا وكان يقول لنا عند التوقف للاستراحة: اذهبوا وسأوافيكم بالطعام تباعا ثم يذهب ليطعم البغال، وكان يقول: هذه البهائم لا طاقة لها على الانتظار فهي التي تتجشّم حملنا فلابد من إطعامها أولا ثم يبدأ بتقديم طعامنا، ثم أضاف السيد القاضي قائلاً:"معدتنا بمثابة المركب لنا.
يتبع إن شاء الله...
[1].هذه المحاضرة ضمن مجموعة من المحاضرات ألقيت على ربوة نور الشهداء في شمال طهران وهي منطقة دفن فيها مجموعة من الشهداء مجهولي الهوية قد استشهدوا في الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية.